تعتبر القيادة من المفاهيم المنتشرة بشكل كبير في المجتمعات المختلفة والتي تتعرض للخلط في مفهومها ‏مع مفاهيم أخرى وأهمها الإدارة، وهي مختلفة عنها حيث أن القيادة تختلف عن الإدارة في مفهومها كون ‏الأخيرة تتطلب السلطة والقوة والتعليمات الحرفية والتزمت في كثير من الأحيان، في حين أن للقائد ‏مواصفات قد لا تتوافر في المدير، وهنا برزت مقولة " كل قائد مدير وليس كل مدير قائد".‏

تعتبر القيادة مهمة في بناء المجتمعات والمؤسسات الوطنية وتطوير أدائها لتكون قادرة على تقديم ‏الخدمات الفضلى للمواطنين وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن الدولة من خلال خفض الكلف وذلك بسبب ‏الأفكار الإبداعية التي تبرز، وللقيادة أهمية كبير في تحقيق التنمية المستدامة من خلال المحافظة على ‏الموارد وتخفيف الضغط على الموارد الحالية للمساهمة بترك أكبر مخزون للأجيال القادمة، ولا نستطيع ‏تحقيق ذلك إلا إذا تولى القيادة في المؤسسات والدوائر الرسمية وصناع القرار من يمتلكون حس القيادة ‏الحقيقية ويحمل في قلبه هدفا نبيلا وغاية سامية.‏

إذا ماهي صفات القائد الذي يكون قادرا على رفع كفاءة العمل العام والعمل المجتمعي من خلال إستخدام ‏الموارد الحالية المتاحة بين يديه؟، هو الشخص الذي يمتلك المرونة العقلية والقدرة على الابداع والذكاء ‏والتفكير خارج الصندوق لتوليد الافكار والتي من شأنها طرح الطرق الجديدة للعمل، وتنفيذها بطرق ‏إبتكارية تجعل من المتعة العمل عليها، لا أن تكون هذه الافكار تقليدية تبث الملل في نفوس الاخرين وتجعل ‏من الصعوبة أستمرار العمل عليها.‏

القدرة على اتخاذ القرار ولا بد هنا من امتلاك القائد من قدرة مميزة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب ‏لا أن يتركه للظروف أو الصدف شريطة أن يكون هذا القرار اتحذ بعد دراسة وبحث وترو، فعند الضرورة ‏لعزل احد الأعضاء فلا بد من عزله لا أن يؤجل الى وقت تبرز أحداث اخرى تعيق تنفيذ القرار الأول ‏ويتطلب الأمر قرارا مركبا يكون من الصعوبة اتخاذه وتتراكم المشكلات بسببه، لأن في قدرة القائد على ‏إتخاذ القرار يمنح الثقة والطمأنينة في نفوس اعضاء الفريق ويجعلهم أكثر تفاعلا وايجيابية وانتاجية.‏

الثقة بالنفس لأن جزءا كبيرا من هذه الثقة يتسلل إلى نفوس أعضاء الفريق وتدفعهم إلى تحقيق مزيدا من ‏الإنجاز، وسعيهم إلى بناء قدراتهم ومهاراتهم بشكل يجعل منهم قادة في المستقبل.‏

التفاعل والإيجابية والقدرة على الإندماج مع الآخرين والتعاون معهم، لأنها تعبر من المهارات الأساسية ‏للقائد وأن يفكر بطريقة ايجابية تدفع الاخرين على التأثر به، لما يمتلكه من نظرة تشعرهم بالأمل والرغبة ‏بالعمل بغية تحقيق الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها والإبتعاد عن السلبية التي تجعل الآخرين ينفرون منه.‏

حب الجميع والأخذ بيدهم ليكونوا قائدة فيبتعد عن الغرور والتزمت والتسلط وان يمتلك القدرة على ‏تحفيزهم لأن يقفوا مكانه في يوم ما وأن يعمل ما من شأنه بناء قدرات الفريق لاستلام المهام التي يقوم على ‏تنفيذها بحيث يخلق جيلا من القادة قادرين على حمل السؤولية عند مغادرته.‏

القدرة على التأثير لأن القائد هو ملهم للاخرين ولا بد أن يكون قادرا على التأثير فيهم من خلال امتلاكه ‏لغة الخطاب الجاذبة والمحفزة والواضحة التي تجعل الاخرين يتأثرون به والاسترشاد والاستدلال بكلماته ‏ونصائحه، وقدرته على التحفيز المجتمعي والقدرة على المساهمة في تعديل البنى الفكرية التي يمتلكها ‏الاخرين التي تساهم في تطوير قدراتهم وتعزيز امكانتهم.‏

حب الوطن والإنتماء له حيث تعتبر هذه الصفة هي الضوء الذي يسترشد به القادة في الظلمة الحالكة، ‏بأن يكون الهدف من جميع الاعمال التي يقوم بها القائد هي خدمة الوطن والمحافظة على مقدراته وتطوير ‏أدواته وبناء الجيل الذي يكون قادرا على حمايته والمساهمة في رفعته، لا أن تكون الأعمال موجهة الى ‏خدمة المصالح الشخصية وتلبية للرغبات الذاتية، وأن يكون التعزيز والعقاب بدرجة الاتقان للأهداف ‏المرسومة والمبنية مسبقا.‏

من هنا يظهر أن للقائد دور عظيم في توجيه المهارات والقدرات لما يمتلكه من خصائص فريدة تجعله ‏قادرا على بناء وتشكيل الفريق وفق ما يخدم المصلحة العامة، وتحفيز قدراتهم لإظهار اقصى ما تسمح به ‏إمكانتهم وتنمية مهارات التفكير خارج الصندوق وتبديل الادوار بشكل مستمر وفق ما تسمح به مهارات ‏اعضاء الفريق لتمكينهم من اكتساب خبرات ومهارات في مجالات متعددة ومختلفة.‏

ولإعداد القيادات الشباية لا بد من العمل على مجموعة من المجالات منها البدنية وتطوير خبراتهم ‏الجسدية كل حسب دوره، بالاضافة إلى التركيز على الجوانب المعرفية والتي تتطلب التدريب على مناحي ‏الحياة المختلفة ومنها التمكين الديمقراطي وأثره في حياة الناس والتشجيع على الحوار المستمر وكيفية خلق ‏الأفكار الابداعية، التدريب على حل المشكلات من خلال وضعهم في ظروف تتطلب اتخاذ قرارات أو تبني ‏توجهات معينة تجعل منهم قادرين على اتخاذ قرارات في ظروف مماثلة، والتدريب على التحفيز المجتمعي ‏والذي من شأنه رفع كفاءة الفرد وزيادة قبوله في المجتمع، التدريب على إدارة الوقت، واستخدام الفن في ‏معالجة القضايا المجتمعية والعمل التطوعي واثره في بناء المجتمع.‏

التدريب على المجالات الوجدانية والذاتية من تعزيز الثقة بالنفس والخطابة والحوار ومهارات الاتصال ‏والتواصل وغرس قيم المشاركة والانتماء من خلال تعزيز القيم الأخلاقية والتركيز على القيم الانسانية في ‏الأعمال التي يقوم بها الافراد، والتعاون والعمل ضمن الفريق، والتدريب على المجالات الاقتصادية من ‏خلال التدريب على التخطيط الاستراتيجي وبناء المشاريع والمبادرات وغيرها من المحاور الإقتصادية.‏

ولتحقيق الأهداف من التدريب على هذه المجالات وتوسيع نطاقها الى أقصى درجة لا بد من دعم مشاركة ‏وتدريب الشباب والموظفين على المبادرات المجتمعية والدورات المتخصصة في المجالات المختلفة على ‏أيدي رواد مجتمعيين حقيقيين لهم العديد من الإسهامات في بناء مجتمعهم، وكذلك دعم المبادرات الشبابية ‏والمجتمعية الهادفة بعد دراستها والتعرف على أهميتها وأثرها وجدواها، عقد اللقاءات المستمرة مع ‏المسؤولين وصناع القرار لتمكين الشباب والرواد المجتمعيين من إبداء آراءهم وطرحها على طاولة النقاش ‏والسعي لحل القضايا المجتمعية، تفعيل دور مجالس الطلبة في الجامعات والمدارس ودعمها لتكون قادرة ‏على النهوض بالطلبة وبناء جيل قوي ومتمكن، بناء عقلية إدراة المؤسسات على القيادة الإدارية وليس على ‏الإدارة الصماء لتكون هذه المؤسسات ركيزة أساسية في تطوير المجتمع وبناءه.