الزبيدي يكتب ل"عمون" عن الأزمة بين النواب والإعلام
سامي الزبيدي
20-06-2009 01:18 AM
مجلس النواب سيد وينبغي أن يكون كذلك ولا يحق للإعلام أن يعاقب الرأي العام عبر حجب المجلس عن تغطياته فالأجراء الذي توافقت عليه الصحف غير مبرر من الوجهة الأدبية على الأقل ، بصرف النظر عما صدر عن المجلس من أخطاء، كما وينبغي التفريق بين مجلس النواب كسلطة دستورية وبين النواب فرادى ولا ينبغي ان ينسحب النقد المبرر لأداء النواب على هيبة المؤسسة التشريعية لان هيبتها من هيبة الدولة.
في المقابل فان سلوك العديد من النواب بصورة يشتم منها روح الانتقام من وسائل الأعلام تضعف هيبة النواب الأفراد وتجعل من سلوكاتهم التشريعية غير جديرة بالتقدير سيما وأنهم مؤتمنون على التشريع للكافة دون تمييز و بما لا يدفع لشبهة تحقيق مصلحة فردية أو جماعية للنواب حصرا أو فئة على حساب أخرى.
ما جرى في موضوع التشريع الذي يعالج إلغاء ضريبة الـ5% على إعلانات الصحف تنبئ بان الحياة السياسية انحدرت إلى درك لم يعد بالامكان التغطية عليها أو السكوت عنها وحين يربط مشرعون مشهود لهم بالخبرة موقفهم من تشريع ما بمصلحتهم كنواب فرادى فان "سابقة تاريخية" موغلة في الخطأ تنضم إلى أدبياتنا التشريعية وكأن المطلوب إرضاء النواب فرادى من قبل قطاع ما من اجل "محاباته" في معرض صياغة التشريعات، وإذا ما غضب نواب من قطاع ما فإنهم يؤذونه من موقعهم التشريعي من خلال صياغة التشريعات، وهذا كله ليس في مصلحة البلد ومؤسساته ومساره الديمقراطي.
لقد شطت بعض الأقلام إلى درجة تحدثت عن عدم الحاجة إلى مجلس نيابي وأخشى أن يكون هو الهدف وان يكون ذلك كله متطلبا سابقا لمجيء فريق غير شعبي إلى مواقع القرار بعد إضعاف ليس نواب الشعب فقط بل المؤسسة التشريعية ، وكلنا يذكر تلك المقولة التي شاعت مطلع الألفية بأننا في حاجة ماسة إلى "تحديث سريع" دون معوقات وكان يقصد بذلك مجلس النواب فكان ذلك مبرر لتغييب المجلس لعامين حدث فيهما من التغييرات والقوانين "المؤقتة" ما يحتاج إقراره إلى عقدين من الزمان وهو إجراء الحق افدح الأضرار بمسارنا الديمقراطي وهتك منظومتنا التشريعية.
بالنسبة لمشروع القانون مثار الخلاف سيستكمل إجراءاته الدستورية وسيصل إلى مجلس الأعيان وان اقر من قبل السادة الأعيان كما ورد من الحكومة سيعاد إلى المجلس الكريم لمعاودة بحثه وهو ما سيحدث ، وهنا ينبغي أن تتحلى أطراف المعادلة الثلاث ( الحكومة و النواب والإعلام) بروح من المسؤولية تجعل الغاية تحقيق الفائدة للمجتمع والدولة دون غبن بقطاع حيوي هو هنا الإعلام.
لو أن التغطيات الصحافية للاستطلاعات المشكوك بأجندتها اتخذت مسارا عقلانيا لما غضب النواب ، ولو أن النقاشات التي دارت تحت القبة خلال الأيام القليلة الماضية تحلت بروح المسؤولية لما حدثت الأزمة، ولو أن الحكومة استطاعت أن تدافع عن قانونها ولو أن قادة الإعلام ممثلا بنقابة الصحافيين و"مجلس" رؤساء تحرير الصحف بنى جسورا من الثقة مع السادة النواب قبيل إرسال مشروع القانون إلى المجلس لما دخلنا جميعا في هذا المأزق.
لنتذكر أن ضعف أداء بعض الإعلاميين وتحاملهم لا يبرر العمل على وأد الإعلام، وان ضعف أداء بعض النواب لا يبرر الاستقواء على ممثلي الشعب وان ضعف أداء وزيري الثقافة والدولة لشؤون الإعلام لا تبرر فكرة إن الحكومة غير معنية بإزالة الظلم المتحقق عبر ضريبة الـ 5% .
لم يوصد الباب بعد لاحتواء الموقف ، وثمة حلول في الأفق ولكن قطعا ليس على طريقة العطوات والصلحات فنحن لا تريد أن نضيف سابقة غريبة لتراثنا السياسي.
Sami.z@alrai.com