لماذا الزّج بالأمراء في قصص الخيال
فايز الفايز
30-09-2018 12:33 AM
عندما إستتب أمر الحكم للملك عبداالله الأول بعد عام 1950 على شرق وغرب الأردن، بدأ محادثاته مع الإنجليز على مستقبل الحكم، وكان مختصر الأمر هو نجلاه الأميران نايف وطلال، ودون خوض غير نافع فقد قطع الأمر لخليفته في المُلك الأمير طلال أنذاك الذي كان في لندن للعلاج، وحين استشهد الملك عبداالله على بوابة الأقصى، تسلم الأمير نايف القيادة مؤقتا، قبل أن يغادر الى لندن، التي جاء منها الأمير طلال بعد أيام ـ 40 عاما آنذاك ـ ليجلس على العرش بإجماع مجلس الأمة، حتى تنازل عن العرش لإبنه الحسين عقب إجتماع لمجلس الأمة أيضا.
تزوج الحسين قريبته الشريفة دينا، حيث منحها لقب أميرة، ثم تزوج منى الحسين ومنحها لقب أميرة، ثم تزوج علياء طوقان ومنحها لقب ملكة وبعد وفاتها منح زوجته الرابعة لقب الملكة نور، فالدستور سمح للملك منح الألقاب ونقضها، ولكن الدستور الأول يحدد الركن الأساس في مؤسسة العرش وهو الملك الذي من خلاله ينتقل الحكم لأصلابه الذكور الأكبر فالأكبر، وغير الملك ليس هناك من له صفة عليا سوى ما يكلفه الملك بها ضمن الدستور، ولهذا فإن أصحاب السمو الأمراء لهم المكانة الإجتماعية ضمن العائلة الملكية، وهم جزء من أفراد هذا المجتمع يتأثرون ويؤثرّون بمعطيات المجتمع والوطن.
من هنا يبرز السؤال الذي يتناقله المتخصصون: لماذا كلما أدلى أمير برأي خاص في أي قضية، حتى لو أشبعها الرأي العام هرجا ومرجّا، تؤخذ لغايات أخرى ودروب ليست موجودة سوى في عقول من يحاولون إبراز أنفسهم على أنهم أبطال موسم السوشال ميديا أو اليوتيوب، وكأن الأمراء لا يحق لهم أن يسألوا أو يطرحوا إجابات أو تعليقات أو يشاركوا المجتمع قضاياه، أو حتى إستذكار الملك الحسين، ليزج بهم في قضايا خلافية ليست موجودة إلا في المجالس الخاصة والعامة ؟
عندما نشر الأمير حمزه بن الحسين رأيه في قضية الساعة، لم يخترع العجلة، بل قالها كرجل مدرك تماما لخطورة المرحلة، وهو أقرب لمؤسسة العرش ويدرك أهمية إسناد جهود جلالة الملك خارجيا، وتحديات المرحلة الأكثر خطورة منذ التجربتين التاريخيتين اللتين مرتا على الأردن سياسيا واقتصاديا، عامي 1970 عندما إنكشف الغطاء العسكري والمالي عن الأردن، و1989 عندما خوت الخزينة من الدولارات وبدأت سيطرة صندوق النقد تتحكم في السياسة المالية.
وبعكس ما يتم تأويل الكلام وليّ عنق الحقيقة، فإن الجميع مدرك للحقيقة، ومن تعامى فعليه عماه، والواجب أن يطرح الأمراء والرؤساء السابقون والوزراء المطلعون من الرعيل السابق وأهل الإختصاص كل ما عندهم من أفكار ليتحد العصف الذهني لغاية واحدة هي الحفاظ على إستقرار هذا الوطن الذي هو ملك للجميع ولا تستأثر به فئة لوحدها.
إن مرض التوحد السياسي والإقتصادي قد أصيبت به فئة تحكمت في المشهد خمس عشرة سنة مضت من الليبرالية السيانتتولوجية التي تسللت الى عمق الإدارة الحكومية بعملية أشبه بعملية «سنو وايت»، حيث بددت المالية العامة عبر نظرية الإنقلاب الإقتصادي والإجتماعي وما وصلنا اليه هو بركة أيديهم الطويلة، ورغم محاولات جلالة الملك في إيجاد بدعة جديدة لإصلاح الواقع الإقتصادي والسياسي ،فإن الطوق يزداد ضيقا على رقبة هذا البلد، ولهذا لا نستغرب الضرب تحت الحزام، ولكن أن تستمر مسألة تأويل الأحاديث لغايات التزلف والإستعراض ضمن قصص الخيال التي يبتدعها صنف يظن نفسه وصيا على الناس، فهذه من دلائل الإستهتار وتشدق الألسنة التي تحتاج الى تعديل عند الحدّاد.
الرأي