المخفي والواضح في تاريخ العلاقات الاردنية الفلسطينية
د.بكر خازر المجالي
14-10-2018 11:16 AM
في تناول العلاقات الاردنية الفلسطينية سنجد اننا في مسارين : مسار البناء ومسار الهدم ،ولكل خصائصه ومبرراته وهو ما يميز هذه العلاقة التاريخية ، التي تنصب فيها كل العلاقات العربية وتنعكس ايجابيات او سلبيات العلاقات العربية على العلاقة الاردنية الفلسطينية.
ولكن هناك مراحل زمنية سارت فيها هذه العلاقات خاصة ما بعد انتهاء الحكم العثماني في بلادنا ، وهناك تميز واضح في تلك العلاقات الطبيعية الاردنية الفلسطينية في الفترة من عام 1916 وحتى عام 1921 ، خاصة اننا هنا نتحدث ايضا عن مسارين هما المسار الرسمي والاخر المسار الشعبي ، وتميز المسار الرسمي بالدعم الكامل والوقوف الى جانب فلسطين كشعب وارض بكل القوى الممكنة ، ولكن المسار الرسمي كان يتأثر بالاتفاقيات والمعاهدات مع العلم ان القيادة الاردنية كانت باستمرار تدعم الجهود غير الرسمية من خلف ستار.
كانت حالة الوعي السياسي الاردنية متقدمة كثيرا عن الوضع الحالي ، وتحسب كل حساب للتهديدات والاخطار ، وتتحرك القوى الوطنية عبر التنظيمات الوطنية لنصرة الاشقاء الفلسطينيين .
فعلى سبيل المثال من منا يعلم بقيام مظاهرات صاخبة في الاردن ضد اصدار الجنيه الفلسطيني عام 1928 ، كانت المظاهرات بسبب ان الجنيه الفلسطيني حمل ثلاث لغات ،العربية والانجليزية واللغة الثالثة اللغة العبرية مع شعار عبري معناه (ارض اسرائيل ) ،ومن جهة اخرى كيف كان الموقف الاردني من اعدام شهداء عكا عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم ،وسارت مظاهرات في كل انحاء الاردن ووضع الجميع الشارة السوداء على صدورهم وطالب المجلس التشريعي بمحاولة حث بريطانيا لاصدار عفو عنهم.
وكانت مظاهرات ضد وعد بلفور ،وضد قرارات سان ريمو وغيرها ،وتواصل الوعي الاردني في الاشتراك فعليا في حرب فلسطين 48 ليس من خلال جيشنا العربي الاردني بل من خلال العشائر الاردنية التي شكلت تنظيمات قاتلت في فلسطين وقدمت الشهداء.
وكان الدور الاردني مميزا في نصرة فلسطين واعمار مقدساتها ،وتنمية وتطوير كل مدنها وقراها ،خلال فترة الادارة الاردنية من عام 1950 الى عام 1967 ، اضافة للانتصار السياسي لفلسطين في كل المحافل الدولية.
توجد تفصيلات كثيرة عن المؤتمرات الوطنية والجهود الدولية ، وحتى الوقت الراهن من خلال دور جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في المحافل الدولية والصحافة العالمية ، والاستمرار في الرعاية الهاشمية للقدس والاقصى والمقدسات.
في دراسة العلاقات الاردنية لا بد من الوقوف عند منعطفات صعبة في تاريخ الاردن خاصة الاغتيالات للشهداء الملك المؤسس عبدالله الاول وهزاع المجالي ووصفي التل ،ومحاولات اغتيال الملك الحسين طيب الله ثراه ،او ما جرى في معركة الكرامة والتزوير التاريخي الخارجي لحقيقتها ، وحقيقة احداث ايلول المؤسفة ، وخفايا تشكيل بعض الحكومات الاردنية ، وتعرض الاردن للحصار واختراق حدوده وغير ذلك من المواقف التي نتناولها لمعرفة ان الاردن استمر في البناء والعطاء وخدمة شعبه وهو يتعرض للتهديد المستمر.
المخفي والواضح في العلاقات الاردنية الفلسطينية قصة من القلق والنزاع ولكن دائما كان هناك ضوء في اخر النفق ، وسطع هذا الضوء واصبح شمسا بعد ما يسمى الربيع العربي ،حين كان واضحا ان الاردن وفلسطين بقيتا على خط من الوضوح والثبات خاصة بعد ان تأكد الطرفان انهما الوحيدين اللذين عليهما ان ينتصرا لبعضهما بعد ان كان الربيع العربي خاليا من اي توجه فلسطيني مهما كان.
هكذا هي قصة هذه العلاقات التي هي الان في مرحلة العقلانية وادراك للاخطار وتعمل بكل قوة للتصدي للتهديدا والمؤامرات واخطرها صفقة القرن التي اطلت برأسها وهي لن ترحم احدا او تستثني العربي خاصة الاردني والفلسطيني.