لا تدع من لا يعرف قيمتك يقيمك
د.فايز الربيع
11-10-2018 11:18 AM
قصة قرأتها عن احد العلماء كان له تلميذ نابه ، يتوقع له مستقبلاً زاهراً ونبوغاً في العلم، كان الأستاذ يقدر قيمة طالبه ويعرف امكاناته.
كان الطالب فقيراً ، وكان الأستاذ يعطيه القليل لانه لا يملك الكثير كي يصرف على نفسه بالحد الأدنى ، ويوماً ما لم يبق مع التلميذ الا مبلغاً بسيطاً وكان يتضور جوعاً ، اشترى بنصف ما لديه خبزاً، وعند اول بائع كانت ربطة فجل حمراء، وقعت عليها عينه، أراد ان يأكلها مع الخبز ، قال للتاجر بكم هذه الربطة قال له بقرش، قال التلميذ لا املك الا نصف قرش، ولكنني يمكن ان أفيدك بعلمي - ان أردت فقهاً أو رياضيات أو اي مسألة أخرى.
اجابه التاجر لا يهمني علمك دعه ينفعك ، اريد ثمن الفجل كاملاً رجع الطالب الى بيته حزيناً وقرر ترك الدراسة والبدء بعمل جديد يدر عليه دخلاً يكفيه.
افتقد الأستاذ طالبه فسأل عنه، قالوا لم يحضر منذ يومين ذهب الى بيته مساءً وطرق الباب، فتح له الطالب ورحب به. سأله عن سبب عدم التحاقه بالدرس أجاب - ليس لي مالاً يكفيني ويكفيك صرفاً علّي، وقصّ عليه قصة بائع الفجل.
كان بيد الأستاذ خاتم، خلعه وأقسم على الطالب أن يأخذه ، وبعد إلحاح اخذه ، وذهب الى الصائغ ، أعجب الصائغ كثيراً بالخاتم فقد كان ثميناً - وقدره بألف دينار ، رجع الطالب مسروراً ، وعاد الى الدرس،
سأله الأستاذ الى أين ذهبت عندما أردت بيع الخاتم ، قال الى الصائغ، قال الأستاذ وهل قدر الصائغ الخاتم ، قال نعم ، اجاب الأستاذ يا بني لا تدع من هو أقل منك أو من لا يعرف قيمتك يقدرك.
ان بائع الفجل لم يعرف قيمتك ، ولكن الصائغ عرف قيمة الخاتم فكان له هذا الثمن الرائع.
هذه حياتنا التي نعيشها، الله سبحانه وتعالى تحدث عندما قال عن البشر ( وما قدروا الله حق قدره) ، والرسل لم تقدرهم أقوامهم ، والمصلحون عندما كانوا صالحين بأنفسهم فقط كانوا يحترمون، وعندما تحولوا الى مصلحين ، نعتوا بالفساد قيل عن موسى ( أني اخاف ان يبدل دينكم وان يظهر في الارض الفساد) وقيل عن قوم لوط (اخرجوهم من قريتكم انهم أناس يتطهرون).
نعرف كثيراً في مجتمعاتنا - أشخاصاً وازنين ، لديهم العلم والخبرة والكفاءة والعطاء، عندما يقيمون من أناس اقل منهم، لا يمكن ان يرتفعوا بهم أو يعطونهم مكانتهم
أحيانا المقارنة مع الماضي، اهذا ابن فلانة - الذي كان يلعب معنا في الحارة - نعم صحيح ولكنه شق طريقه علماً وخبره ، مالكم لازلتم تنظرون اليه تلك النظرة التي محيطها الحاره وتقلون من شأنه انه ابن فلانه
نسأل كثيراً في العمل العام ، من يقيّم من ، وفي الطب أو الجامعة من يقيم من ، قد نجد الشخص مكان التقييم بينه وبين من يقيّمه بون شاسعاً ، انها الحياة التي نحياها بمقاييسها المختلة.