اضاءات نقدية لديوان أمنيات مؤجلة
علي القيسي
14-10-2018 10:55 PM
أمنياتُ مؤجلة عنوان هذا الديوان الشعري والعتبة الأولى للدخول الى محراب الشعر وقداسته وجماله، فالشاعرة اختارت هذا العنوان ربما بعد تردد طويل ، وهذا هو حال الأدباء والشعراء عندما يصدرون مؤلفا جديدا ، يحتارون بتسميته واخيرا يختارون الاسم الذي يقتنعون به . فالعادة أن يتم اختياره من داخل المخطوط او الكتاب ولكن تفاحة بطارسه اختارته من خارج قصائدها الممتعة الموجودة في الديوان، وهذا شأنها وحريتها ،، وليس هذا موضوعنا في قراءة العنوان ،، وانما جئنا في هذه الأمسية العمانية اللطيفة وفي ظل هذه الخيمة المباركة، كي نحتفل ونحتفي باشهار هذا الديوان المتميز (أمنيات مؤجلة) جئت مهنئا ومباركا ومحتفلا وليس ناقدا او منتقدا ،، فالشاعرة تفاحة لم تترك ليّ مجالا للنقد ، فالديوان نابض بالحب والايمان الانساني الجميل،
قصائده سهلة الهضم ، والفهم ، والتأثير، هي من السهل الممتنع ، ولكنها صعبة على أي انسان لايمتلك أدواته الفنية والشعرية والاحساس المرهف، وصدق العاطفة والتجلّي . ليس من كتب الشعر أصبح شاعرا ، هناك شعر دون مشاعر واحاسيس، حتى ولو امتلك الوزن والقافية واللغة ، ومن هذا الشعر الكثير حدث ولا حرج،
قصائد الديوان أمنيات مؤجلة ( خمسون قصيدة) متنوعة ولكن جوهرها الحب، تُحلّق بنا تفاحة عاليا في سماء المدينة التي تحبها وتكتب قصائدها عنها تلكم عمان التي تهواها وتعشقها الشاعرة وتذكر ماضيها وتاريخها ومجدها وهضابها وجبالها تقول
عمانُ يانسراً تحلق في عيون الريح
فوق هضابنا
ياربةَ الأمجادِ والتاريخ
يانبع المكار
وتضيف ايضا:ياهامةً تصبو الى العلياءِ في زمن البطولةِ كالحمائمِ
وتميدُ فوق عروشها كمليكةٍ
تجثو لها كلُ العواصم
ياقامةً لاتنحني
إلاّ لرب الكونِ
في ثوب الخشوع الحر
فوق ذُرى العزائم
وعن الحب الذي يأخذ نصيب الأسد في حياتها واشعارها لاتستطيع العيش دون هذا الجميل الذي يسري في الأرواح خدرا لذيذا يُجمّل الحياة وينعش النفس ويبعث السعادة في القلوب ، وبدون هذا الحب فالحياة موشحة بالسواد والبؤس والشقاء
أيها الحبُ
لم نكن ندري بأنا
إن فقدنا الحُبَ
تغدو صفحةُ العمرِ
كتاباً أسودَ الوجهِ
يُسودُ اليأس
انغامَ سطُوره
تَصفِرُ الريحُ بحُلوِ العيشِ
تذروه غبارا يتلاشى
كسرابٍٍ يختفي
حال ظُهوره
أمنيات مؤجلة حديقةُ غناء وروض فيه من كل زهر وورد تتنقل في ربوعه اليانعة الخضراء ، حيث تسمع صدى الموسيقا في الأبيات والمفردات الشعرية ، تحاول الغناء وأنت تقرأ تلك السطور الشعرية الموسيقية ،، فالشاعرة كانت تكتب قصائدها وهي في حالة انسجام ورغبة وتجلي ، إذ اتقنت وتألقت وأبدعت وحصلت على جنىٍ طيب،
> > >
> > > عناوين كثيرة في صفحات هذا الديوان
> > > قصيدة وجه آخر ،تُعاتب وتسأل الزمان في حسرة وألم ولا تتوقف عن مناجاته ،
> > >
> > > يأيُها الزمان مابك ؟
> > > قتلت بسمةَ الصباح
> > > وانتزعتَ مولد الحلم
> > > وقد زرعتَ الوهمَ في فمِ النجوم
> > >
> > > وفي قصيدة أخافُ عليكَ
> > >
> > > تبوح الشاعرة بمكنونات نفسها وقلبها وتبدو الغَيرة واضحة ، والاحتفاظ بالحبيب والخوف عليه من كل شيء ،، خوف مبرر طالما هناك قصة حب وأشواق فهي تخاف عليه من نفسها ،ومن همسها ،ومن أشواقها واشعارها ومن لسعات اسفارها تقول:
أغارُ عليك من نفسي
ومن همسي
ومن لسعات اسفاري
ببحر الحب في عيوني
بقي أن أضيف أن الصورة الشعرية في هذا الديوان صورة جميلة فيها من الاكتمال وفيها من الجزئية ، وتعتمد هذه الصورة على الأدوات الفنية ، من مجازات وتشابيه واستعارات في معظم القصائد ،
وأما اللغة فهي لغة بسيطة مفهومة خفيفة على السمع ، ولكنها عميقة الدلالة ، يستسيغها المتلقي بسهولة وتعبر عن المعاني والأفكار دون عناء
ديوان أمنيات مؤجلة ديوان يستحق القراءة والتمتع والانسجام مع مفرداته وسطوره وابياته
وأخيرا اتمنى للشاعرة تفاحه بطارسه دوام التوفيق والنجاح في اصدارات شعرية ونثرية جديدة في قادم الأيام .