facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




النظام الليبرالي العالمي


د. سامي الرشيد
20-10-2018 01:38 PM

قال فولتير الفيلسوف والكاتب الفرنسي ،أن الامبراطورية الرومانية المقدسة لم تعد امبراطورية رومانية المضمحلة مقدسة ولا امبراطورية،واليوم بعد مرور قرنين ونصف من الزمن ،ان النظام العالمي الليبرالي المضمحل لم يعد ليبراليا ولا عالميا ولا نظاما.

أنشئت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال العمل الوثيق مع بريطانيا ودول اخرى ،النظام العالمي الليبرالي في أعقاب الحرب العالمية الثانية ،وكان العرف ضمان عدم عودة الظروف التي أفضت الى نشوب حربين عالميتين في غضون ثلاثين عاما الى النشوء مرة أخرى أبدا .

لتحقيق هذه الغاية شرعت الدول الديموقراطية لأنشاء نظام دولي يتسم بالليبرالية في استناده الى حكم القانون واحترام سيادة الدول وسيادة أراضيها ،وكان المفترض ان تحظى حقوق الانسان بالحماية وكان كل هذا ليطبق على الارض بأسرها ،وفي الوقت نفسه كانت المشاركة مفتوحة وطوعية للجميع ،وبنيت المؤسسات لتعزيز السلام ( الأمم المتحدة )والتنمية الاقتصادية (البنك الدولي ) والتجارة والاستثمار (صندوق النقد الدولي ) وما أصبح بعد سنوات منظمة التجارة العالمية .

كان كل هذا وأكثر مدعوما بالقوة الأقتصادية والعسكرية التي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية وشبكة من التحالفات عبر اوروبا وآسيا والاسلحة النووية التي خدمت كونها رادعا للعدوان ،وعلى هذا فان النظام العالمي الليبرالي لم يكن قائما على المثاليات التي تعتنقها الديموقراطية فحسب ،بل وأيضا على القوة الصارمة ،ولم يفت اي من هذا على الاتحاد السوفياتي الذي لم يكن ليبيراليا بكل تأكيد،والذي كان تصوره مختلفا بشكل جوهري لما ينبغي أن يشكل النظام في أوروبا ومختلف أنحاء العالم .

مع نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي ،بدأ النظام العالمي الليبرالي أكثرقوة من اي وقت مضى ،ولكن اليوم بعد مرور ربع قرن من الزمن ،أصبح مستقبل النظام موضع شك ،والواقع ان عناصره الثلاث ،الليبراليه، العالميه، والحفاظ على النظام نفسه ،يواجه اليوم تحديات لم يسبق لها مثيل في تاريخه الممتد طوال سبعين عاما .

فالليبرالية الآن في تقهقر وتستشعر الديموقراطيات التأثيريات المترتبة على النزعة الشعوبية المتنامية .

من ناحية أخرى يعود الآن تنافس القوى العظمى ،فها هي روسيا متهمة بانتهاك أبسط معايير العلاقات الدولية ،عندما استخدمت القوة المسلحة لتغيير الحدود في أوروبا وانتهاك سيادة الولايات المتحدة الامريكية من خلال الجهود التي بذلتها للتأثير على انتخابات عام 2016وأستهزأت كوريا الشمالية بالاجماع الدولي القوي ضد انتشار الاسلحة النووية ،ووقف العالم موقف المتفرج ازاء الكوابيس الانسانية في سوريا .

بيد ان اضعاف النظام العالمي الليبرالي يرجع في المقام الاول الى تغيير موقف الولايات المتحدة حيث قررت الولايات المتحدة عدم الانضمام الى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ،والانسحاب من اتفاق باريس للمناخ ،كما هددت بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لامريكا الشمالية،والاتفاق النووي مع ايران ،وفرضت الولايات المتحدة من جانبها جمارك الصلب والالمنيوم ويصبح العالم عر ضة لحرب تجارية.

ردا على الجمارك الامريكية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين لمادتي الصلب والالمنيوم ،قامت الصين بفرض رسوم جمركية على 5200مادة من انواع البضائع الامريكية ،وكانت ارباح المصانع الامريكية لهذه المواد 720مليار دولار سنويا،وستقفل الصين ايضا كل انواع السيارات الامريكية ومعامل جنرال اليكتريك في الصين ،وتستعيد 3تريليون سندات خزينة امريكية ،وقاطعت ايضا شركات الشحن الا مريكية ،والغت بناء أكبر جسر بحري بين هونج كونج وولاية ماشيتاس الصين ،التي التزمتها شركة امريكية ،وقررت الاستنعانة بشركات فرنسية وصيبنية لاكمال الجسر الذي كلفته 110مليار دولار.

ستبدأ الصين باستبراد بضائعها من اوروبا الغربية ،خاصة المانيا واسبانيا وايطاليا وفرنسا والدنمارك وهولندا بأسعار ارخص من البضائع الا مريكية ،وفتحت معامل لشركات مرسيدس،وبي ام دابليو ونيسان اليابانية بعد ان قررت اغلاق المعامل الامريكية.

لكن الصين تحاول توسيع سيطرتها على افريقيا،وتحاول السيطرة على الميناء الرئيسي في جيبوتي ،وقد وقعت ايضا جيبوتي اتفاقية لتوسيع الميناء الى شركة سنغافورية ،الميناء مهم ليس انه فقط مجاور للقاعدة العسكرية الصينية الوحيدة في الخارج،ولكنه يمثل نقطة عبور رئيسية بالنسبة للقواعد الامريكية والفرنسية والايطالية واليابانية الموجودة في جيبوتي ،ويستخدم من قبل قطاعات من الجيش الامريكي تعمل في افريقيا والشرق الاوسط وغيرهما.

الآن يقرر الجيش الامريكي بكل صراحة انه اذا ظفرت الصين بالسيطرة على هذا الميناء ،فان مصالح الامن القومي الامريكي في خطر.

ففي هذه الاثناء ،فان جيبوتي تزداد قربا من الصين وتزداد المديونية لها ،حيث اصبحت 1,2مليار دولار .

نعود بالذاكرة الى سني التسعينات من القرن الماضي ،حيث بدأ انهيار الاتحاد السوفياتي ،وقفز مؤشر داو جونز للشركات الصناعية ،متجاوزا حاجز العشرة آلاف نقطة ،وفي تلك الأثناء ايضا غادرت العراق الكويت بعد احتلالها ،وتم الاعلان عن قيام منظمة التجارة العالمية ،وتوسيع حلف شمال الاطلسي –الناتو –بضمه دولا من حلف وارسو ،وتم تدشين محرك بحث الانترنت – جوجل-.

أما الثورة الر قمية فقد منحت فرصة للمتباعدين جسديا من ابناء العائلة الواحدة ،ان ينشئوا صفحة على اي من مواقع التواصل الاجتماعي ،أو غرفة للدردشة يتبادلون فيها الحديث ،بما يزيد من روابطهم ،فان الجالسين معا ربما في حجرة واحدة ،ينشغل كل واحد بهاتفه أو حاسوبه وقد أعطى ظهره للآخر .

ان هناك نقاشا علميا يتعمق حول دور الحديث والحداثة في تفكيك او تحلل البنية الاجتماعية التقليدية ،عبر تغيير أنماط القيم السائدة في بعض المجتمعات المغلقة والمعزولة،التي يتم الألقاء بها فجأة في نهر العولمة الدافق.

لكن المحبين للهوية والخصوصية بدأوا يتذمرون أن مواطن تميزهم وموروثهم الحضاري والثقافي في خطر داهم .

د.المهندس سامي الرشيد
Dr.sami.alrashid@ gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :