"سم العنف العصبوي في دسم التعليم الجامعي" تدارك الحل قبل تفاقم الحالة
ممدوح ابودلهوم
04-05-2007 03:00 AM
[ لا أحد منا بمكنته تصور حالة أسرة يكون ابنها أحد الطرفين ، والذي قد باع أبوه (الدويرة) أو رهن (الوطاه) أو ربما باع (القمحات) سلفاً قبل الموسم ، بل قد يكون هذا الأب قد حرم ابناً أو ابنة أو جميع أبناءه إذ بالكاد استطاع تدريس أحدهم ، كي يُجد ويجتهد هذا الأحد ويتفوق فيرفع رأسه ورأس أبيه وذويه – والأدق (يكفيهم شره) في الغالب الأعم ، غير أن هذا (النظوة) – والذي أيضاً حرم فقيراً مستحقاً لم يملك أبوه ثمن مقعده ، ترك كل ذلك خلفه ظهريّا بإصراره همالةً وحُمقاً على أن يأتي (براس كليب) ، حين إنضم إلى دستةٍ في عصبيةٍ أخطأت طهر الساح وأصابت نقاء الخطاب العشائري في مقتل ، حين وضعوا طالباً من عشيرة أخرى في إحدى نوافير جامعة رسمية و أشبعوه طعناً وتكسيراً لا ضرباً مبرحاً وحسب ، حتى انقلبت مياه النافورة إلى دماء بريئة تماماً مثل أديم حرم إحدى الجامعات الأهلية ، حين اجتمع طغمة من الهمل تلبيةً لغنج إحداهن فهشموا رأسه ، ليعود إلى والديه مصاباً بارتجاج في الدماغ !ما قاله جلالة الملك الأربعاء الماضي (25/4) في الجامعة الأردنية ، مع قيادات التعليم العالي في الأردن وبحضور جلالة الملكة رانيا العبد الله ، حول توجهات جلالته في التأسيس لمرحلة جديدة للتعليم العالي ، وطلبه الحكومة بالتالي إعداد خطة نحو استراتيجية شاملة تطبق خلال السنوات الخمس القادمة ، هدفها الرئيس الوصول إلى نظام تعليم يعد كوادر بشرية مؤهلة ، تلبي حاجات المجتمع وتتمتع ( بتنافسية عالية ) على المستويين الإقليمي والدولي ، و أن يصار فوراً إلى تشكيل فريق وطني تكون هذه القيادات ممثلة فيه ، يقوم على وضع السيناريوهات المطلوبة نحو إنجاز هذه الخطة خلال الشهرين القادمين .
كل أولئك وهو بالمناسبة يصطف حلقة أخرى مضيئة وباهرة بامتياز ، من حلقات سلسلة الرؤى الملكية الطموحة و الشغوفة أيضاً في البناء على قطاع الشباب ، قد جاء مكملاً بل مشتبكاً ومتناغماً .. في الآن ذاته ، مع حديث جلالته في لقاءه الاثنين قبل الماضي مع شباب كلنا الأردن في البحر الميت ، بتناديه جندهُ من شباب الوطن نحو التحرك إلى بدء العمل على واجب تحقيق الذات ، عبر برامج تأهيل يضعونها هم أنفسهم من شأنها أن تمكنهم من القدرة على صنع المستقبل ، بمعنى المبادرة الآن وليس غداً إلى وضع الآليات المناسبة الممكنة والفاعلة أيضاً ، أي خلق المناخات وتذليل العقبات نحو تنمية المجتمعات المحلية كهدف رئيس في نهاية المطاف .
حالة التوهج الشبابية المنطلق الوطنية الهدف لدى جلالة الملك ، التي راح يتسم بها خطابه الإصلاحي في البناء على قطاع الشباب نحو صنع المستقبل ، تستحق منا إمعان النظر والتفكير ملياً قبل أن نضطر إلى خيار دب الصوت ، و ذلك بغية الوقوف على البون الشاسع والذي نرجو أن لا يكون عصياً حتى لا نقول مستحيلاً ، بين طهر الخطاب و نقاء الهدف في حالة التوهج الملكية هذه بعناوينها الحضارية ومعادلاتها الوطنية ، وبين ما يجري من شغبٍ في جامعاتنا الرسمية والأهلية سواء بسواء ، نحار في تخيل مرامي هذا الشغب العبثية إن كانت تنتسب إلى أيديولوجيا أو إلى عصبية – والأمر سيان .. فكلٌّ إلى خسران ، لكن الخوف كل الخوف من فوبيا مواجهة نتائجه الدراماتيكية على الصعيد الوطني شبابياً وتربوياً ، والأهم – وكله ينزل في باب الأهم – الاختلاف حتى العظم تبعاً لذلك في تعريف مركب هذه النتائج الخطيرة ، بين تعريفيّ العنف والإرهاب إن نجحنا في تفكيك عناصر هذا المركب الكيميائية إجتماعياً واقتصادياً وسياسياً والبقية تأتي !
من هنا .. فالحديث طويل كسيف وأسيف ، جاء تحذير جلالته بأن (العنف الطلابي خط أحمر ولن نتهاون فيه) ، و هو تحذير ملكي سامق الشأن سامي الغاية والهدف ، يجب علينا ( جميعاً ) : ( آباءَ وأمهاتٍ وحكومةً وبرلماناً وإعلاماً ووجهاءَ وأئمةً ووعاظاً وأساتذةً وأمناً وأحزاباً ومصلحين علماءَ .. الخ ) ، تبني خطاب جلالته الوطني ورسالته الإنسانية بكل ما أوتينا من همم وعزمات ، وقبل ذلك وبعده من ضمائر تتوسل القلوب حباً وحناناً والعقول متابعةً وحرصاً ، كي لا تذهب دعوة جلالته أدراج الريح بأن ( التركيز على النهوض بالبنية الفكرية للطلبة ) ، وهي دعوةٌ مهد لها حفظه الله حين جعل سن الناخب (18) عاماً ، وبأن المرحلة الشبابية هي ما بين ( 18- 27 ) عاماً ، ذلك أن جلالته بهذه الدعوة يبني على مليون ومائة ألف طالب على مقاعد الدراسة ، هم جزء من القطاع الشبابي الذي يشكل ثلثي مجموع الشعب الأردني ، وعليه .. خلوصاً ، وتلبيةً للدعوة وانصياعاً للتحذير واستجابةً لتطلعات جلالته ، نحو شباب هم فرسان التغيير المناط بهم قيادة المستقبل ، وبغية تقزيم الفجوة والأدق محوها بعد قمعها و تذويب البون الشاسع وجعله نسياً منسياً ، بين حالة التوهج الملكي في الاعتماد على الشباب وبين حالة شغب الجامعات ، نقترح البدء فوراً بهبة وطنية قد تكون أولى بشائرها ، دعوة أهل الحل والعقد والتربية والمشورة و الحكمة والرأي من الأباء الرواد ، من كبار رجالات البلاد الذين يؤتى من علمهم ويبنى على حكمتهم الآباء حقاً الكبار حتماً ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الذوات مع حفظ الألقاب : أحمد اللوزي وعبد السلام المجالي وزيد الرفاعي وعبد الرؤوف الروابدة وناصر الدين الأسد وعبد الباقي جمو ونوح القضاة وسعيد التل وعبد العزيز الخياط وبرجس الحديد وعبد اللطيف عربيات وأحمد عبيدات ومحمد خير مامسر وطاهر حكمت وغيرهم وغيرهم ، لإلقاء محاضرات لأبنائهم وأحفادهم في الجامعات الرسمية والخاصة ، نترك أمر ترتيبها للمعنيين الجامعيين الذين لن يعدموا الوسائل ولن تعجزهم القدرات ، إلى ما يمكن منهجته دون تعليق الدراسة فتوضع في خدمته كل الطاقات و الإمكانات ، بما يليق بمستوى هؤلاء الآباء المحاضرين وبما يستحقه هذا الموضوع .. خيراً للحاضر واستشرافاً للمستقبل .]
Abudalhoum_m@yahoo.com