"طلاسم" التعديل الوزاري في الأردن؟
نضال منصور
07-10-2018 01:04 AM
كثر حديث التعديل الوزاري على حكومة الدكتور عمر الرزاز، وخلال الأيام الماضية سمعت تسريبات طالت بالتغيير أكثر أعضاء الفريق الحكومي، بينما نقلت وسائل الإعلام أن الرئيس الرزاز يعكف على مقابلة الوزراء في فريقه لغايات تقييم أدائهم.
شخصياً لي ملاحظات على كثير من الوزراء، ولم أكن معجباً بخيارات الرزاز وتحديداً إعادته 15 وزيراً من حكومة هاني الملقي الراحلة، وحينها وما يزال يقال بأن الرزاز تعرض لضغوط حالت دون اختيار فريقه الحكومي بحرية تامة.
رغم ملاحظاتي على العديد من الوزراء فإنني مقتنع بأن تجربة 100 يوم ليست كافية لقياس نجاحات الحكومات بشكل عام، ولا معرفة أداء الوزراء وخاصة الوزراء الجدد.
سؤال.. هل تكفي مائة يوم حتى يتعرف الوزير على تفاصيل عمل وزرائه، وهو يقوم بزيارات ميدانية، ويحضر جلسات مجلس الوزراء والنواب والأعيان، هذا عدا عن اللقاءات والاجتماعات داخل وزارته.
أتفهم أن تُطالب الحكومة بعد 100 يوم بتقديم خطة عمل تفصيلية مرتبطة بمؤشرات قياس وبأجندة زمنية واضحة، غير أنني أعتقد أنها غير كافية لمحاكمتها أو محاكمة الوزراء الأعضاء وقياس كفاءتهم بشكل دقيق ومنصف.
استطلاعات الرأي تقدم مؤشرات عن رضى الناس عن رئيس الحكومة وفريقه، وتراجع ثقة الجمهور بعد الـ 100 يوم متوقعة وحدثت وتكررت مع غالبية رؤساء الحكومات إن لم يكن كلهم.
فالتوقعات التي يطمح لها الناس في بلادنا لا تتحقق، وهي حكومات غير حزبية، وبالتالي لا رصيد ثابتا لها في المجتمع، وبالتالي من الطبيعي تراجع شعبيتها.
سيقوم رئيس الحكومة الرزاز بالتعديل الوزاري، ولم يعد الجمهور بالأردن يهتم بأخبار التعديل مثلما كان الأمر قبل 20 عاماً، ولم يعد يكترث بمن سيدخل من الوزراء، وبمن سيخرج، فما يهمه أن يشعر بتحسن حياته المعيشية، ويشعر بالاستقرار وبتراجع القلق من المستقبل.
ليت الرئيس الرزاز يقول للرأي العام بعد التعديل الوزاري لماذا أخرج هذا الوزير من الحكومة، ما هي الملاحظات والتقييم الذي حصل عليه حتى اضطر لاستبعاده، وما هي الأخطاء التي ارتكبها حتى يتجنبها من يتسلم الحقيبة بعده؟!
وليته أيضاً يخبرنا لماذا اختار الوزراء الجدد، ما هي كفاءة هذا الوزير التي تؤهله لإدارة هذه الوزارة بالذات، هل وضع معايير محددة، وهل قابل أكثر من شخص لذات الوزارة، وكيف رُشح الوزراء أو الوزيرات؟
سيقدم الرزاز خدمة جليلة للأردنيين لو فك "طلاسم" وأسرار التعديل الوزاري الذي يراقبونه منذ عقود ولا يفهمون لماذا يحدث، وكيف يحدث؟
ربما لو فعل ذلك فإنه سيرسخ عرفاً ونهجاً للحكومات القادمة، وسيظل الناس يتذكرون بأنه أول من قام بهذه الإجراءات الشفافة والمؤسسية، في ظل غياب "تناوب حزبي"، وأحزاب أغلبية برلمانية تقود الحكومات في الأردن.
بعيداً عن حكاية التنجيم بأسماء الوزراء الراحلين والقادمين، فإن قصة دمج الوزارات مسألة مهمة، ولكنها محفوفة بالمخاطر والمشكلات، فالوزارات في بلادنا لها هياكل وظيفية استقرت لعقود، وإذا كنا نريد الدمج فالمطلوب جهد حثيث لإجراءات هيكلية حقيقية، وليس كما هو قائم ومتعارف عليه وزير واحد لوزارتين، ويظل الحال على ما هو عليه، بدون أن يكون هناك أي ترابط بين الوزارات المندمجة، فإذا كنا نريد أن ندمج الثقافة والشباب مثلاً، فيجب أن يكون لدينا تصور واضح لماذا ذلك، وكيف سيتحقق ذلك، وما هو الأثر الذي ستحدثه غير الحديث عن التوفير المالي؟
الأمر الآخر المهم لعناية الرئيس الرزاز، فطوال 28 عاماً من متابعتي للعمل العام كنت أشاهد أن هناك وزارات 5 نجوم، ووزارات ووزراء بالكاد يحظون بثلاث نجوم، وتشعر بأن الأمر عند تشكيل الحكومة أو التعديل بأنهم "تكميل للعدد".
انظروا لتجاهلنا التاريخي لوزارة الثقافة، وكأنها عبء ونتذكرها في ذيل الوزارات، ولا نعطيها اهتماماً، ولا نرصد لها موازنة كافية، وكذلك الأمر مع وزارة البيئة والزراعة، وحتى وزارة السياحة "عصب" الأردن وثروتها القومية، موازنتها أقل من موازنة شركة متواضعة أو مؤسسة مستقلة.
نأمل من الرزاز أن يتعاطى مع الوزارات بمنظور مختلف لما هو سائد.
أخيراً نقول للرئيس الرزاز ليس لديك فرص كثيرة لتحظى بثقة من يساندونك ويحبونك، فلا تضيّع فرصة أخرى.
الغد