عندما تصاب الحناجر بصدأ "الطناجر " وتتأكسد الذائقة الوطنية ، وتصبح القضية الفريدة ومعركة الوطن الوحيدة هي " معركة أم الملاعق " فقط ، عندما تتناسل الوظائف والمكاسب وتتوارث الكراسي والمناصب ، عندما تحتار الحكومات كيف تفصل المؤسسات طبقا لمواصفات أبناء الذوات .. عندما يحرم مجموعة من طلاب العلم امتحان الثانوية لأنهم " غشوا " ثم يطردوا .. ويكرّم مجموعة من طـُلاّب المصلحة الذين ولغوا في الشروع في الكسب غير المشروع .. ثم غشوا ثم خانوا ثم أداروا ظهورهم ومؤخراتهم لنا جميعا دون ان يطردوا .. فماذا عسانا نقول سوى : أعظم الله أجركم .
عندما ترتد السيوف المدافعة الى الصدور الحانية والأحضان اليافعة .. حينما يبصقون في صحون لم يرفعوا أيديهم عنها حتى .. حينما يعض "الولد " يد أبيه وثدي أمه .. عندما تلد الأبنة " طفلا " غير شرعي ، ولا أحد يسأل عن أبيه و الى أين مصيره فتلك حالة لا نملك كلاما لوصفها سوى : أعظم الله أجركم
عندما يتصدر " الولدان " صفحات صحف الحائط و " مخطوطات الجدران " .. ويعتلي منبر خطبة الجمعة ابو النواس السكران ، ليعظ الناس ويعلمهم غسل الجنابة وأحكام الوضوء ومواقيت الصلاة وكيف يرفع الآذان .. والأئمة الأتقياء المخلصون المختصون يصمتون خوفا من القضبان .. فماذا ستقولون لنا سوى : أعظم الله أجركم
عندما تكون البطاقة البنكية هي معيار خيارك الوطني ورقمها السري هو رقم مقعدك في صالة الوطن .. عندما تكون بوصلة انتماء البعض وولاء البعض و رضى البعض هي المكافأة الوظيفية والعطايا الحكومية ، والامتيازات غير الشرعية .. ويصبح مبدأ البعض هو مبدأ البعوض امتصاصي بامتياز ، يمتص دم الوطن ودم المواطن ، دون ان يعطيك تعريفا لماهية الوطن أو هم المواطن .. فلا تلقوا أشعاركم على مسامعنا ، ولا تقرعوا طبولكم في مآتمنا .. بل قولوا : أعظم الله أجركم .
عندما يصاب بعض النواب باللوثة فيتحامقون ويتراعدون ، وتصاب الصحافة "بالخوثة" فيتدلى بطن أصحابها ويبطئون .. عندما تتلقف آذان الحكومة معلوماتها من أفواه الصبيان ، وتنتعش مجالس النم ّ ورسائل الذمّ .. ويتطاول الفاسد على العابد .. و يـُدافع عن الجاهل ، و يقمع العاقل .. عندما يشتم "علي " حتى يرضى " يزيد " وتموت آلاف الألسن حتى تندن حسناء القوم ، وتعَرى الفاضلات المفضلّات ليمنح القماش المزركش للأفعى ذات اللون الأرقش .. عندما تظمأ الأكباد ويعطش العباد كي يسبح الأوغاد في برك من الشفاه ، وأجساد العراة .. عندما تغلق في وجوه أصحاب الحاجة الأبواب .. وتفتح لأصحاب السحَر ، ومقاعد السهر ، وجلسات الصخب والعهر .. فلا تبحثوا عن كلام .. قولوا : أعظم الله أجركم
عندما يصاب آلاف الأطفال بفقر الدم ، ويصاب أهليهم بالأمراض المزمنة والهم .. وتمتلئ نفوسهم بالغم .. ويصيب أبناءهم مرض تبسط الأقدام والمشي وهم نيام جراء انتعالهم لأحذية بلاستيكية يقفون بها في طابور المدارس الحكومية لينشدوا للعلم ، ويعودوا "كتائب " تقاوم الجوع وتتحدى الفقر والركوع وينبتون صخورا سوداء عصية على " شلل الزعران " وأذرع الأعداء .. ينبتون زهرة وطنية تسمى " السوسنة السوداء " عيونهم للسماء وجباههم تسجد على الرمضاء .. لا يستخدمون كريمات التجميل ولا يرتادون صالونات النساء .. لم يدرسوا أبناؤهم في " لندن " ولا في جامعات " الأنكل سام " على حساب ملايين الفقراء .. زرعوا في ماضينا البلاء،ولا زلنا نحصد في حاضرهم البلاء
ثم نضطر غير آسفين الى الوقوف بكل إباء ، كأننا الصخرة الصماء ، لنترك لموكب الحافلات ومركبات الوزراء كي يدخلن عبر بوابات المدارس التي لا يشدوا فيها الطلبة الأعزاء .. لا للعَلم .. ولا لوطن الآباء .. ولم لا .. فآباءهم لم يتخرجوا من كلية الشهيد فيصل ولا أكلوا " فلقة " من مدير "مدرسة السلط " البلقاء الغرّاء .. لم يدافع " باباواتهم " عن تراب الأردن يوما .. ولم يخضبوا تراب فلسطين يوما بالدماء.. ولو استطاعوا لخصخصوا القدس الشريف وباعوه للغرباء .
لم يدافعوا يوما عن النشميات الماجدات ، لم يستبسلوا يوما ك " أعراب الجاهلية مثلا " دفاعا عن النساء .. بل هم اليوم يختبئون وراء النساء .. هن الحاميات لهم ، وهن الرافعات اللواء .. ألف تحية لأمنا حواء .. ولتمت يا أقحوان بلادنا الجدباء .. أعظم الله أجرنا يا ثلة الجبناء !
حينما نسمي الأشياء بغير أسماءها .. حينما تصمت الأمة أمام "الغولة " التي أكلت أبناءها .. حينما تصمت عندما تتعاطى المخدرات نساءها ، ويأتي السائح الأسود لينثر دراهمه البيض في المراقص فوق رؤوس فتياتها .. عندما تعرض العرائس على الطبيب قبل زواجها لإثبات عذريتها .. ثم لا يعرض "العرسان " ولا ابن عرس على طبيب ولا حبيب ، ليثبت عذريته .. فيا " لخزوتها " من أمة .
عندما يموت ثلاثة أرباع عائلاتها إذا جف البحر ولم تأتي سفن الطحين الأمريكي ، وتغلق مخابزها .. فلا قمح في بلادي يطحنه شبابها .. ولا عجين فتخبزه بناتها .. عندما يضرب رجالات البلد أخماسها بأسداسها .. فلا قول جميل إلا : أعظم الله أجركم .
عندما يضطر الكاتب الى الارتحال رحلة " مجلان " عبر رأس الرجاء الصالح ، ليوصل نداء عجائز أربد والكرك ومعان الى السادة المسؤولين في عمان .. عندما يمد الفأر رجله ليحذي مع الخيل .. عندما يسهر الفأر في نادي السباع .. عندما تسطو على أموال موظفينا ومتقاعدينا وآلاف العائلات في قرانا وبوادينا مجموعة من ضباع .. ويهتكوا عرض قانون الضمان .. فحق للجائحين ان يغنوا مقطعا لأم كلثوم يقول : { قول للزمان .. ارجع يا زمان } .. أما نحن فسنقول إن هذا آخر الزمان .. وأعظم الله أجركم .
عندما تأبى علينا شهامتنا وعفتنا ورجولتنا اللاتي أورثننا دار البوار أن نناطح النباح بالصياح .. عندما نربأ بكم أن تقرأوا هنا ما لا يسرنا ولا يرضيكم .. عندما أضطر طوعا لا مكرها أن أقفز عن مواقع الوحل إكراما لقدمي ..
عندما "ينتخيني" الرجل العاقل والوطني الغيور باسم الأخوة أن لا نفتح نوافذنا لعواء الذئاب "الداشرة " .. وان لا تنتصر أفواهنا لما تلوثت به أسماعنا .. وان لا نجهل فوق جهل الجاهلين .. حينما نفتخر بأن نبقى في مجالس الكبار .. ونأخذ برأي الأخيار .. ونترك الصغار يتصارعون في الغبار .. فتلك ليست منة منا على أحد بل هي رسالة ليس فيها مقولة أعظم الله أجركم .. بل جملة واحدة سأختصر بها واقع حالنا هنا :
نحن كالوردة تعطر اليد التي تقطع أزهارها ، حتى وان أدمت أشواكها اليد التي تحاول كسر أغصانها .. حتى هنا نتوقف الى يوم قادم .. ومن لم يفهم ، فلا يسعنا سوى قول قلنا سابقا : أعظم الله أجرنا أيها البلهاء
Royal430@hotmail.com