هل هي سياسة الادارة الامريكية أن تضحي بسرعة عن حلفائها الاستراتيجيين , وخاصة من العرب ؟ ام انها بالاساس لا حلفاء لها ؟ .
وهل نظرة امريكيا للأمة العربية نظرة لا تتعدى مجرد أدوات ووسائل تحركها كيفما تشاء واينما تشاء ؟ , وهل سنستمر بتصديق الوهم الذي سيق علينا بأن الادارة الامريكية الحالية يمكن أن تكون حليفة لنا في يوم من الايام , والزعم باننا نحتفظ بعلاقات طيبة مع امريكيا ؟ .
فرغم قناعتنا بأن صنع القرار الامريكي يمر بمحطات مختلفة سواء من البيت الابيض للكنغرس و مراكز القوى ومراكز البحث والإعلام , فإننا نتفاجأ الان بهذه الصفعات التي نتلقاها كأمة بين الفينة والاخرى وكأن الامة العربية لا تستحق أن تكون حليفا استراتيجيا ولا قيمة لها لنكون شركاء مهمين , فمن قضية القدس لصفقة القرن , لإطلاق يد اسرائيل , لمحاصرة الدول والاساءة لها ولأنظمتها , بعد حملة ابتزاز بشعة , والتباهي بهذا الابتزاز وعدم الاكتراث للمثل الدبلماسية والأخلاقيات القيمية للعلاقة بين دولة وأخرى .
لم الحظ مثل هذا العداء والاستهانة بالامة العربية من الادارة الامريكية السابقة بمثل ما اشهده اليوم وبهذا الشكل العلني . وبمثل هذه الرسائل الموجهة والمباشرة . فرغم النوايا غير السليمة لغالبية الادارات الامريكية ,إلا انها كانت تمارس اساليب المجاملة و التبرير انطلاقا من حرصها على التواصل مع الحلفاء .
لم يخفي ترمب ومنذ البداية توجهه الابتزازي وقوله المشهور " ما في شيء ببلاش " وبين أن علاقته بالامة هي علاقة ابتزازية بحته وأنه لا يؤمن بمسالة الحلفاء والتحالف ولا أن يساهم بشيء بمقدار ما يريد قبض ثمن اي شيء , خاصة ونحن نتحدث عن عقم سياسي لرجل عقله ما زال عقل تاجر وليس زعيم أكبر دولة . . فلم يتحدث عن حاجته للشرق الاوسط كمنطقة استراتيجية في الصراع الدولي , ولم يتحدث عن اهمية الدول العربية كحليف أمام التحالفات المضادة , ولم يتحدث عن السوق العربي والنفط العربي الذي يعتبر سلاح يمكن لامريكيا تحريكه في كل الاتجاهات لتحقيق سياساتها المتنوعة.
فترامب لا يؤمن بهذه المعايير التي طالما وان شكلت ثوابت القرار الامريكي ,, وهو لا يؤمن ان علاقاته وتحركاته وقراراته كإدارة لا يمكن أن تكون صائبة إلا أذا كان لها مردود مادي وتبعات استثمارية تستفيد فيها امريكيا لدرجة أنه لا يبالي بمجموعة الكلمات التي يصرح بها ,ومستوى خدشها للأعراف الدبلماسية , وهو لا يتوانا من ان يقول لناخبيه لا بد من ان يكون لتواجدنا في العالم ثمن نقبضه , وأن يكون لأي جندي امريكي في العالم أجر كبير مهما كان موقعه وعمله كما يقول :-," حمايتنا للعالم ليس ببلاش وعليهم الدفع "
فالدولة العظمى التي تبتز العالم وتفرض هيمنتها بالقوة , وتقتل وتشرد وتدمر , وتتواطأ مع اكثر الكيانات عنصرية وطائفية , - وتمنحها عشرات المليارات لتقتل بها الطفل والشيخ والمرأة الفلسطينية وتقتلع الاشجار وتصادر المياه وتحرم الفلسطينيين من العيش بسلام , وتسيء للمقدسات والارث الحضاري للشعوب .
وقبل هذا وذاك تستنكر حق الناس بارضهم ووجودهم وحريتهم بإقامة الدولة اليهودية - الدولة العظمي هي نفسها الدولة التي يصوروها لنا الاعلام الغربي بأنها مرقد الانسانية والحضارة والحرية والعدالة والنظريات الاجتماعية والمبادى السامية والتي ما زالت منقوشة على نصب ابراهيم لينكلون وجفرسون وجورج واشنطن..الخ, انها أمريكيا ترامب الذي يحرم مئات الاف من الاطفال التعليم , ويحد من عودتهم لديارهم كبقية خلق البشر .
فهل يستطيع العرب وأمام هذه الادارة الواضحة والعلنية أن تقدم شيء تحفظ كرامتها على الاقل أم ستغمس الرؤوس في الرمال , وهل سنشهد موقف كرامة وحفض ماء الوجه بالدفاع عن شرف الامة وكبريائها, فالاردن لم يستكن لامريكيا ولم يتخاذل ولم يصمت من أن يقول لامريكيا لا لقرار نقل السفارة وبكل جرأة وكبرياء.
في حين جر مواقف الصمت والاكتفاء بالمشاهدة الويلات على اصحابها , فالواضح أننا كأمة نحتاج للرجوع لأنفسنا ولجمعنا ووحدتنا , والعمل على مشروع عربي سياسي واقتصادي وأجتماعي , نؤكد فيه للجميع أننا ما زلنا عرب ومسلمين لا نتنازل عن اي شبر ولا نقبل أي اساءة لاحد , ولن نتهاونمع من يتآمر علينا . فهل نحن فاعلون .