عن قِمّة أسطنبول «الرُباعِيّة» .. إن عُقِدَتْ
محمد خروب
03-10-2018 12:43 AM
بحماسة لافتة،أعلن الرئيس التركي أردوغان عن موعد انعقاد قمة اسطنبول الرباعية،التي سيُشارك فيها – في حال انعقادها – قادة روسيا، فرنسا، ألمانيا وتركيا،والتي سيكون الملف السوري محورها الرئيس والأساس,وبخاصة الوضع في منطقة إدلب،التي استحوذت على اهتمام دولي وحملة تخويف وتحريض ومبالغات وسيناريوهات «حَربِيّة» تفوح منها بالطبع رائحة «الكيماوي» المُفبرّك.
ضجّة ساهم فيها الرئيس التركي بفعالية،مُحرِّضاً الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري، التدخّل للحؤول دون حدوث »مذبحة» في تلك المحافظة،التي أوكَل ثلاثي مسار استانا للأنقرة مهمة الاشراف عليها كمنطقة تخفيض تصعيد، لكنها – أنقرة – وكعادتها،بدأت حملة تتريك واحتلال وتنسيق مع المجاميع الإرهابية على نحو إمتثلَت»كل»تلك التنظيمات وعلى رأسها جبهة تحرير الشام/النصرة سابقاً لأوامر الاستخبارات التركية بلا نقاش، ولم يحدث أي حادث ولو عَرَضي بين القوات التركية والمجموعات الإرهابية,حتى بعد «اتفاق سوتشي» الذي تمّ بين الرئيسين الروسي والتركي.
هذا الاتفاق الذي أسّس لمنطقة عازلة في محافظة إدلب بعمق يصل في بعض خطوط التماس إلى عشرين كيلومتراً، فيما لا يقل عن خمسة عشر كيلومتراً في»كل»المناطق الخاضِعة لسيطرة الفصائل الإرهابية.
الغريب حدود الدهشة،أن الاتفاق حظي بإطراء غير مسبوق من الرئيس الأميركي،حدّ توجيهه »الشكر» لكل من سوريا وروسيا وإيران وتركيا.وهو موقف يحيل على تلك الشراسة التي بدت عليها تصريحاته وتهديداته (شارَكه فيها الرئيس الفرنسي ورئيسة الوزراء البريطانية المُهدّدة بخسارة مستقبلها السياسي) وأن الردّ الغربي على الاستخدام «المزعوم»
للأسلحة الكيماوية من قبل دمشق، سي كون قاسياً وشاملا وعنيفاً، وغيرها من مصطلحات العربَدة التي يحفل بها قاموس المُستعمِرين الغربِيين.
ما علينا..
أردوغان بعد المباحثات التي عقدها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين،أعلن أن القمّة الرباعيّة ستُعقد في النصف الثاني من الشهر الجاري في أسطنبول،إذا لم يحصل ظرف طارئ.
ما يعني أن موافقة الأطراف الثلاثة الأخرى قد حصَلت، إذ ليس ثمّة خلاف بين باريس ولندن إزاء الملف السوري،وبخاصة
لِجهة»المسألتين الأكثر إلحاحاً»،أو على وجه الدقّة»الورقتين»اللتين تتمسّك بهما دول الغرب الاستعماري.وهما عودة النازحين السوريين وإعادة الإعمار،عندها قد نكون أمام عملية ابتزاز غربي بتواطؤ تركي،حيث بدأت الأخيرة تتهرّب من التزامات اتفاق سوتشي,وبخاصة سحب سلاح الفصائل الإرهابية،وإجلاء هؤلاء عن المنطقة العازلة،بعد ردّ أنقرة على تصريحات المسؤولين الروس وأولهم رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف،الذي أكّد:أن اتفاق سوتشي هو اتفاق «مُؤقّت»،وان إدلب لا بُدْ أن تعود إلى كنف الدولة السورية،ويتم تطهيرها من الإرهابيين.
الرئيس التركي ووزير خارجيته»راوَغا»في هذا الشأن,إن لجهة الزعم إنَّ «أحداً» من الفصائل «المُعتدِلة» لن يخرج من إدلب,أم لجهة التأكيد أن المنطقة العازلة ستُؤسّس لوضع جديد بإنتظار بدء «لجنة الدستور»عملها,والتي ستُشارك فيها الحكومة السورية الشرعية، وهيئة التفاوض التي تحظى برعاية واحتضان تُركِيين,وشخصيات ومكونات
سورية مُستقلّة.
في الأثناء دفعت الاستخبارات التركية «مرعيّيها من المجموعات الإرهابية,إلى إصدار بيانات ومواقف متطرفة واستفزازية تتحدث عن»رفضِ» هؤلاء الإرهابيين»تحت أي ظرف»دخول القوات الروسية إلى المنطقة العازلة(وفق اتفاق
سوتشي,الذي نصّ على دوريات تركية وأخرى من الشرطة العسكرية الروسية, للتأكّد من تطبيق الاتفاق في المنطقة العازلة»). ما يعني – بين أمور أخرى – أن تركيا لن تكون»مسرورة»في حال تكريس المنطقة العازلة،وهي تُلوّح بالتنصّل منها، عبر أدواتها في المجموعات الإرهابية،وهي لعبة استذكاء مكشوفة لن يُكتَب لها النجاح.
عودة إلى القمّة الرباعيّة؟..
يظن الثلاثي..الفرنسي البريطاني وخصوصاً التركي،أنه يتوفَّر على ورقتين مهمتين،يمكن توظيفهما في الحد من نفوذ ودور روسيا وعرقلة مساعيها لإنجاز حل سلمي للأزمة السورية،لهذا يواصلون ضغوطهم لمنع النازحين السوريين من العودة لبلادهم ويضغطون على الأمم المتحدة من أجل افشال عودة هؤلاء، لاستخدامهم لاحقاً في اللعبة المرسومة الرامية إلى إشراكهم في»الانتخابات»الرئاسية والبرلمانية السورية(التي لا تعارضها روسيا ولا دمشق بالمناسبة), واستخدام كل الوسائل القذرة لإخراج الرئيس السوري من المشهد،عبر»تخسيره»الانتخابات.بعد أن فشلوا في ذلك
عسكرياً وعبر دعمهم الإرهابيين،فضلاً عن اشتراطاتهم المعروفة بعدم المشاركة أو الإسهام في اعمار سوريا,إلاّ بعد»رحيل الأسد».وهو أمر شارَكَهم فيها عَلناً أردوغان في تصريحاته الأخيرة بنيويورك.كما ان الولايات المتحدة هي»المايسترو»,لذي يضبط خطوات باريس ولندن وأنقرة – إلى حد كبير –حيث بدأت قوات عسكرية أميركية وأخرى تركية تدريبات مشتركة للقيام قريباً بدوريات في منطقة مِنبج المحتلة شمالي سوريا،رغم توتّر العلاقات بين البلدين،على ما أعلن وزير الدفاع الأميركي جيس ماتيس.
القِمّة الرباعيّة (إن عُقِدَتْ) لن تنجح في إعادة عقارب الساعة «السورية»إلى الوراء, واعتراف دول الغرب الاستعماري، وخصوصاً تركيا بفشل مشروع إسقاط الدولة السورية ونشر الفوضى في المنطقة (بعد تقسيمها)،هو الطريق الأسلَم لمنع اندلاع حرب جديدة في المنطقة،يروّج لها الثنائي المتغطرس ترمب ونتانياهو.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي