-1-
نغرق في حالة من التشوه والتشويه، فلا نحن نحن، ولا صيفنا صيف، ولا شتاؤنا شتاء، ولا ثوراتنا ثورات، ولا إصلاحنا إصلاح، ولا انقلاباتنا انقلابات، ولا دساتيرنا دساتير، ولا حرياتنا حريات، ولا أحزابنا أحزاب، كأننا في صدد إعادة تعريف الأشياء والمصطلحات والمفاهيم، بل إننا نشعر أحيانًا أننا نعيش في شهر أو أسبوع ما عاشته البشرية في حقب تاريخية ممتدة، فنحن في يوم نعيش العصر الحجري، وفي يوم آخر عصر الإنسان الأول ساكن الكهوف، وفي يوم آخر عصر ثورة الاتصالات والانفجار المعرفي، وفجأة نعود إلى عصر آخر، لا ينتمي إلى أي من العصور التي عرفها الإنسان، فهو خليط من كل الحقب التاريخية، جوع وفقر وقصف ومذابح، ومحاكم تفتيش، وإعدامات ميدانية، وتشدقات ديمقراطية، وحريات مخلوطة بماء العبودية، وكذب بلا حساب!
-2-
نتوق كأي «بني آدميين» إلى استنشاق أنفاس الكستناء إذ تهب مبكرًا، ونحن في مزاج مستقر رائق، نستشعر حلاوة النظر إلى الأفق، لحظة شفق ما، أو خوض مغامرة صبيانية على دراجة هوائية في غابة ما، بصحبة ممتعة، أو استلقاء هادىء متثائب على شاطىء كسول، أو عزلة شاعرية في بيت ريفي، يخلو من أي وسيلة اتصال حديثة، نتوق كأي بشر إلى لحظة يروق فيها ماؤنا العكر، فتستقر الشوائب في القعر، فلا نجد تلك اللحظة إلا في أحلام، تقطعها كوابيس ومطاردات وهمية تنهكنا فتتعرق أجسادنا وتكاد تتفتت عضلاتنا ونحن مستلقون في أسرتنا!
-3-
خيانة المثقف خيانة مغلظة، فهو المفترض أن يكون منارة للآخرين، وصانعا للرأي العام، الصمت هنا خيانة، النفاق جريمة، المثقف الجبان، الذي يخذل زميله، ويبرر قتله، مكانه حاوية الزبالة، لا صفحات الكتب!
-4-
"اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي"
كان هذا دعاء سعيد بن جبير على قاتله الحجاج، وفعلا مات الحجاج دون أن يقتل أحدا من بعد سعيد بن جبير!!
إنها دعوة المظلوم التي لا يوجد بينها وبين الله حجاب!
خارج النص:
- مسافة الأمان ليست ضرورية في قيادة السيارات فقط،
بل في كل علاقاتنا مع البشر، كي لا يحصل الاصطدام عند التوقف المفاجىء!
- يقول جبران: لا تخسر نفسك وأنت تحاول الحفاظ على شخص لا يهتم بفقدانك…!