«اللامركزية» مجالس بلا صلاحيات
نبيل غيشان
18-10-2018 11:48 PM
مرت أكثر من سنة على انتخابات مجالس المحافظات وما يزال السؤال مطروحا حول مصير هذه التجربة، هل أثرت في
مستوى التنمية في المحافظات؟ هل غيرت في واقع الخدمات للناس؟ هل أنتجت وحدات تنموية في مراكز المحافظات؟ هل نستمر في المشروع؟ هل يمكن تطويره او وأده؟ أين يكمن الخلل في القانون أم في التطبيق؟
وقد جاء الجواب أول أمس على لسان جلالة الملك خلال استقباله رؤساء مجالس المحافظات، مؤكدا على ضرورة تطوير مشروع اللامركزية وإجراء تقييم شامل لتعزيز الايجابيات وتجاوز المعيقات التي تواجه تلك التجربة.
وابلغ جلالته رؤساء المجالس إن الهدف من اللامركزية هو إعطاء دور اكبر للمواطن في صنع القرار التنموي وتحسين الخدمات وتوزيع مكاسب التنمية بعدالة. نعم هناك حالة إحباط لدى أعضاء مجالس المحافظات ال 270 لان الواقع غير الآمال، لكن لا يمكن القول بأنها تجربة فاشلة. هي للان ما زالت غير ناجحة، ولم تنتج شيئا، فالقانون الذي يحكم مشروع اللامركزية جاء فارغا، لا بل حافظ على المركزية الشديدة، ولم يعط المجالس الجديدة شيئا.
وبعد انتخابهم غاص أعضاء مجالس المحافظات بحثا عن مكان يجتمعون فيه وعن آليات ووسائل لمساعدتهم في إتمام واجباتهم، ووجدوا أن مهماتهم محصورة في إقرار مشاريع موازنات المحافظات وهي تأتيهم جاهزة من المركز، وان لا مجال للاجتهاد والإبداع.
ورافق البدايات مخاوف شعبية من اصطدام مجالس المحافظات مع ممثليهم في مجلس النواب، لان الفكرة السائدة أن مجالس اللامركزية ستكون عبارة عن برلمان داخل المحافظة يدير كل صغيرة وكبيرة في أمور التنمية والخدمات المقدمة للناس وخاصة التعليم والصحة والنقل.
بعض الناس اعتقد بان مجالس المحافظات ستتولى الخدمات العامة التي يبحث عنها الناس، فيما يتفرغ أعضاء مجلس النواب لمهمتي الرقابة والتشريع.
أثبتت السنة الأولى من التجربة العكس تماما، حيث لم يصطدم المجلسان ولم يخفف وجود مجالس المحافظات من
مطالب المواطنين من نوابهم بتقديم الخدمات الشخصية لهم.
لان مهام وأعمال مجلس النواب تختلف تماما عن مهام مجالس المحافظات، فالنواب مهماتهم تنحصر في التشريع ووضع القوانين التي تنظم عمل الدولة بالإضافة الى الرقابة على أعمال الحكومة، لكن مجالس اللامركزية تهتم بداخل المحافظة وإقرار موازنته السنوية ومتابعة تطبيق المشاريع. وبقي النواب على خدماتهم للناس لأنهم على تماس مع الحكومة ووزرائها وصوتهم مسموع في الدوائر الرسمية.
اليوم التجربة أمامنا ما زالت فقيرة وبدون نتائج مهمة، ونحن بحاجة الى تقييم التجربة ومدى استفادة الأردنيين منها. وهل بالفعل عملت على التخفيف من مركزية القرارات في العاصمة عمان؟ هل القانون بصيغته الحالية يخدم التجربة؟
لا يوجد تقصير من مجالس المحافظات، والتجربة لم تفشل، لكنها بحاجة الى تطوير وتحسين، بهدف توسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار وتوزيع سلطة اتخاذ القرارات، وتعميم مكاسب التنمية بعدالة على الأطراف.
الكل يجمع أن قانون مجالس المحافظات بحاجة الى تعديل من اجل إعطاء صلاحيات أكثر للمجالس المنتخبة وتمكينها من آليات عمل واضحة ومحددة ووضع كوادر متخصصة للمساعدة في إتمام المهام وإطلاق يدها في رسم الموازنات السنوية وتحديد الأولويات، وكذلك رفع قيمة العطاءات المسموح للمجالس إحالتها دون المرور على لجان العطاءات المركزية.
بصراحة تامة، جئنا بمشروع اللامركزية وما يزال القرار مركزيا في عمان ولم تنقل او تفوض صلاحيات الوزراء لمدراء الدوائر في المحافظات وهنا مربط الفرس.
(الرأي)