لا يستطيع وزير مهما أوتي من قوة وصلاحيات أن يزيل محبطات الإستثمار، فهذه مهمة دولة.
لماذا لا يضع الرئيس عمر الرزاز إصلاح القطاع العام عنوانا لحكومته؟. حتى الزيارات «المفاجئة» التي يعرف مسبقا أصغر موظف حتى أكبرهم في الدائرة أو الوزارة أو المستشفى لا تكفي لإكتشاف الخلل، العملية برمتها تحتاج الى ثورة بيضاء شاملة آن آوانها لتنظيف بيت الحكومة بشدة من الترهل والبيروقراطية الفاسدة الأخطر على الدولة.
ليست الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة عائقا طالما هي واضحة ومحددة، العراقيل تتمثل بممارسات موظفين صغار لسبب أو لآخر ممن يتخذون من المستثمر أو التاجر أو الصانع عدوا قابلا للإبتزاز والملاحقة والتصيد.
يعرف كل المسؤولين المعيقات الحقيقية، وإن جلست الى أي منهم يحدثك بكل تفاصيل المشاكل ولا يكاد يغفل أياً منها ويعرف الحلول لكن كما هي كل الأشياء العبرة في إتخاذ القرار وقبل ذلك في السيطرة على مفاصل الإدارة في وزارته أو مؤسسته وفي غياب أو تغييب المعلومات وفي التضليل الذي يمارس علي.
استطلاع رأي وجد أن 75% من المواطنين يعتقدون أن الفساد في ازدياد، وأن 4% دفعوا رشوة (إكرامية) لإنجاز معاملاتهم.
هذه ظاهرة ملموسة لكنها لن تصبح حقيقة ما لم تذهب الى القضاء كجرم مشهود تثبت فيه الإدانة لأن معظم أو كل دافعي الإكراميات لا يتقدمون بشكوى لضعف الثقة بمتابعتها من جانب الأجهزة المعنية فيصبح الفساد حالة عامة وقاعدة يرضى بها الجميع ويمارسها ما دامت تحقق الغاية من دون أضرار أو عقوبات.
الإكراميات وهي الصفة اللطيفة للرشاوى الصغيرة، وهي في الفساد الصغير المنتشر مثل جرثومة تلوث الدم في الجسد وإزالته ستحتاج الى سحب الدم وتنظيفه وهي عملية معقدة.
يوميا تحمل الأخبار قصصا كثيرة حول مضايقات ومحاولات إبتزاز يقودها موظفون لا شك أن لهم أدوات تدل على قدرتهم على الإيذاء وعرقلة الأعمال، ومرافق وشركات تواجه ضغوطا كبيرة لإجبارها على تمرير وظائف او دفع أموال عبر تهديد بحملات تشويه، وتحريض تستخدم فيها كافة الأسلحة.
ما أن يتم إفتتاح مطعم أو متجر أو فندق أو مصنع حتى تداهمه عشرات لجان التفتيش، أمانة وصحة وغذاء وعمل وسياحة وضمان وضريبة وغيرها، تنبيه، غرامات، إنذارات وإغلاق.. دعوا الناس تلتقط أنفاسها وتعمل وتقطف الثمار فدوران العجلة لمصلحتكم أولا.
الراي