لم يمض عامان على فوز مدينة البتراء الوردية بالمرتبة الثانية في عجائب الدنيا السبع الجديدة, ولم تمض ايام قليلة على التقرير الاحصائي الذي صدر مؤخرا والذي يشير الى انخفاض كبير جدا بعدد السياح الذين يرتادون هذه المدينة العجيبة قياسا مع اعدادهم قبل ان تتوج بالفوز.

امر يثير الاستغراب والاستهجان ان تعاني البتراء من القطيعة والهجر.. ان تتحول من مقام ملكة الشرق الى موقع اثري من الدرجة العاشرة لا يرتاده سوى العابرين من الطريق الملوكي الذي يخترق الصحراء, ان تذرو حبيبات الصحراء واجهة الخزنة العجيبة من دون ان يرفع احد منا راية الفوز والفرح من فوق بنيانها الشامخ.

من هو المسؤول عن تراجع ثروتنا السياحية, ومن هو الذي لا تعنيه البتراء كمعلم سياحي وحضاري في العالم, ومن ذا الذي لا يعلم ان البتراء تفوقت على برج ايفل وتاج محل وقاربت ان تتفوق على سور الصين العظيم?.

ثمة اسئلة كثيرة تدور في ذهني وانا اشعر بالالم عندما تتحول البتراء الى (خربة) - لا سمح الله - ثمة علامات استفهام تراودني وانا انظر صوب البتراء التي احتفلنا بعرسها قبل عامين وهي تعاني الآن من قلة الحاجين اليها في حين غناها الكثيرون في مسارح اوروبا وكتب عنها المستشرقون والباحثون في كل الدّنيا.

لا احد يكره ان يزور البتراء, ولا احد ينكر سحر البتراء, ولكن يحتاج كل سائح في العالم ان يجد في قائمة رحلاته الى الشرق اسم البتراء, ويعرف ما الذي تغير بعد ان اصبحت عجيبة من عجائب الدنيا.

اعتقد ان التقصير واضح تجاه البتراء وكل معالمنا السياحية, حيث تراجعت وتيرة الترويج السياحي واصبحت مجرد حبر على ورق, اذ لا توجد هناك حملات ترويجية منذ عامين تستحق ان يشار اليها بانها حملات تهدف الى ترويج الاردن سياحيا, حتى ان المهرجانات الفنية التي كانت تقام في المعالم الاثرية والسياحية الاردنية تم وأدها وتحويلها الى احتفاليات تجارية هشة.

انني أتساءل ما الذي فعلته مؤسساتنا المعنية بالتنشيط السياحي تجاه البتراء منذ فوزها قبل عامين, هل روجت لها عالميا.. هل اقامت مهرجانات عالمية ذات قيمة في اروقتها وبين ثنايا سيقها الشهير.. هل نجحت في جذب ملايين السياح لزيارتها وتقديم وتطوير الخدمات التي تقدم لهم هناك, هل سعت لاقناع مؤسسات الانتاج السينمائي في هوليوود او حتى في القاهرة لتصوير مشاهد من افلامها في البتراء.. هل فعلت اكثر مما انفقت من اموال في اقامة الولائم بعيدا عن البتراء وتخصيص مكافآت لمن لا يقدمون ولا يؤخرون شيئا?

الغريب في الامر ان الحكومة قررت ان يكون موعد انطلاق فعاليات مهرجان الاردن لهذا العام في موعد فوز مدينة البتراء نفسه بمسابقة عجائب الدنيا الجديدة اي من السابع من شهر تموز المقبل.. وان يصدر التقرير في اليوم نفسه بتراجع عدد الزائرين الى البتراء, والا نجد هناك من يقول لعيناك يا بتراء.

عفوا ايتها العجيبة العزيزة على قلوبنا.. فلقد قصرنا تجاهك, ولكن لا بد ان يعود اليك الق الحياة والفرح.

العرب اليوم.