تسلل نيابي في«العتمة» .. واتهامات لوزير الثقافة
ماهر ابو طير
19-06-2009 04:38 AM
من المثير جدا ، ان يبدأ عدد من النواب الذين صوتوا الاربعاء ، لصالح بقاء نسبة الـ5% كضريبة على اعلانات الصحف ، حملات علاقات عامة فردية ، البارحة ، للتبرؤ من موقفهم ، على قاعدة انه يريد الاستثناء ، وانه يريد الوصل مع "ليلى" في الصحافة الاردنية ، بل الادهى والامر ان يلجأ فريق اخر الى تهديد الصحف والصحفيين ، عبر اتصالات هاتفية ، بما يجعل اي اعتداء يحدث على من ينتقدون النواب ، مصدره نائب ما ، حتى قبيل حدوثه.
المفارقة ان النواب الذين صوتوا ضد الصحف عمليا ، افشى بعضهم ما يعتبره سرا ، عبر الحديث عن ان وزير الثقافة حشد لصالح بقاء الضريبة من اجل جمع الملايين ، لصالح صندوق الثقافة ، وان الوزير حشد خلال الفترة الماضية بوسائل مختلفة ، وحث النواب ضمنيا على التصويت لصالح رد القانون ، ويقول النواب الذين تخلوا عن موقفهم بعد يوم واحد من التصويت ، وخلعوا تصويتهم ، مثل قميص قديم من اجل مصالحهم الفردية ، كما هي عادتهم في كل المحطات ، ان الوزير لم يتضامن مع حكومته ، وانه حثهم على هذا الموقف ، دون معرفة رئيس الوزراء.
الصحف اليوم ستقاطع مجلس النواب ، ونشاطات وزارة الثقافة ، كاملة ، ورواية النواب تشير الى عدة نقاط ابرزها ان بعض النواب خذلوا رفاقهم في التصويت ضد الصحافة ، وحاولوا ترميم الموقف في اليوم التالي ، لضمان الحفاظ على مساحاتهم ، في الصحف ، فيما البقية التي صوتت واخذت الموضوع على محمل الجد ، لا تعرف انه تم بيعهم من جانب بعض من صوتوا معهم على ذات الموقف ، في اليوم التالي ، اما الاستخلاص الثاني فهو يدل على رغبة النواب الذين صوتوا ضد الصحف بالبحث عن "كبش فداء" يتجلى بالحكومة ، التي لاينطلي علينا ، محاولة توريطها في الموقف ، الذي هو موقف نيابي ، في حين ان الاستخلاص الثالث يتعلق بكشف النواب لاتصالات وزير الثقافة معهم ، واستعدادهم لتقديمه على "مذبح القصة" مقابل الخروج بأقل الخسائر.
مؤسف جدا ان يتبنى الوزير هذا الموقف ، الذي يعني اللعب من خلف ظهر حكومته ، ويعني ايضا تهديد استقرار المؤسسات الصحفية ، التي تتكبد مبالغ مالية طائلة للانفاق على ملاحق الثقافة ، ودفعا لرواتب المثقفين من كتاب وشعراء ومحررين ، والوزير في هذه الحالة ، اذا صحت الرواية ، يفتح "جهنم الحمراء" على رأسي القطاعات الثقافية المرتبطة بعلاقات مع الصحف ، خصوصا ، انه ليس من العدل ان يتم اخذ مال المؤسسات الصحفية ودفعها لمشاريع الثقافة ، ولعل الاولى ان تأخذ الوزارة كل كادر المثقفين في الصحف وغيرها ، وتعينهم ، وتصدر لهم صحف خاصة بهم ، ما دامت الامور تجري بهذه الطريقة ، مع حبنا واحترامنا للزملاء المثقفين ، خصوصا ، المثقفين الحقيقيين ، وليس المتسلقين على جدار الثقافة كطحالب صيفية.
بما ان كثرة من النواب ، وبعد ان صوتت ضد الصحافة ، عادت في اليوم التالي لتتصل بالصحف وبالكتاب لتوضح وتتبرأ من موقفها ، وتقول ان شخصيات نيابية طلبت منها هذا الموقف ، او ان وزير الثقافة طلب منها هذا الموقف ، او انها تعرضت لضغوط من زملاء ، وهي تتأسف لهذا الموقف ولاتريد نسف علاقاتها بالصحف ، وتركت بقية النواب "الحمشين" على قارعة الطريق ، فان على الصحف ان تبقى على موقفها ، وان يتحمل كل طرف مسؤوليته ، خصوصا ، ان الحكومة لم تقصر وقدمت التعديل على القانون ، ليبقى الموقف من وزير الثقافة الذي اتهمه نواب كثر ، بالحشد عكس موقف حكومته ، وعليه ان يعلن موقفه بصراحة ، وان يتحمل المسؤولية ، او ان يخرج وينفي ادعاءات النواب ، الذين تسللوا في العتمة الى الصحف للتبرؤ من تصويتهم ضد الصحافة في مشهد يشي بالانفصام وتعدد الشخصيات ، وفقا للموقف واللحظة.
لم ار في حياتي مثل هؤلاء النواب ، يصوتون ضد الصحف ، وفي اليوم التالي يهرعون في حملات علاقات عامة فردية مع ذات الصحف للتبرؤ من موقفهم وبهدف ان يبقوا في واجهه الاحداث فلا يشملهم قرار المقاطعة ، وهو تسلل في العتمة ، لم تقبله الصحف ، وستطبقه على النواب ووزارة الثقافة ، معا ، حتى نعرف ماهي الصلاحيات الدستورية التي يفهمها النائب ، والتي تسمح له بقدح سمعة الناس ، وشرفهم المهني ، في بلد تحكمه معايير اخلاقية واجتماعية وقانونية.
الملك كان مع رفع سيف الضريبة عن الصحف ، والنواب يواصلون السباحة باتجاه الهاوية،،.
m.tair@addustour.com.jo