الوطن الأصيل لا الوطن البديل !!!
عاصم العابد
18-06-2009 04:13 PM
نتنياهو لم يأت من فراغ ولا هو طائر خارج عن السرب، ولا هو ( السخل الأسود ) الوحيد الشرس، في قطيع من الحملان الإسرائيلية الوديعة النقية البيضاء. نتنياهو هو ابن التكوين الصهيوني - الطبيعي - والخرافة التلمودية والمفاوضات المدججة بالدبابات والحراب النووية والانتزاع القسري، المعجب بأخلاق الكاوبوي ورعاة البقر وتعمير الغرب الأمريكي بإبادة الهنود الحمر.
هو من سلالة المذابح والدمار والإبادة - دير ياسين، بحر البقر، السموع، صبرا وشاتيلا، قانا، مخيم جنين، محرقة غزة.
ونتنياهو هو الوصي الشرعي المخلص لمبادئ الاستيطان والتوسع، فهو ابن جيل الصابرا واحتقار الاغيار واستحلالهم. هو ليس طارئا ولا مارقا ولا كائنا إسرائيليا جديدا.
نتنياهو ليس ابن الصدفة ولا هو إنتاج 2009 !!! نتنياهو فرد في منظومة وسطر في كتاب وعضو في فريق حديدي مشدود بسلاسل فولاذية إلى ذاته وأناه العليا من جهة، والى الذات الإسرائيلية التي يرى أنها فوق القانون وسيدة الجميع. نتنياهو هو ابن ( الغيتو ) المغلق والخديعة والمكر والباطنية والتقية .
لقد تعاملنا مع كل أصناف السياسيين في العالم ومن مختلف البلدان والأحزاب والملل والنحل، تعاملنا مع السياسيين الصادقين النزيهين الشجعان رجال المواقف والحق والقانون، وتعاملنا مع السياسيين المخادعين والمحتالين والمراوغين والكذابين فلم نصادف سياسيا زئبقيا مثل نتنياهو، انه من اكبر المراوغين الذين مروا على المنطقة على مدى أربعين عاما.
فليكن نتنياهو ما يريد، وليظل على قناعاته، بالتوسع والاستيطان، واللجوء إلى القوة والقوة فحسب. لن يتغير نتنياهو بالتمني، ولن يقدم لنا شيئا بالمجان، ولن يمنحنا دولة فلسطينية مستقلة آمنة قابلة للحياة، ولن يكون عونا للرئيس الأمريكي الشاب الجديد الايجابي، ولن يستجيب للوسطاء بأريحية وعن طيب خاطر ولن يضع مبادرة السلام العربية على رأسه احتراما وتقديرا.
الذين يحددون شكل الدولة ومساحتها ومكوناتها الجغرافية والسيادية والقانونية وروابطها وحدودها وجيشها وأمنها وإدارتها، هم الفلسطينيون أنفسهم، يساعدهم إخوانهم العرب والشرفاء في العالم، لكنهم لن ينوبوا عنهم في اتخاذ قرار الوحدة الوطنية وإنهاء المأساة - الملهاة ، التي انزلقوا إليها، ولم يخرجوا منها، رغم دمار غزة وخراب البصرة.
ويستدعي دعم الأشقاء الفلسطينيين، تمتين الموقف العربي وتصليبه والوصول إلى معادلة توافقية عربية جديدة هي: ممانعة عربية موحدة عندما يستدعي الأمر، وموادعة عربية موحدة عندما يقتضي الحال.
وعلاوة على ذلك، تقتضي دواعي دعم الأشقاء الفلسطينيين أن تتراص الجبهات الوطنية في كل قطر عربي وان تتحقق فيها ولها أسباب المنعة والتلاحم وان تتوفر للمواطنين اكبر مساحات الانفراج والحريات العامة والرقابة ومناهج لمكافحة الفساد والحاكمية الرشيدة. ونخطو في بلدنا الغالي الخطوات الضرورية المطلوبة لتحقيق هذا الهدف السامي بقيادة شابة ملهمة حققت على مدى العقد المنصرم مكانة كبرى للأردن وانجازات اقتصادية ملموسة وتحولات أساسية على طريق تجديد شباب المملكة وتطورها وتقدمها.
ليس نتنياهو هو الذي يفزعنا، ولا نتنياهو هو الذي يجمد الدم في عروقنا. لقد مرّ على الأمةئعشرات من هذا الطراز الإسرائيلي المراوغ الدموي، وما استطاعوا أن يحققوا بالقوة المفرطة ، التي استخدموها إلى أقصى حدود الإفراط، أهدافهم، ئفي طمس الحقوق الفلسطينية أو شطب حق العودة أوانتزاع القدس من قلوب الفلسطينيين والعرب، مسلمين ومسيحيين، أو الإذعان والاستكانة والاستجابة لشروط الإذلال المهينة .
الذي يفزعنا بحق، هو أن سياسيا إسرائيليا، في تكوين نتنياهو، وتحالفاته السياسية الصارخة البارزة - التي نجمع إجماعا منقطع النظير على أنها خطرة ومدمرة، يصول ويجول، ويتنمر ويتجبر، والسياسيون الفلسطينيون - الأبوات الكبار جدا !!- ، ممعنون في الشقاق والفرقة والشرذمة والفصائلية والفئوية والتياراتية، في حين أن أشقاءنا الفلسطينيين يعانون اشد المعاناةئوينزفون اشد النزف ويغرقون في الشقاء والبؤس واليأس والعوز وانسداد الأفق والأمل.
نتنياهو، لا يقول كلاما منزّلا، ولا يأمر فنهرع للتنفيذ!، إحنا ما بنشتغل عنده!!!! فليطلق العنان، لخياله ولتحالفاتهئالمغرقة في التطرف والجمود، وليعزف ما يشاء من مقطوعات الوطن البديل، فإذا تمكنت آلة الحرب الإسرائيلية من انتزاع الفلسطيني من وطنه فإنها لن تستطيع انتزاع الوطن من قلب الفلسطيني.
وسيظل شعار الفلسطيني الذي يناضل من اجله، ومعه كل الأردنيين والعرب وأحرار العالم هو: الوطن الأصيل لا الوطن البديل.