الازمة المالية العالمية التي اشتعلت منتصف شهر ايلول الماضي تنامت تداعياتها جليا على الاقتصاد الاردني في الربع الاول من العام الحالي الذي حقق نموا نسبته 3.2 بالمئة مقارنة بالربع ذاته من عام ,2008 وقد تكون تلك اقل نسب نمو تحققت منذ عام .1998
تأثيرات الازمة على القطاعات الاقتصادية كانت متباينة من قطاع لآخر, فقد اظهرت بعض القطاعات الإنتاجية نمواً بينما أظهرت قطاعات اخرى تراجعا مقارنة بالربع الأول من عام .2008
وبحسب التقرير الرسمي الصادر عن دائرة الاحصاءات العامة تمكن قطاع الانشاءات من تحقيق أعلى نسبة نمو بلغت 30.5 بالمئة في الربع الاول من عام 2009 مقارنة بالفترة نفسها من عام ,2008 تلاه قطاع الزراعة والقنص والغابات وصيد الاسماك بنسبة نمو بلغت 19 بالمئة, ثم قطاع منتجي الخدمات الحكومية بنسبة نمو بلغت 8.9 بالمئة, ثم قطاع المياه والكهرباء بنسبة نمو بلغت 8.5 بالمئة. كما تمكن قطاع الصناعات التحويلية من تحقيق نمو في الربع الاول من عام 2009 نسبته 2.3 بالمئة, تلاه قطاع النقل والتخزين والاتصالات بنمو نسبته 2.1 بالمئة, ثم قطاع منتجي الخدمات الشخصية والاجتماعية بنسبة نمو 1.6 بالمئة.
يتضح من السابق ان القطاعات التي نمت هي التي تلقت دعما حكوميا مباشرا او غير مباشر, فالانشاءات جرى التركيز عليها من قبل الحكومة للسير بسرعة في تنفيذ ما هو مرصود في موازنة عام ,2009 وعدم تأجيل المشاريع, ناهيك ان البدء مبكرا في الموازنة ساهم في رفع نسبة الانجاز في القطاع.
كما ان قطاع الزراعة الذي تضاعفت ميزانيته اربعة اضعاف هذا العام حقق نموا ملحوظا, وذلك يأتي على خلفية ترجمة الحكومة للتوجيهات الملكية بجعل عام 2009 عام الزراعة.
أما القطاعات التي سجلت تراجعا في أدائها فهي قطاع الصناعات الاستخراجية الذي تراجع بنسبة بلغت 12 بالمئة وقطاع خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال بنسبة 1.2 بالمئة وقطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنسبة 0.5 بالمئة.
النسب السابقة مرآة حقيقية لمدى تداعيات الازمة المالية مباشرة على القطاعات الاقتصادية التي انكوت بسرعة مما حدث, فالصناعات الاستخراجية تراجعت بعد الهبوط الحاد في الطلب عليها خاصة من الاقتصاديات الواعدة مثل الهند والصين رغم تراجع اسعارها لاكثر من النصف.
اما انخفاض نمو قطاعات المال والعقار هو أمر منطقي للغاية, فالازمة المالية اساسها عقاري مصرفي مشترك, وكانت تداعيات الازمة مباشرة انها فرضت نمطا تشدديا اكثر من قبل البنوك في منح التسهيلات واعادة جدولة الديون وتفعيل التحصيلات, يقابله ركود كامل في عمليات الشراء والبيع العقاري على جميع مستوياته مع هبوط نسبي في الاسعار.
الحالة السابقة قد تمتد تداعياتها على القطاعات الاقتصادية في الربع الثاني الذي شارف على الانتها لكن بتداعيات سلبية اقل مما كانت عليه في الربع الاول, ويستند هذا المؤشر الايجابي على النمو الحاصل في التسهيلات المصرفية مع تراجع مواجهة الهبوط في التداول العقاري وفتح اسواق تصديرية جديدة وعودة التفاؤل في السوق المحلية, لكن في المحصلة تبقى مؤشرات النمو اقل من التوقعات الحكومية.0
salamah.darawi@gmail.com