بعد اجازة مرضية استمرت لمدة اسبوع مارست فيها الكسل بكافة اشكاله والدلع الذي اكتشفت بانه لا يليق باردني مغترب بعيدا عن والدته التي تكون مهامها في تلك اللحظات غلي ونقع كافة الاعشاب المتوافرة في البيت وبعيدا ايضا عن تعاليل وسهرات الأهل والأقارب تلك التي يفترض الأطباء ظلما وتجنيا أنها تزعج المريض لأكتشف في حالتي بأنهم مخطئون وبأن رؤية الأهل و الأحبة لها الجزء الأكبر من العلاج أن لم تكن العلاج كله .على كل حال كانت الاجازة فرصة مناسبة لاكتشاف صديق جديد كان في حالتي \" الريموت كونترول \" ذلك الذي أدخلني في عوالم جديدة كنت بعيدا عنها رغم محاولاتي الدائمة لتجنب القرف الذي تقذفه الفضائيات في وجوهنا صبح مساء دون استئذان وحتى دون اي محاولة لاستشعار ما يناسب اذواقنا وهو ما يستدعي مناقشته في مقال بهذا الخصوص .. على كل حال وقعت عيناي على مسلسل مصري يعرض على قناة ام بي سي بعنوان \" مواطن بدرجة وزير \" وقد اضحكني اسم المسلسل واستفزني لدرجة جعلتني اسقطه على الحالة الاردنية اليومية تلك التي يكون فيها في كل مكان وفي كل زمان مواطن برتبة وزير بين عامة الشعب وهم كثر في الاردن وتراهم يتكاثرون ويتزايدون على حساب المواطنين من فئة \" العادي \" .

ولمزيد من التفصيل ولمعرفة من هو المواطن برتية وزير سأعطي بعض المؤشرات التي ربما تقود لمعرفته وكيفية الاستدلال عليه .. مثلا عندما يتم الاعلان في الصحف عن حاجة احدى المؤسسات لوظيفة ما بينما هنالك في الخفاء مواطن حصل على الوظيفة قبل اسابيع وما زالت ألوف الشباب الواهمة تتدافع من كافة القرى والمحافظات للنجاح باختبار كفاءه لن يتم الاطلاع عليه ولن يخرج من قاعة الامتحان فاعلم بأنه مواطن برتبة وزير.

عندما يتسول الشرفاء الفقراء أبواب المسؤولين باحثين عن واسطة قادرة على تأمين مقعد دراسي لأحد أبنائهم بعد ان انهكتمهم بل دمرت حياتهم أقساط الدراسة الجامعية بينما هنالك مواطن قادر على تحمل نفقات دراسة عشرين طالب دفعة واحدة لكن المفارقة بأن جميع أبنائه يدرسون مجانا وتحت عدة مسميات فكن متأكدا بأنه مواطن برتبة وزير.

عندما تقوم احدى الدوائر الحكومية بالافصاح عن نيتها ابتعاث موظف لاستكمال دراسته العليا والحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه وذلك وفقا لعدد من الشروط ليفاجأ من تنطبق عليه الشروط بان هنالك مواطنا يعمل معه بنفس الدائرة قد تم ابتعاثه رغم الفارق الكبير بينهما في المؤهلات والخبرة وحتى في الشروط كن على يقين تام بأنه مواطن برتبة وزير .

عندما يعطى مريض على حافة الموت موعدا لاجراء عملية جراحية بعد شهرين أو ثلاثة بينما هنالك مواطن حدد بنفسه موعد اجراء عملية جراحية له وذلك بما يتناسب مع وقت فراغه فاعلم بأنه مواطن برتبة وزير .

لماذا تستنفر الاسرة البسيطة بكافة افرادها وتجتمع عندما يكون أمام أحد افرادها مقابلة شخصية أو امتحان ما لوظيفة ما فتراهم يحاولون استذكار كافة معارفهم والاتصال بهم اذا علموا ان من بين المتقدمين مواطن برتبة وزير له العديد من الواسطات والأقارب المتنفذين الى درجة تجعل الوالد يعيد تاريخ حياته كاملا ليعرف اذا ما كان قد مر بالصدفة بجانب وزير أو صافح محافظا أو ابتسم له مدير عام أو شارك في جاهة ضمت رئيس احدى البلديات محاولا ان يجعل من تلك المواقف حجة للاتصال به وطلب مساعدته .

أختم بما جاء في دستور المملكة الأردنية الهاشمية \" الأردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين \" وأيضا \" تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين \" .. صدقوني لا أريد أن اصبح مواطنا برتبة وزير وكثيرون أيضا مثلي ولكن جل ما أريده أن أكون مواطنا برتبة \" مواطن \" وفقا لما جاء في الدستور .