عبدالله الثاني .. إرادة لا تلين وإيمان لاينضب
رومان حداد
11-10-2018 12:23 AM
زيارة زعيم حزب العمل الإسرائيلي آفي جاباي لعمان ولقاؤه جلالة الملك عبد الله الثاني يشكل مفصلاً مهماً في الحالة السياسية في المنطقة، فرغم أن اليمين الإسرائيلي خطف المشهد السياسي داخل إسرائيل خلال العقد ونصف الماضي، إلا أن تحركاً داخل إسرائيل يظهر عدم ارتياح من استمرار اليمين في السلطة.
وتأتي زيارة جاباي في مساعٍ حثيثة من اليسار واليسار الوسط الإسرائيلي للعودة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي من بوابة امتلاكه قدرة على بناء جسور مع المنطقة استناداً إلى حل الدولتين، فكان وجوده في عمان دلالة أن جلالة الملك عبدالله الثاني هو الأب الروحي لهذا الحل على المستوى الإقليمي والعالمي. هذا الحل هو الوحيد الذي يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، وعكسه يتضرر منه الجميع ويصنف إسرائيل كدولة فصل عنصري.
وكانت الإزاحة الأولى حدثت في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو شكل الحل للقضية الفلسطينية، وإعادته حل الدولتين كالخيار الأفضل لحل القضية الفلسطينية، بعد تدخلات جلالة الملك عبدالله الثاني واشتباكه الإيجابي مع مفاصل الإدارة الأميركية والمؤثرين في مجلسي الكونجرس والشيوخ الأميركيين، والحوار المباشر والصريح مع الرئيس ترمب في حزيران الماضي أن لا حل مقبولا وقابلا للاستدامة إلا حل الدولتين.
وبعد نجاح جلالة الملك عبدالله الثاني بإعادة حل الدولتين لطاولة الحل للقضية الفلسطينية، تقدم جلالته خطوة إضافية مهمة وبدأت تظهر بوضوح في خطابه في الفترة الأخيرة، حيث أعاد جلالته طرح قضية القدس ورفضه اعتبار نقل السفارة الأميركية للقدس واعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل حالة أمر واقع تخرج موضوع القدس من قضايا الحل النهائي.
فجلالة الملك طرح قضية القدس مرةً أخرى خلال لقائه جاباي وكرر أن القدس ليست خارج قضايا الحل النهائي، والقدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وأن جلالته ما زال يقوم بدوره التاريخي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو ما يعني أن الانتصار الدبلوماسي الذي حققه جلالة الملك فيما يتعلق بإعادة إحياء حل الدولتين ساعده على إعادة وضع قضية القدس على الطاولة، ورفضه تغيير الوضع القانوني للقدس بحكم الأمر الواقع.
جهود جلالة الملك الحثيثة في الملف الفلسطيني تظهر قوة الإرادة لدى جلالته، وعدم استسلامه للظروف الراهنة، وإيمانه بالقضية التي يحملها ويضعها في مواجهة الضمير العالمي، باعتبارها قضية عادلة لشعب احتلت أرضه، كما تظهر الخصائل القتالية لدى جلالته، وميزته الأبرز التي تتمثل بأنه يستند في سياسته العالمية على أساس السياسة الأخلاقية والصادقة، فما يقوله جلالة الملك في العلن هو ذاته ما يقوله في الغرف المغلقة، وما يراه حلاً حقيقياً للقضية الفلسطينية في العلن هو ذاته الحل الذي يضعه على الطاولة في اللقاءات البعيدة عن الإعلام.
قد يرى البعض أن الحمل أكبر بكثير من قدرة رجل واحد، ولكن جلالة الملك يؤمن أن رجلاً يمكن أن يصنع الفرق، طالما تمتع بإيمان بالقضية التي يحملها، وكانت قضيته عادلة، لذا نراه يحارب بلا كلل أو ملل أو يأس يتسرب إليه، ونراه يملك رؤية ثاقبة وواضحة لا يغشاها شيء ولا يخفيها غبار الأحداث والقرارات العشوائية التي تصدر عن جهات عالمية.
من يرى جلالة الملك بأنه يحارب وحده طواحين الصهيونية العالمية عليه أن يعيد حساباته، فهو قادر على هزيمة أعدائه وخصومه بإرادة لا تلين وإيمان لا ينضب.
roumanhaddad@gmail.com
الرأي