أصبحت مصلحة المواطن الأردني في الحضيض، فلم تعد مصلحة المواطن من أوليات أي جهة حكومية كانت أو خاصة، وإن تعود المواطن على أن تقوم الحكومة بتهميشه، فاليوم يشهد المواطن خيانة حليف من حلفائه ليزيدَ النارَ زيتاً، فلم يكن في حسبان المواطن الأردني أن يقوم أخوته من الموظفين البلدية أن يخذلوا المواطن بسعيهم وراء مصالح شخصية غير منطقية في هذه الفترة العصيبة على الأردن.
يمكن لأي شخص من سكان المحافظات الجزم بان البلديات لديها عدد زائد من الموظفين، و مع ذلك لا تنجز الخدمات المطلوبة منها، ومع كامل احترامي وتقديري لموظفي البلديات ولكن التفسير المنطقي الوحيد لكثرة الموظفين وقلة الخدمات هو وجود ترهل عجيب في الأداء الوظيفي، مما يدعوك لاستفسار لماذا يقوم موظفو البلديات بالإضراب.
قام أحمد السعدي بإنشاء إتحاد نقابات مستقلة وخاطب من خلال هذا الإتحاد وزير الشؤون البلدية، وتفاجأ أحمد بعدم رد الوزير على الكتاب الذي أرسله، وهذا إن دل على شئ فيدل على جهل بالقانون الأردني، ألا يعلم السعدي بأن تعامل الحكومة مع أي جهة غير رسمية وغير مرخصة يعتبر مخالف للقانون، وألا يعلم بان الأردن مع كل المشاكل الذي يواجهها من مالية وسياسية وخدماتية فما زال الأردن دولة قانون، وإن هذا ما يفتخر به معظم الأردنيون بعدل وقوة الدستور الأردني، وإن سعدي عدم لجؤه للجهات المعنية لترخيص هذا الإتحاد استحتارٌ منه بالدستور والقوانين الموضوعة، أو ربما يراها السعدي "بطاعة وقايمة".
و إن تغاضينا عن البعد القانوني الكامل، ودخلنا في المطالب، سنرى أن معظمها غير مشروع و بعيد كل البعد عن المنطقية، وإن أكثر هذه المطالب سخرية هو عطلة يوم السبت، مع العلم بأن موظف البلدية دوامه الأسبوعي ٣٦ ساعة، وإن الموظف الحكومي دوامه ٣٦ ساعة، و هنا يأتي الفرق بان الموظف البلدي يعمل ٦ ساعات فقط يومياً، أما الموظف الحكومي فيعمل ٧ ساعات يومياً، وأما مطلب إعادة النظر بالتحفيزات والمكافآت فانا أستطيع التأكيد بان أي مواطن قد راجع أي بلدية في الآونة الأخيرة سيرفض هذا المطلب لما يراه من ضعف الخدمة وسوء التعامل، و هنالك مطالب مشروعة قد وافقت عليها وزارة البلديات الأمر الذي يجعلني متأكداً بان هذا الإضراب قد كان مبرمجا للتأزيم ولمصالح شخصية.
أما بالنسبة لي المطلب الأهم هو تثبيت عمال المياومة، وهو المطلب الوحيد الذي أقف معاه وبشدة لأنهم أكثر الموظفين تعباً وأقلهم دخلا، وهم من يعمل بالجدية ومن دون الشكر، وقد لوحظ هذا خلال فترة الإضراب، فلم يفقد المواطن أي خدمة من خدمات البلدية إلا الخدمة التي يقوم بها عمال الوطن، فشهدت المدن تراكم كبير لنفايات في اليومين الأخيرين مما يدل على أهمية هذا العامل الذي يقوم بجهد أكبر من غيره ولكنه للأسف في أخر السلم الوظيفي.
لدي طلب من وزارة البلديات بان تقوم بإعطاء عمال الوطن كل ما يطلبونه، فهم المهمشين من قبل الاتحاد الذي يستغل اهميتهم، وبرأي المتواضع على الوزارة تنفيذ كل مطالب الاتحاد ولكن ليس لجميع الموظفين لعمال الوطن فقط، لانهم هم الجنود المخفيين في البلديات.