خطاب العرش السامي هو خطة عمل الحكومة للمرحلة المقبلة لكنه في هذه المرة كان خطة لكل الأردن شعبا وحكومة ومؤسسات.
اللافت في الخطاب هو ما حمله من تعبيرات غاضبة وإن صيغت بهدوء حول قضايا ثلاث لم يعد السكوت عن معالجتها مقبولا وهي مهمة الحكومة أولا وأخيرا الذي لم يعد مقبولا منها الصمت والمرونة.
سيادة القانون والملك وهو يرى بنفسه الاختراقات التي تفقد هذه السيادة مفهوم العدالة لم يعد يقبل باستمرارها، أما الثانية فهي التشكيك بالإنجازات، فهذا البلد وما رسى عليه من استقرار وبنية تحتية لم تأت من فراغ، فهناك جهد مخلص وإن كانت هناك أخطاء لكنها لا تغطي شمس ما تم من بناء، أما الثالثة فهي نشر الإشاعة والاتهامات في موضوع الفساد من دون دليل مع أن دولة تتمتع بجهاز قضائي ومؤسسات لا تحتاج لأن تخوض حربا على الفساد المعروف أساليب وطرق علاجه وهي اتباع المؤسسية والقضاء العادل النزيه.
نعم الأوطان لا تبنى بالتشكيك وجلد الذات ولا بالنيل من الإنجازات أو إنكارها بل بالمعرفة والإرادة والعمل الجاد. وعدا ذلك فإن سمعة البلد ستتضرر فمن المستفيد؟
لقد آن الأوان لأن نقف بحسم في مواجهة هذه الأجواء الموبوءة، وقد كان السؤال دائما عن الأفراد أو الجهات التي تتكفل بترويج الشائعات وما إذا كان هناك جسم مؤسسي وراء كل هذا أو أنها قد أصبح لها جسم ومرجعية على فرض أنها بدأت واستمرت عفوية وغير منظمة لفترة من الوقت.
أسهل الشائعات التي يمكن مواجهتها هي تلك التي تتعلق بالاقتصاد فطرح رقم ومعلومة مقابل رقم ومعلومة تكفي لدحضها و لكن بالرغم من ذلك سيبقى التشكيك بمصداقية ما يطرح قائما، أما الشائعات السياسية فهي الأكثر صعوبة، لأن السياسي المسؤولية لها كلفة أما الشعبوية فلا تكلفة لها، ما سيحتاج الى المحاسبة.
الشائعة مثل كرة الثلج تتدحرج و يكبر حجمها، وتنتشر في ظل تضارب المعلومات، وضعف الثقة في المصادر الرسمية لكن السبب الأهم هو في أن معظم من يتداولها عن حسن نية لا يكلف نفسه عناء البحث والتحري أو حتى قراءة البيانات الرسمية والتفكير في فحواها بل يرفضها كليا.
مواجهة الشائعات مهمة لكن الاستجابة لها وضعف المسؤولين في مواجهتها والاختباء لا يدفعان الى التردد في اتخاذ القرار فحسب ولا في الدفاع عن البلد فقط بل في زيادتها واستقوائها وتحكمها بمصير القرارات، والمسؤول الضعيف في مواجهتها لا يستحق أن يبقى في مكانه.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي