facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




من عجائب موروثاتنا!


سليمان الطعاني
10-10-2018 02:40 PM

من عجائب ثقافتنا وموروثاتنا أن عقولنا مأزومة بتقديس الأشخاص لدرجة الصنميّة، وأننا غير قادرين على التمييز بين التقديس والتقدير، ولا بين ذات الشخص ومجمل أفكاره.

الكثيرون من الناس يميلون الى تقديس وتعظيم الأشخاص، وهم بذلك انما يخدعون أنفسهم ويخدعون غيرهم.

ومعظم الناس ربما يقومون بذلك عن غير قصد، هم يعيشون في عالم الأوهام كالذي يتعاطى الحشيش ليوهم نفسه بانه يعيش في الفردوس.

والكثير من الناس يميلون الى التحدث عن قصص الأجداد الغابرين باستمرار وما زالوا يلبسون عباءاتهم ويسردون رواياتهم ويتغنون بقصصهم بنوع من التقديس لسيرة أولئك الشخوص وحيواتهم التي كانوا عليها والتي كانت في مجملها تخلو من الابداع والابتكار ولا تزخر بأية شواهد معرفية أو علمية أو أدبية! ولا ننكر هنا ان بعض تلك السير لبعض الشخوص مليئة بالإضاءات والاشراقات التي تستحق الذكر والتمثّل بها والاهتداء بحكمتها...

المشكلة أن هناك مَنْ يعتبر قصص الأجداد فردوساً مفقوداً، يتماهون معها ويسعون لاسترجاعها بعنجهية فجّة باعتبار أن هذه القصص والاساطير صالحة لكل زمان ومكان, وكأنها وثن مقدّس يحرم نقده وتسليط الضوء على ما فيه من خرافات لا نملك إلا أن نبتسم إزاء هذه الإشكالية التي تجنح بنا عن الفطرة السليمة فهؤلاء ما زالوا يرون انفسهم في مرآة الماضي ربما لانهم لا يجدون في حاضرهم نموذجاً ذا مناقب حسنة يتحدثون عنه بأي شكل من الأشكال، عجزت حياتهم ان تنجب صعلوكا جديداً تحاكُ حوله الاساطير والحكايات الظريفة والمسلية والمخجلة في الوقت نفسه، فباتوا يلوكون الماضي ويجترّون حكاياته من خلال سقيفتهم التي أعدت لاجترار الماضي .....

أقول نحن أناس ما زلنا نقدس الأشخاص والشخوص، تقديساً متأصلاً في قناعاتنا، يظهر جلياً في أحاديثنا، في دواويننا ومجالسنا المختلفة. ما يمثل انتكاساً للعقل والرجوع به الى عصور غابرة.

ما أحوجنا اليوم إلى إشاعة مبدأ التخلي عن تقديس الأشخاص الغابرين الذي لا يقدم سوى صوره غير زاهية للصنمية البشرية وإعطال للفكر وإبطال للعقل وهو المسؤول عن إحداث الخلل في مسيرة حياتنا الطبيعية. تقديس جلباب جدي هو مصنع لإنتاج وتوزيع الجهل والتخلّف وتعطيل مسيرة الحياة الطبيعية وافساد جودتها.

تقديس الأشخاص مرض نفسي يحتاج علاجًا واقعيًا وفهمًا صحيحًا بعيدًا عن التعصب. فمن خطورة هذا المرض أنه يحكم على الشخص بالتخلّف الأبدي والعيش في بوتقة التبعية والوعي القطيعي، وهو الذي حكم علينا بالتخلف عن ركب الحضارة المعاصرة واللحاق بالعالم المتحضر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :