عمون -تألمت وأنا أجلس مع مخرج تلفزيوني وسينمائي متعلم ويعيش ما بين مصر والاردن عندما تعلق جوابه بسؤال له هل تعرف الامام محمد عبده ؟ نظر نظرة لم أعرف معناها وأجاب بكل ثقة لا لم أسمع به من هو ؟فقلت له لم تسمع به وانت أكملت الجامعة وتقول عن نفسك بأنك مثقف ومخرج وأعلم بكل شيء ؟تهرب من الحديث بطريقة دبلوماسية ،هل وصل بنا التعليم أن نحمل شهادات عليا فقط للعمل، كنت أتمنى بحينها أن يكون أمامي مئة طالب جامعي ومن جامعات مختلفة وأن يكون السؤال نفسه لهم،هل ستكون الاجابة لي هي نفسها ؟أين مخزون المعلومات الذي يجب أن يحفظه هؤلاء الاشخاص الذين يؤدون وظيفة تحتاج الى هذه الثقافات مثل المعلم المخرج المحامي الممثل المؤرخ الباحث ..الخ .
بقي أن نقول لمن يجهل بأن محمد عبدة متوفي منذ اكثر من مئة عام واكثر وهو من اعلام النهضة الاسلامية ومن قادة الفكر العربي وفليسوف اسلامي ومجدد ديني وباحث اجتماعي ،وكان أول صوت ارتفع في مصر الحديثة يدعو الى نشر العدالة الاجتماعية وكان يرى إن التربية هي السبيل القوي للاصلاح السياسي وان لا بد من تطهير المناصب الحكومية من ضعاف النفوس ومحترفي السياسة لكي يقدر للامة أن تنهض نهضة حقيقية شاملة كان من رجال الدنيا ووصفه مستشرق امريكي كبير في حينه فقال "كان محمد عبده فلاحا صميما وليد تربة مصر العريقة قبل أن يغدو مفتيا وإماما للمسلمين .وإننا لنلمح في إخلاصه لهذه التربية وفي دعوته الى الوطنية ،مزاجا عجيبا من الوفاء للماضي المجيد ،والاستمساك بيقين الدين ،والؤلاء لوطنية الفلاح ،ومحمد عبده عصري في فلسفته وأستطاع بتعاليمه في مصر أن يرفع لواء القيم الروحية ،وأن يؤدي للوعي الأنساني ما ينبغي له من إحترام وأستطاع ذلك أمام بطش القوة الغاشمة وأن يؤيد حقوق الضمير ومطالب الاخلاق ففتح بذلك للفلسفة في العالم العربي والاسلامي آفاق بعيدة وواسعة .
تحياتي لمن حملوا الشهادات العليا للعمل فقط نحن بحاجة اليوم الى مثل هذا الرجل للتطهير المناصب الحكومية من ضعاف النفوس