يتوهم فريق الرئيس الأميركي ترامب وكوشنير وجرينبلات وبولتون وفريدمان وهيلي أنهم قادرون على إنهاء القضية الفلسطينية بشطب عناوينها الرئيسية، وغير مدركين هؤلاء الجهلة بالتاريخ ومساره ونتائجه، وأن محاولات شطب القدس واللاجئين وتشريع الإستيطان وتمييع حدود 67، أنهم يعيدون القضية الفلسطينية إلى أصلها وفصلها وجذورها، بإعتبارها قضية شعب تعترض للإحتلال والإغتصاب والقمع والتشريد، وأنهم يضعونه أمام تحديات جديدة تشكل إمتداداً لتحديات قديمة تدفعه كي ينهض من جديد على قاعدة التحديات الجديدة، وتوحيد نضال الشعب الفلسطيني بأدوات وأساليب وبرنامج تتفق والمستجدات التي تواجه الشعب الفلسطيني على كامل أرض وطنه المحتل منذ عام 1948 .
رهان فريق ترامب لن تقتصر نتائج عمله على الفشل، كما حصل مع إدارات البيت الأبيض المتعاقبة من الرئيس جورج بوش الأب، إلى كلينتون، وبوش الابن، إلى أوباما لأن فهمهم وسلوكهم لم يرتق إلى مستوى الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني على أرض وطنه وفرض قيم حقوق الإنسان ومتطلباتها على المستعمرة الإسرائيلية، وهزيمة فريق ترامب وفشلهم بان وظهر مبكراً في : 1- نتائج اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم 8/12/2017، 2 - قرارات القمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول يوم 13/12/2017، 3- توجيهات مؤتمر الاتحاد البرلمان العربي في الرباط يوم 18/12/2017، 4- ونتائج اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017 في نيويورك، 5- وأخيراً في نتائج قمة الظهران العربية يوم 15/4/2018، وجميعها أقرت بالموقف الفلسطيني ودعمته، ورفضت توجهات ترامب وسياسته نحو فلسطين، ونحو تأييده للمستعمرة الإسرائيلية.
أوضاع الشعب الفلسطيني صعبة، ولكنها كانت أكثر صعوبة بعد تشريد نصفه إلى خارج وطنهم، لندقق ما كتبه وسيط الأمم المتحدة لفلسطين، في تقريره المقدم يوم 18 أيلول 1948 جاء فيه نصاً « يجب إتخاذ عمل لتعيين الإجراءات الضرورية للإغاثة ولتهيئة تطبيقها « وعلى الأمم المتحدة أن تختار « بين إنقاذ حياة الالاف الكثيرة حالاً، وبين القبول بتركهم يموتون «، وفي تقريره الملحق الصادر يوم 18 تشرين أول 1948 إعادة تأكيده على « إن وضع اللاجئين الأن حرج « وأنه « يجب أن لا تستمر المساعدة فحسب بل أن تزداد كثيراً إذا ما أريد تجنب الكارثة «، وإعتماداً على هذه التقارير كان وضع اللاجئين الفلسطينيين بائساً، إذ قورن بما هم عليه الأن، صحيح لم يرجع اللاجئون الفلسطينيون إلى وطنهم ولم يستعيدوا بيوتهم التي مازالت مصادرة ومحتلة من قبل أجانب قدموا مستعمرين أو مستثمرين أو هاربين من ظروف صعبة، ولكن حقوق اللاجئين الفلسطينيين لا تنتهي ولا تموت بالتقادم، ومثلما استعاد اليهود ممتلكاتهم التي تركوها أو هربوا منها بسبب النازية والفاشية، عادوا واستعادوها بعد زوال مسببات هروبهم من بيوتهم في المانيا والعديد من البلدان الأوروبية، هذا هو حال الشعب الفلسطيني الذي سيستعيد بيوته وممتلكاته في اللد والرملة ويافا وعكا وحيفا وصفد وبئر السبع .
لندقق بما يجري في قرية العراقيب البدوية في النقب كم مرة هدمها الإسرائيليون وكم مرة أعاد بناؤها الفلسطينيون، وكم يجري اليوم من اشتباكات في الخان الأحمر، تدلل على مدى تماسك الشعب الفلسطيني ومدى تمسكه بأرض وطنه الذي لا وطن له سواه.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.