الهاشمية الأولى عربياً والوحيدة محلياً ..
د.هشام المكانين العجارمة
02-10-2018 01:55 AM
لم يسبق لجامعة عربية أو أردنية حكومية أو خاصة أن احتضنت كلية تُعنى بالطفولة مثلما فعلت الجامعة الهاشمية لتكون بذلك أول جامعة عربية والوحيدة محلياً التي تُنشأ كلية للطفولة، تُعرف اليوم بإسم كلية الملكة رانيا للطفولة - رغم اجتهاد الشقيقة مصر باستحداثها معهداً لدراسات الطفولة قبل سنواتٍ خلت.
يأتي انشاء كلية الملكة رانيا للطفولة لأهمية مرحلة الطفولة في حياتنا ولإدراك إدارة الجامعة لهذه الأهمية على وجه الخصوص، إضافة لحرصها على التفرد في الكليات والتخصصات، فأن يكون على امتداد الساحة الاردنية كلية تُعنى بالطفولة لهو رسالة تحمل في مضامينها بأن الطفل جزء لا يتجزأ من الشعب - بل هو أساسه- والذي هو أحد أركان الدولة، وأن احترام حقوقه وعلى رأسها أن نوجد له الاخصائيين المؤهلين في التنشأة والرعاية والتربية والتعليم هي أولوية لنظام الدولة وقيادتها، وليس بأدل على ذلك من الاهتمام الملكي بشريحة الطفولة وأولي الضرر أو الاعاقة منهم كذلك. إذ يلاحظ المتابع للأنشطة الملَكية حرص القيادة على الاطلاع بصورة دورية لواقع الخدمات المقدمة للأطفال في مراكز التربية الخاصة ورياض الأطفال وذلك لتذليل العقبات لدمجهم وتمكينهم في مجتمعاتهم لا سيما أنهم من أكثر فئات المجتمع حاجة إلى التمكين.
وباستعراض الاهتمام الملكي بقضايا الطفولة تظهر الكثير من الفعاليات والأنشطة والمبادرات التي لا مجال لحصرها في هذا المقال إلّا أن أبرزها وأكثرها لفتاً للانتباه هبّة جلالة الملك ونصرته لذوي الإعاقة أعقاب الإساءة التي وجهت لبعض الحالات في بعض المراكز - في وقت ليس ببعيد - ليقف الملك بنفسه على تداعيات الواقع وليشكل لجنة ملكية لتقصي الحقائق والعمل على تصويب الواقع، كما لا نغفل كذلك عن الزيارات العديدة التي قام بها جلالته لمراكز التربية الخاصة وللأطفال ذوي الاعاقة في بيئاتهم وإيعازه للمسؤولين بضرورة تقديم كل ما يحتاجه واقع الحال خاصة في مجال توفير تسهيلات الرعاية والدمج والعيش المستقل.
كما لا يغب عن اذهاننا أيضاً اهتمام جلالة الملكة رانيا -الذي ليس بأقل أن يوصف بأنه منقطع النظير- بالطفولة وسياساتها ومبادراتها ومساعيها الحثيثة للاهتمام بالطفولة وأحداث النقلة النوعية في أنماط التربية والرعاية والتعليم المقدمة لهذه الشريحة الغالية، هذا الاهتمام ببداياته وجديده وبانعكاساته دفع القيادات الإدارية في الجامعة لضرورة ربط اسم الكلية بجلالتها لتكون محور الاهتمام بالطفولة ورسم سياساتها نظرياً وتطبيقيا، وهذا مما لا شكل موضعاً للتقدير، بل يُحمّل الكلية بكوادرها مسؤولية إضافية للحرص على نوعية الخدمة وجودة الآداء، ويُشار هنا إلى لقاء جلالة الملكة رانيا العبدالله لزملاء وطلبة من الكلية خلال زيارتها الأخيرة للجامعة الهاشمية.
كما تعمل كلية الملكة رانيا للطفولة -وبدعم منقطع النظير من إدارة الجامعة النّشطة - كرديف وبالتعاون مع مؤسسات الدولة على رسم سياسات الطفولة على صعيد الدولة وتوجيه مسارها ولتحقيق أهدافها وغاياتها، لا سيما أن الدولة الأردنية تضع الاهتمام بالطفولة في سُلّم أولوياتها، وهذا ما صرّح به دولة الرزاز خلال استعراضه محاور عمل الحكومة الحالية أمام جلالة الملك - بعد عودته من زيارته الخاصة الأخيرة للولايات المتحدة- وزيارته لدار رئاسة الوزراء.
الملكة رانيا للطفولة اليوم حاضرة على المشهد رغم حداثة تأسيسها، إذ يُسجل لها نشاطها وتميزها وريادتها وحصولها على العديد من الجوائز، كان آخرها جائزة الامير الحسن للتميز، كما حظيت بفعل أنشطتها ومبادراتها بزيارة الملكة رانيا العبدالله وتشريفها لها، ويُسجل لها كذلك أنها أول كلية كان لها شرف استقبال سمو الامير مرعد بن رعد بعد توليه مهامه كرئيساً للمجلس الأعلى لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة خلفاً لوالده سمو الامير رعد بن زيد، كما يسجل لكلية الملكة رانيا للطفولة كذلك إقامتها للعديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية، إضافة لسعيها المستمر للتشاركية مع قطاعات مختلفة كالمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والمجلس الوطني لشؤون الأسرة والأولمبياد الخاص لرياضة ذوي الإعاقة ومؤسسة نهر الأردن والمؤسسات الإعلامية المختلفة وعلى رأسها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، حيث يُشار إلى المشاركة الواسعة لأعضاء الهيئة التدريسية للكلية في التوعية المجتمعية حول قضايا الأسرة والطفل والتربية الخاصة التي تنتهجها المؤسسة وغيرها من وسائل الإعلام، إضافة لجهود أعضاء الهيئة التدريسية البحثية ومؤلفاتهم في مجالي الطفولة والتربية الخاصة التي باتت معتمدة للتدريس في غالبية الجامعات الأردنية والعربية، كما يضاف لرصيد الكلية كذلك تأسيسها حضانة لأطفال العاملين في الجامعة لتقدم بذلك للعاملين من أكاديميين وإداريين خدمة نوعية لأطفالهم في بيئة آمنة داعمة للتعلم، كما أنها الحضانة الأولى التي تعمل كمركز لتدريب الطلبة وهذا مالم تسبقها إليه أي حضانة جامعية أخرى، كما يُسجل للكلية كذلك وبدعم إدارة الجامعة استحداثها لمركز للقياس والتشخيص سُيباشر عمله العام الجامعي الحالي بعون الله.
إن كلية الملكة رانيا للطفولة والتي بدأت حياتها الاكاديمية في
في مطلع الألفية الثانية في مبنى غير مستقل لتضم قسمي التربية الخاصة وتربية الطفل لتزهو بانتقالها اليوم - وبالتزامن مع ذكرى ميلاد جلالة الملكة - لمبناها الجديد المستقل المزود بجميع احتياجات العمل من مكاتب وقاعات صفية وقاعات اجتماعات وندوات وأخرى حاسوبية ومدرجات وفق أعلى مستوى للتجهيزات والتسهيلات، وهنا تنبغي الإشارة إلى أن مبنى الكلية الجديد جاء بدعم من المنحة السعودية وبجهود لا يمكن لأحد إنكارها لإدارة الجامعة التي أخذت على عاتقها رفعة الجامعة والاستثمار فيها، علاوة على دعمها الخاص للكلية وانجازاتها، وهذا محط تقدير الهيئتين التدريسية والإدارية في الكلية، تقدير من شأنه أن يزيد جهود العاملين ليكونوا عند حُسن الظن وليحققوا آمالاً كثيرة يتوقون لتكون على أرض الواقع وليساهموا بأدوار جديدة في رفعة الجامعة وديمومة مسيرتها، كما لا يُنكر في إطار ذلك الجهود المبذولة لإدارات الكلية المتعاقبة ومساعي الحالية منها والعاملين فيها من أكاديميين وعاملين، الذين لم يدخروا جهداً في سبيل رفعة الكلية بعطائهم واجتهادهم، وشهادة حق أن الكلية اليوم تحتضن خيرة الخيرة من الخبرات العلمية والعملية والإدارية المرموقة والمشهود لها بالعلم والعطاء والتميّز داخلياً وخارجيا، بل أن جلهم قد حضوا بتكريم عالمي وعربي ومحلي لعملهم البحثي المرموق، إضافة إلى السمعة الطيبة وتمثيل الجامعة خير تمثيل سواء بالعمل أو في فترات التفرغ العلمي، كما يُذكر للكلية أنها زفّت للوطن كوكبة من الخريجين المشهود لهم بالكفاءة والاقتدار، ولا تزال تنتهج مع الطلبة الدارسين أحدث الأساليب العلمية في أجواء أكاديمية نشطة وتعامل إنساني فريد.
ختاماً
يتوق أعضاء الهيئة التدريسية في الكليّة إلى التوسع في حوسبة المواد الاكاديمية، واستحداث برامج درسات عليا في برامج الطفولة والتدخل المبكر، وإعادة العمل بدبلوم السياسات وحقوق الطفل، إضافة للرغبة الملحة لايجاد مجلة علمية محكمة تُعنى بدراسات الطفولة والإعاقة، وعقد المؤتمرات الاقليمية والعالمية، والتوسع في الخدمات المقدمة للمجتمع وزيادة التشاركية الفاعلة مع مؤسسات الدولة لتكون الكلية بذلك رائدة ليس على المستوى المحلي وحسب وإنما على المستوى العربي كذلك.
نهاية تبقى الشواهد أنبل دوافع الكتابة وحقٌ لنا أن نُعظم المنجزات ونثمّن الإيجابيات.
حفظ الله الأردن أرضاً وقيادةً وشعبا