في بادرة هي الاولى من نوعها من حيث صراحة وشفافية مغزاها.. تسرب الى الصحافة الاردنية خبر المنح الحكومية المقدمة لطلبة الجامعات بوساطة النواب بتخصيص عشر منح دراسية لكل نائب تعطى للطلبة على مقاعد الدراسة في الجامعات الاردنية من قواعد النواب الانتخابية.

وهي بادرة غريبة وغير مسبوقة، فالمعتاد ان الحكومة عادة ما تمنح هذه البعثات من خلال وزاراتها واجهزتها الى الطلبة المحتاجين، حيث يفترض ان الحكومة تمثل الشعب وهي سلطته التنفيذية المسؤولة عن التعامل مع قضايا من هذا النوع.

اذن، تخلت الحكومة عن واجباتها تجاه مواطنيها في هذا الجانب.. وارتأت تحويلها الى النواب بشكل فردي ليقوموا بعملية الاختيار بدلا عنها.. وهذا من الممكن تفسيرة باحدى ثلاثة طرق:

الاولى : ان الحكومة ربما تتجه نيتها الى تجنب “وجع الرأس” الناتج عما سيعتري عملية التوزيع من اشكليات ذات علاقة بالواسطة والمحسويبة فلجأت الى " نينبة " هذه العملية (على وزن خصخصة) وتخويل النواب القيام بها مقابل "كومشن شعبي" يجنونه في الانتخابات القادمة.

وقد تكون هذه خطوة حكومية باتجاه "خصخصة" مثل هكذا انشطة في وقت لاحق وربما منحها الى فئات خاصة اخرى للقيام بها نيابة عن الحكومة صاحبة الولاية على مثل هكذا انشطة.

الثانية: ان الحكومة ربما ترغب بنصب كمين شعبي للنواب لزيادة عزلتهم الشعبية.. على اساس انه كيفما وزع النائب حصته من البعثات فلن يكون ذلك مرض لفئات واسعة من قواعده.. وهذا ما دعى بعض النواب الى رفض الفكرة والرد عليها ردا شديد اللهجة. ويدعم هذه الفكرة ما اشارت اليه نتائج استفتاءات مركز الدراسات الاستراتيجية التي بينت ان شرائح واسعة من المجتمع الاردني قد عبرت عن تدني غير مسبوق في شعبية المجلس النيابي لديها.

الثالثة: ان اجهزة رصد اتجاهات النواب التابعة للحكومة اخذت تشعر بتغير ما في مواقف اعداد متزايدة من النواب اتجاهها قد ينعكس على شكل مناكفات لما ستعرضه من قوانين في الدورة الاستثنائية.. اذن لا بد من هدية ما للنواب لتخفيف حدة مناكفاتهم واعتراضاتهم على قوانين الحكومة التي ستعرض على الجلسة الاستثنائية...

الحالات الثلاثة المذكورة اعلاه ان صحت اي منها فانما تدل على "عقم فني" واضح في عملية اتخاذ القرار الحكومي .. والا ما المنطق في ان يتم تحويل دعم حكومي هو من صلب عمل الحكومة الى النواب للقيام به وتوزيعة بطريقة فردية غير شفافة ؟
qatamin8@hotmail.com