خطاب نتنياهو .. وعقلية (القيتو)
د. سحر المجالي
20-06-2009 04:17 AM
كما كان متوقعاً من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي '' بنيامين نتنياهو'' وزعيم حزب الليكود المتطرف يوم 14/6/2009. لم يأت إلا بكل ما يعزز التوجه الصهيوني في ابتلاع الأرض العربية، ويشجع على المزيد من الإمعان في ممارسة سياسة الفرز العنصري، وامتهان كرامة الإنسان العربي الفلسطيني، واللامبالاة تجاه كل التوجهات السلمية العربية، وعلى رأسها المبادرة العربية، هذه المبادرة التي لم يكلف اي من الساسة الإسرائيليين دراسة ابعادها ومضامينها، والوقوف على مدى امكانية خدمة توجهاتها لمستقبل الكيان الإسرائيلي الذي جاء للوجود بقرار إستعماري خارج نطاق المنطق، وبشكل يتناقض مع نواميس الطبيعة لتأسيس الدول والكيانات السياسية.
والملفت للإنتباه حول هذا الخطاب، الذي أقل ما يمكن ان يوصف به، بأنه ترجمة حديثة ل''بروتوكولات حكماء صهيون''. فقد بلغ هذا المتطرف حداً لا يمكن قبوله، لا فلسطينياً و لا عربياً-إسلامياً او دولياً. وحتى الولايات المتحدة التي ما زالت راعية للسياسات الإسرائيلية وداعمة لها، وبالرغم من ''إرتياحها'' لبعض مضامين هذا الحطاب- الكارثي، لم تسلم من أذى تطاير شرار التطرف الإسرائيلي الذي عبر عنه نتنياهو. حيث جاء هذا الخطاب كرد ''غير مؤدب'' على خطاب الرئيس الامريكي '' اوباما'' في القاهرة يوم الرابع من حزيران 2009، وهو الخطاب الذي حاول فيه الرئيس اوباما تضميد الجراحات المؤلمة التي سببتها السياسات غير المتوازنة للإدارة السابقة، كما جاء بخارطة عمل، إن صح التعبير، لتصحيح العلاقات الامريكية مع العالمين العربي والاسلامي، بالإضافة الى تجسيده لرؤى إدارة ''اوباما'' فيما يتعلق بحل القضية الفلسطينية والمبني على اساس مبدأ حل الدولتين.
إلا ان رد الفعل الإسرائيلي تجاه توجهات الرئيس اوباما، جاءت بعد عشرة أيام وتحديداً يوم 14 حزيران 2009 و من جامعة غلاة التطرف الصهيوني'' بار ايلام''، فقد أكد الخطاب ، وبإصرار، على ثواب السياسات الليكودية والمتناقضة مع كل التوجهات السلمية لحل الصراع العربي- الصهيوني. فبدلاً من التعامل الإيجابي مع طروحات الرئيس اوباما، خرج علينا نتنياهو بلاءاته المعهوده والمتمثلة في رفض مبدأ حل الدولين، وإنكار حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإعادة طرح ما يسمى الأمن مقابل السلام، والتأكيد على مواصلة الإستيطان، بالإضافة الى خروجه بـ''صرعة'' غريبة وهو تأكيده غلى يهودية دولة إسرائيل!!!. كل ذلك يؤكد على أن '' نتنياهو'' ما زال يعيش ضمن إطار عقلية القلعة وفي رحاب ثقافة'' القيتو''.
ولكن بعد هذا الخطاب الفصل الذي يمثل مجمل سياسات حكومة نتنياهو المتطرفة، ماذا سيفعل النظام الرسمي العربي، وكيف سيتعامل مع هكذا توجهات لا تحسب اي حساب لا للنظام العربي ولا حتى لوجوده؟؟؟؟. وما هو موقف الحكومات العربية تجاه الموقف الامريكي ''المرن'' مع السياسات العدوانية الإسرائيلية؟؟؟. وكيف ستفنع الشعوب العربية بمصداقية توجهاتها تجاه الصراع العربي- الإسرائيلي، طالما أن هذا الكيان يمعن في إذلال اليد الممدودة له بالسلام؟؟؟. والسؤال الذي لا بد من توجيهه لـ'' نتنياهو''، هل يدرك بأن رفضه للتعامل مع العقلانية العربية قد تقوده ذات يوم للحوار والتفاوض مع محور ما يسمى ب''التطرف'' العربي بدءا من ثوابت حماس ومبدأيتها وإنتهاء بتوجهات القاعدة؟؟؟ هذا ما سيجيب عليه قادم الايام.
Almajali47@yahoo.com