هالني خبرٌ في الصحف المحلية؛ أول من أمس الأحد؛ متعلقٌ بمنح رئيس الوزراء (مكرمةً) تقضي بتخصيص مبلغ (3600) دينار لعشرة طلاب جامعيين لكل نائب في البرلمان لتبلغ حصيلة الطالب الواحد من هذه الحصة 360 ديناراً.
لا أريد بدايةً البحثَّ في الجدل الذي أوجده هذا القرار بين أوساط النخب السياسية والنيابية، لكن المفاجأة التي وصلت حد الصدمة؛ إطلاق الحكومة على هذه المنحة بـ "المكرمة" التي أعتقد جازماً وبعيداً عن كل المزايدات لا تستخدم إلا لصاحب المكارم جلالة الملك المفدى.
وكان حرياً بحكومتنا الرشيدة أن تنتقي أيَّ مصطلح آخر، فصاحب المكارم من يسهر على راحة أحوال البلاد والعباد لضمان مستوى عيش كريم يليق بكرامة الأردني.
ورغم التشكيك بأبعاد القرار إلا أنني لا أحب افتراض سوء نيِّة أو تربص من قبل الحكومة تجاه سلطتنا التشريعية بعد أن وجهت هذه السهم صوبهم؛ في محاولة جديدة لإضعاف دورهم عبر مزيد من هذه الممارسات غير الشعبية؛ فمؤسستنا البرلمانية لم تعد قادرةً على مواجهة المزيد من التشكيك بمستوى أدائها وبخاصة بعد الامتيازات التي درجت الحكومات تقديمها للنواب من إعفاءات وغيرها من الامتيازات غدت النيابة بموجبها وظيفة ومطمعاً ومطمحاً؛ بعيداً عن فلسفة عمل النائب ودوره في الخدمة العامة.
ولعل الاستطلاع الذي نفذه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أخيراً كشف أن 42% من قادة الرأي يؤيدون حل مجلس النواب، وأن ما نسبته 71% من العينة ذاتها غير راضين عن أداء المجلس.
وفي التفاصيل فقد عارض نحو 77% إلى 92% منح امتيازات للنواب كونها تؤثر على استقلالية قرار المجلس، و86% عارضوا رفع رواتبهم، فيما عارض 48% منحهم تأميناً صحياً.
نبض الشارع تجاه مؤسستنا الديمقراطية ونتائج الاستطلاع الأخير يلقيان بمشهد قاتم على صعيد العمل التشريعي، ويشكلان مدعاة للوقوف والمراجعة الشاملة لآلية عمل وأداء نوابنا الذين انتخبهم أفراد الشعب؛ ليكونوا أداة رقابة فاعلة على أداء السلطة التنفيذية، لا أن يقوموا بحصد الامتياز تلو الآخر، ففي هذا ظلمٌ وتجنٍ على الوطن والمواطن وعلى سمعة بلادنا الديمقراطية.
وفي ظل شح مواردنا المحلية ومحدوديتها، وفي ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم بأسره ما زالت حكوماتنا ونوابنا يتصرفون على أن الأردن دولة نفطية وينسون أو ربما يتناسون أن ميزانيتنا محدودة وتعاني عجزاً متزايداً؛ فالمنح الخارجية مرشحةٌ للانخفاض في ظل هذه الأزمة التي لم تفرق بين دولة كبرى وصغرى!!
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة؛ لماذا لم تلجأ الحكومة إلى تقديم هذه المبالغ إلى صناديق دعم الطالب الجامعي؛ لتشرف على توزيعها لجنة خاصة، تستند فيها إلى ملفات صندوق المعونة الوطنية؟