facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




إن لم تكن خزينة الدولة جيوب مواطنيها، فما هو البديل؟


د. عادل يعقوب الشمايله
01-10-2018 02:37 PM

لا يُجادلُ في صِحةِ وسلامةِ القاعدة الدستورية، التي تنص على أن "خزينة الدولة جيوب مواطنيها" الا مواطنوا الكيانات البترولية الغنية، والمقيمون من غير المواطنين في أي دولة، إضافة الى نسبة ضئيلة من المواطنين الذين لا يُمانعونَ في التنازل عن حقوقهم الدستورية وعن سيادة واستقلال دولتهم، مُقابلَ إسقاط هذا الواجب الدستوري عنهم، والمكلفون بدفع الضرائب للمستعمر او للحكم الديكتاتوري.

وللاسف، فقد إعتاد المسؤولون في الحكومات، غير الديموقراطية، على تفسيرٍ خاطئٍ لهذه القاعدة الدستورية. هذا التفسير يرى أن التدفُقَ المالي أحاديُ الجانبِ، أي مِن جُيوبِ الناس الى خزينةِ الدولة. في حين أن التفسير الصحيح في رأيي هو أن التدفق المالي، يَجبُ، بل لا بد، أن يتم بالاتجاهين. فخزينة الدولة تقبضُ مِن جيوب المواطنين، لتعيد إليهم مُقابلها، سلعاً وخدماتٍ ومَنافعَ تفوقُ في قِيمتِها الاجماليةِ قيمة ما قبضتهُ منهم.

الخلاصةُ، أن من الطبيعي أن تتغذى خزينة الدولة من جيوب المواطنين على أن يعاد تغذية جيوب المواطنين منها في دورة ازلية لأنه لا يجوز للحكومة ان تحقق الثراء او تحتفظ بارصدة بنكية لنفسها من الضرائب.
وكما أن خزينة الدولة تستمد المال من جيوب جميع القادرين على بقعة الارض التي تسيطر عليها دون إستثناء او محاباة، فإنه ليس فقط من المستهجن أن تتحول حصيلة الضرائب لجزء منهم ينتمون في الغالب للنخبة الحاكمة، بل ان هذا هو الطامة الكبرى والانتحار المذل.
إن الموقف السلبي من الضرائب كقاعدة عامة إنما يعكسُ الجهل بالحقوق والواجبات، كما يعكسُ حالةَ الإحباطِ من النتائج على ارض الواقع من تفسير الحكومة الخاطيء لقاعدة "خزينةُ الدولةِ جُيوبُ مواطنيها"، كما ينقل حالة التقاعس والجبن السائدة عند معظم المواطنين، الذين يتم، وبصورةٍ مُمنهجةٍ تفريغُ جُيوبهم رَغماً عنهم، تحت ذرائع مُختلقة، غَيرَ مُقنعةٍ البتةَ، بلْ وفجة، دونَ أن ينهضوا لحمايتها، ووقفِ التمادي غير المسؤول عليها.

ألا يُدركُ المُعارضونَ لِتَحمُلِ الضريبة "العادلة" لتمويلِ خزينة الدولة، أن هناك بديلين ستلجأ إلى احدهما او كلاهما الحكومة. البديل الاول هو الاستدانة من البنوك الدولية والاقليمية والمحلية والدول الاجنبية. والبديل الثاني هو إستجداءُ المنحِ والمساعدات من الحكومات الاجنبية. فاذا ما تذكرنا مقولة " أن ليس هناك غداء مجاني، فإن الدولة التي تبحث عن قروض ومنح سَتفقدُ سِيادَتها الحقيقية بل وحتى الشكليةِ، كما سيفقدُ الشعبُ سُلطتهُ على الحكومة، وسَتصبحُ الحُكومةُ وكيلا وأجيراً عند من يُعطيها أو يُقرضُها، ناهيك عما ترتبه القروض من فوائد عالية سيدفعها المواطنون عاجلا أم آجلا.
لتفادي ما أسلفت، تُحرمُ دساتيرُ الدول الديموقراطية على الحكومة الإقتراضَ إلا بقانون، أي إلا بموافقة مجلس النواب باعتبارهم ممثلي الشعب، كما تُحرمُ الدساتيرُ تَقبلَ مُساعدات أو مِنح من أي دولة إلا بموجب قانون، اي بموافقة الشعب ايضا. وهذا ما لا يجري في الاردن بسبب غياب الديموقراطية، إذ تدرج الحكومة في مشروع قانون الموازنة سنويا مبالغ القروض التي ستضيفها الى رصيد الدين العام القائم وبما يفوق الحاجة للاقتراض، وبالاستناد الى قانون الدين العام المخالف بشكل صارخ للدستور. والسبب أن مجلس النواب الذي اقسم على حماية الدستور والانصياع له بعدم مخالفته في القوانين التي يسنها، إما أنه لا يقرأ الدستور، أو أنه يقرأه ولا يفهمه ، أو أنه لا يعبأ به أصلا وتقبل ان يكون الشاهد "اللي ما شافش حاجه".
يترافق مع القاعدة الدستورية آنفة الذكر قاعدة دستورية أُخرى، سُفِكتْ دِماءٌ غزيرةٌ في سبيل الوصول اليها وهي: "لا ضرائب بدون تمثيل". أي أن دفع المواطنين للضريبة مشروط بموافقتهم عليها، من خلال مُمثليهم المُنتخبينَ منهم "حقيقة" وليس المُعينونَ من قبل الحكومة، وليس النوابُ الذين يشترون المقعدَ النيابي، وليس النوابُ الذين يشترون الاصوات، وليس النوابُ الذين يُمثلونَ القبائلَ والعشائرَ والاقليمية الضيقة المشينةَ، وإنما النوابُ الاكفاءُ المُخلصونَ، بِحقٍ للوطن، ويُمثلونهُ مِن الحدود السورية والعراقية حتى الحدود مع السعودية.

كما يُفهم من القاعدة الدستورية المشار اليها، أن المواطنين، لا يدفعون الضرائب كما تشتهي الحكومة، وإنما كما يُريدون هم وبما يحقق مصالحهم وامانيهم. وعليه، فإنهم كدافعي ضرائب، هم من يُحددُ أنواعَ الضرائبِ وقِيمِها وتوزيعِ عِبئها بصورة عادلة وحسب القدرة على الدفع وليس "حسب القدرة على التهرب أو الهروب"، وأولوياتِ الإنفاقِ حسبَ الأهميةِ النِسبيةِ للسياساتِ العامةِ الوطنيةِ التي تُقرُ بإرادةٍ وطنيةٍ تُمثل الاغلبية، وليست المفروضةَ مِنَ النُخبةِ التي تحتلُ المناصبَ العامةِ وتتوارثها. في الدول الديموقراطية، يتِمُ كُلُ ذلكَ بِكُلِ يُسرٍ وسهولة. فالمواطنون ينتخبون حكومات حزبية برامجية.

والبرنامج يتكون من السياسات المقترحة على الناخبين عند التصويت، والتي تُصبحُ واجبة التنفيذ من قبل الحكومة الفائزة في الانتخابات. كما تتم ترجمة تلك البرامج في الموازنات السنوية التي تقدمها الحكومة الى مجلس النواب والتي تربط بين الضرائب وغاياتها. في الختام لا بد من التأكيد على ان لا ضرائب بدون موافقة الشعب عبر ممثليه المنتخبين من الشعب بنزاهة، ولا انفاق لاموال الضرائب الا بموافقة هؤلاء الممثلين. إن تحصيل الضرائب وانفاقها بدون وجود مجلس نواب منتخب انتخابا نزيها لا يعتبر مشروعا لا دستوريا ولا اخلاقيا، بل اغتصابا لاموال الناس.

في الختام، أودُ أن أنوهَ الى أن الحكومة كيانٌ مُصطنعٌ، كيانٌ معنويٌ يخلقهُ الدُستورُ الذي يُترجمُ العقد الاجتماعي. العقد الاجتماعي "الرضائي" وليس المفروض ولا المُزورَ لإرادةِ المواطنين. وتمثلُ القوانين الصادرةُ بِموجبِ الدستور، والتي يَسنُها مجلسُ نوابٍ مُنتخب بصورةٍ نزيهةٍ ، الدماء التي تسري في شرايين الحكومة. الحكومةُ هي مُجرد وكيلٍ عن الشعبِ او أجير عِندَ الشعب. وكيلٌ يفترض أن يكون أمينأ على قدرِ ما هو مُؤتمن. إرادتها مُستمدة من ارادة الشعب وليس العكس.





  • 1 د.محمد نور الحمد 01-10-2018 | 02:48 PM

    الدولة تجيبي الضرائب من جيوب مواطنيها بالمليارات وتتقترض من البنوك الدولة بالمليارات وباعت مقدرات الوطن بالميارت وتاتيها المساعدات الخارجية بالمليارات، ولا خدمات تقدم للمواطن، فاين تذهب هذه الاموال كلها، هذا ما نريد من الرزاز ان يجيبنا عليه وبوضوح ان استطاع الى ذلك سبيلا


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :