التربية الإعلامية في مواجهة مطبات الفوضى والكراهية
سليمان الطعاني
04-10-2018 04:53 PM
على مدى سنوات، اكتسب موضوع التربية الإعلامية والمعلوماتية أهمية متنامية، خاصة مع تنامي فبركة الاخبار والاشاعات والأخبار المزيفة، وفقدان المجتمع ثقته التامة في وسائل اعلامه، وفقدان المواطن روح النقد والقدرة على تحليل المعلومات التي يحتاجها لاتخاذ قرارات تتعلق بقضاياه الحياتية والمجتمعية حتى صار موضوع التربية الاعلامية اليوم تحديا ذا أولوية في مجتمع صار فيه استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال جزءا لا يتجزأ من واقعنا اليومي، خاصة بالنسبة للشباب، حيث صارت تلعب دورا مهيمنا في بناء نماذج التفكير المجتمعية والاقتصادية في جميع الدول.
المتابع للقاءات جلالة الملك بالإعلاميين في كل حين وتوجيهاته بالاهتمام بالشأن المحلي وهموم المواطن يبرز الى ذهنه موضوع التربية الاعلامية والمعلوماتية وتعزيزها في كافة المجالات كمشروع دفاعي يهدف الى حماية النشء من التضليل والسلبية والنمطية وتمكينه من حرية الانتقاء والاختيار والنقد، وكمشروع تمكيني لإعداد الافراد لفهم الثقافة الإعلامية التي تحيط بهم وتمكينهم من حسن الاختيار والانتقاء منها وتعلم كيفية التعامل معها والمشاركة فيها بصورة فاعلة،
وبما أن المعلومة والمعرفة مصدران استراتيجيان ضروريان لتحقيق كل تطور عادل للجميع وبمشاركة الجميع، فقد أصبح من الحتمي معرفة كيفية تلقيهما وتفسيرهما وإيصالهما حماية للأجيال والوطن من الانزلاق الى مطبات حدثت في المنطقة وأدت الى حدوث حالات من الفوضى والعنف والكراهية فيها.
في الأسبوع العالمي للتربية الإعلامية والمعلوماتية والذي يصادف هذه الأيام تُظهر الأبحاث ضرورة ادخال مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية في جميع الجوانب المجتمعية بما فيها التعليم الرسمي وغير الرسمي واتخاذ قرارات واعية بهذا الخصوص لترسيخ مبدأ المواطنة العالمية والوعي بالمسؤوليات الأخلاقية للمواطن العالمي وتعزيز التنوع والحوار والتسامح، وربط مفاهيم التربية الاعلامية بحقوق الانسان والتنمية وكيف يمكن للتربية الإعلامية المساهمة في تناول قضايا أساسية مثل الفقر وخطاب الكراهية والتطرف والإرهاب، لما في ذلك من منفعة عامة للدولة والمواطن ولجودة أنظمة الاعلام والمعلومات. وتحفيز الروح النقدية لدى الشباب ودعوتهم للانخراط في الحياة العامة.
عند الحديث عن التربية على وسائل الإعلام والمعلومات، فإن الأمر يتعلق بمجموع الكفاءات التي تهدف إلى تمكين الشباب من تطوير ممارسةٍ واعية للإعلام وتطوير ممارسة واعية داخل مجتمع يتميز بالاتصال، كمواطنين فاعلين وعلى دراية مستنيرين وواعين بحقوقهم. سيما وأن التربية هذه هي الوسيلة المتاحة للمواطنين لاعتماد قراءة نقدية وموضوعية للمحتوى الإعلامي والتأقلم مع الخطابات وأنواع وسائل الإعلام، للتمكن من الحصول على المعلومة بالشكل الصحيح والتعبير بشكل حر إضافة إلى الإنتاج الذاتي للمعلومة والتدرُّب على سُبُل الوصول إلى مصادر متعددة لهذه المعلومة.