عفو عام أم عقوبات بديلة ؟
علاء مصلح الكايد
02-10-2018 02:32 AM
كانت الشهية مفتوحة لإستصدار قانون العفو العامّ ظنّاً من غالبية المواطنين بأنّه يشمل مخالفات السير و الغرامات على إختلاف أنواعها ، و الحقيقة أن العفو بمفهومه القانوني متعلق بالشق الجزائي فقط و لا يصل أثره إلى الإلزامات المدنية على إختلاف أنواعها ممّا أضعف الحماس نحو الفكرة .
و لعلّ العفو العامّ بداية محلُّ خلافٍ و جدل من الناحيتين القانونيّة و الأمنيّة المجتمعيّة ، فالكثير و أنا منهم نراه ناسفاً لمبدأي الردع الخاصّ ( للفاعل ) و الزجر العام ( للمجتمع ) ، إذ أصبح من اللّازم إستغلال التطور التشريعي القائم و الإستفادة من النصوص المستحدثة النافذة و القاضية بجواز إستبدال عقوبة الحبس بعقوبات أُخرى بديلة تعود بالنفع على سلوك المحكوم عليه و أمن المجتمع و خزينة الدولة .
فمن غير المعقول أن يقضي مرتكب الجرم في السجن سنواتٍ قبل العفو بينما يقضي آخر إرتكب الفعل ذاته أقلّ من عام في السجن لقرب وقت إرتكابه الفعل الجرميّ من تاريخ نفاذ العفو العامّ ، كما أنّ العفو كسُنّة تشريعيّة مشجّعةٌ لا محالة على الإجرام و محبطةٌ للمجني عليه و ذويه من الباحثين عن القصاص ، عدا عن آخرين قد لت يقضون في السجن لحظة واحدة إذ يزيل العفو الوصف الجرميّ عن أفعالهم ، و دعونا نتذكر أن العفو العام الأخير لم يمضي عليه عشر سنوات !
إنّ ميزة العقوبات البديلة " بدائل الإصلاح المجتمعية " المضافة إلى نصوص قانون العقوبات منذ عامٍ أنّها تضمن تقويم سلوك مرتكب الفعل المُجرّم و في ذات الوقت توفّر على الدولة نفقات حراسة و خدمة المسجونين و ربط الإفراج بالكفالة الإحتياطية ، و إذا لزم الأمر فلا مانع من تعديل قانون العقوبات و إضافة التدابير البديلة عن التوقيف الواردة في المادة ( ١١٤/مكررة ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إلى تلك المتعلقة بالمحكومين كمنع المشتكي عليه من إرتياد منطقة جغرافيّة محددة أو الرقابة الإلكترونية أو إيداع مبلغ مالي و غيرها من سبل إخضاع المخلى سبيله للرقابة و الفحص المستمرّين .
ذكر دولة رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي الأوّل ضرورة الموازنة بين أمنيات المحكومين و ذويهم و حقوق المجني عليهم و ذويهم قبل إتّخاذ الحكومة قرارها بالعفو العامّ ، و وفقاً لنصوص و روح القانون فعليه - القانون - أن يكون الحارس المُراعي لحقوق الضعيف من الأطراف و هو المجني عليه ، و إذا كان الأمر مقتصراً من حيث الأهميّة على فئاتٍ معيّنةٍ من المحكومين دون غيرهم فليكن العفو خاصّاً لا عامّاً فذلك أدنى أن تصان الحقوق و تحفظ ، و لا يفوتنا أن كثيراً من حالات إسقاط الحقوق الجزائيّة الشخصيّة تُردُّ إمّا للضغوطات الإجتماعيّة التي تفرضها العادات و الأعراف أو لإطمئنان الشّاكي في كثيرٍ من الأحيان بأنّ الحقّ العامّ وحده كفيلٌ بعقاب الجاني و إيقاع العقاب عليه .
و طالما أن كلفة السجين على الدولة تعادل أجور ثلاثة عمّال وفقاً للأرقام الرسميّة ، فلتشغّلهم الدولة في أعمال توفّر على خزينتها و تبقيهم تحت رقابتها حفظاً للأمن و السلم المجتمعيّ .