الصقارة: هواية تراثية تحفز التشويق والمغامرة
سهيل الحدوث
09-10-2018 02:30 PM
تعود هواية الصيد بالصقور من طرق الصيد التي مارسها العرب منذ عصور طويلة، كنوع من أنواع التسابق، كما اتخذه العرب من قوته وسرعته كأداة سريعة لصيد الطرائد، لطالما كان الصقر دليلا لهم في الصحراء على أفق الحياة، فأينما توجد الطرائد، يوجد الماء والكلاء والظل. كما شغف به العرب من أشعار وتغنى بقوته وسرعته، يعكس حالة من المثل الذي يعتدى به، كيف ولا وهو الصقر العالي ذو الأفق، الذي لا ينظر إلى إلا ما هو أبعد، ربط به العرب سماتهم السلوكية والأخلاقية بحالة السمو وهيبته رمزاً للرفعة والكرامة.
تقوم طريقة صيد بالصقور على قاعدة مهمة وهي بناء علاقة وثيقة ما بين الصقر وصاحبه الصقار، فالعلاقة المبنية على طاعة الصقر لصاحبه واستهداف الطريدة والرجوع بها. هذه الطريقة تحتاج إلى أسلوب فيه الكثير من الصبر والتحمل حتى يصل فيها الصقر إلى مرحلة الثقة ومعرفة ملامح صاحبه وطاعته عند الأذن بالصيد، كما لابد للعلاقة لها من أن تكون في غاية الرؤف بدون أذى الصقر أو ضغط عليه، فالصقر يتذكر من يأذيه، وعليه سيفر الصقر في حالة إطلاقه من صاحبه.
ماهي خصائص الطبيعية للصقر
قوة النظر-يتميز الصقر بحدة قنص هائلة للفرائس مع نسبة خطأ ضئيلة جداً، حسب عمر وخبرة الصقر، هذه الحدة تجعل منه طائر جارح مميز بخصائص عديدة؛ منها بقوة نظر قوية وعالية الدقة، حيث قوة النظر عند الصقور تكمن بشبكية العين في عدد الخلايا الإبصارية، حيث يصل عددها إلى مليون ونصف المليون الصقر، الذي يجعله يفوق الإنسان في حدة النظر 8 مرات.
السرعة-كما أن معدل سرعته يصل إلى 300 كم/ساعة الذي لا يمكن للدرون أو أي عدسة متطورة أن تلاحق سرعة انقضاضه على الطريدة إلا من مسافات بعيدة، فهي عملية لحظية في أقل من ثواني، إلا إذا أسُتخدم تكنولوجيات فائقة السرعة والحداثة والتفاعل، على غرار تكنولوجيا البلوكشين وسرعة تحميل Metatrader 4، فنزول الصقر على الفريسة يصل إلى سرعة 370 كم/الساعة، ولهذا يعد أسرع حيوان على وجه الأرض.
الدقة-للصقر ثلاثة أصابع أمامية ورابع خلفي، ويمتاز الأخير بأنه أقوى من بقية الأصابع، وذو مخلب طويل وسميك. والمخالب تغرز على استقامتها في جسم الفريسة، وقد يكون مصحوباً بحركة قوية من أقدام الصقر تؤدي إلى كسر رقبة الفريسة في ثواني معدودة.
دورة حياته- يتفاوت طول الصقور مابين 25-70 سنتمتراً، ويصل وزنها إلى ما يقارب 2 كيلوغرام، وتتصف صغارها بالضعف وقلة الخبرة التي تحتاج الى وقت طويل للتعلم والافتراس، فطبيعة الجغرافية للصقر هي في مناطق شبه صحراوية جبلية قاسية، وتلجأ الصقور إلى اتخاذ الصحاري الصخرية أو الأشجار موقعاً مناسباً لأعشاشها التي تبنيها من العصي والأعشاب. كما أن طبيعة الصقر هي العيش بعيداً عن التجمعات، الذي يميزه عن باقي الحيوانات والطيور، حيث لا يحتك إلا بالمواسم الخاصة بالتزاوج فقط، ويعتبر هذا الطائر الهمام بأنه يعيش بموطن واحد حتى يغادره ميتاً.
ومن أشهر أنواع الصقور بالمنطقة العربية هما: الصقر الحر وهو يتوجد عادة بطبيعة الجزيرة العربية منها الامارات السعودية، ويسمي الصقر الحر لأنه من أصعب الطيور ترويضاً ويتميز بسرعة وتجول جوي كبير. ثم يأتي صقر الشاهين فهو يتوجد بصحراء الغربية لمصر والشرقية لليبيا، فهو يعتبر رمزاً وفخراً للقبائل العربية بسيوة والصعيد الغربي، وشرقاً هواية كبرى للقبائل العربية الليبية. فهو من أغلى الصقور، ويتميز بحجم كبير وسرعة افتراسه قوية وقاتلة.
رمزية الصقر في الإمارات
يبدأ موسم الصقارة في الأمارت من نهايات شهر سبتمبر إلى أكتوبر، إذ يعتبر الصقر لدى الإمارتيين ذو رمزية خاصة، فهو من رموز وهوايات القبائل العربية بالجزيرة على مدى عصور، فستجد الصقر في كل مكان، شعاراً على الطوابع البريدية ومتخذاً رمزاً للقنوات الإعلامية والتي منها قناة أبو ظبي، ودبي وغيرها. كما أنه يجرى بدبي سباق الصقارنة سنوياً، فتنظم سنوياً مسابقة شعبية تعرف ببطولة فزاع للصيد بالصقور.
كما يوجد بدبي مركز تخصصي يعرف بمتحف الصقور والرياضات التراثية، فهو مركز يهتم بالحياة الطبيعية بالصقور. كما بأبوظبي يوجد مستشفى خاص للصقور يعتني بالصقور بتربيتها وعنايتها، فقد خصصت دولة الأمارات سنوياً مليوني دولار، للأشراف على طائر الصقر كحيوان يمثل الطبيعة الإماراتية الجغرافية الي جانب بالاهتمام بالحيوانات البرية الأخرى منها الأبل. كما يشهد شهر أكتوبر كموسم سياحي جذاب للمئات من الزائرين الأجانب بدبي، لهواة الصحراء والاستكشاف والمغامرة، وعلى رأسها هواية الصيد بالصقور.
ونال الصقار خليفة بن مجرن الجائزة الأولى لعام 2017، صاحب أفضل صقر سريع وقانص دقيق لطريدته، فحسب بن مجرن لصحيفة البيان: بدأ خليفة الصقارة في سن الخامسة، عندما كان والده، رحمه الله، من أفضل الصقارين والصيادين بالإمارات، تعلم مع والده روح الصقارة في درب الصحراء، ومنها تعلم فنونها وكيفية ترويضها وتدريبها على الصيد، حيث امتدت خبرة بن مجرن إلى عشرين عاماً.
في تقرير مميز لناشينونال جيوغرافيك في هذا العام 2018، ستعتمد الإمارات العربية المتحدة إجراءات قوية بشأن حماية هذا الطائر عالمياً حيث رصدت له 20 مليون دولاراً كمشروع بيئي للحماية، حسب لقاء مع الشيخ بطي بن مكتوم "الطائر يحتاج الى الكثير من الحماية الدولية للتجارة الغير مشروعة، والحماية من الجروح ومن الحيوانات المفترسة الصحراوية، وعناية أفضل من قبل الصقارين، من خلال مراقبة الهواة وإصدار رخص لهم لمزولتها كهواية محترفة، تحترم فيه حقوق الحيوان بطريقة طبيعية متماشية مع بيئة الصقر ونمط حياته.
ونختم بأبيات شعرية عربية بدوية عن مكانة الصقر:
ياسقا الله لوني يالنداوي...... مثلك تطير لاضاقت عليك الوسيعــــــة
تلمس الغيم ومن تحتك شواوي..... تفرد الجنحان ودروبك فسيحــــة
لاشهرت الريش ماخابت هقاوي.... فالسما لك عشق وجبالك ربيعــة
شايم بالنفس معليها العلاوي.......مادنعت في يوم لطيور الوسيعـــة