دائما ومهما توحدنا وجب علينا أن نفترق في لحظة وحدث معين، بعد أن نكون وصلنا درجة الإلتحام:

يلتحم الجنين بأحشاء أمه، وبعد أن يعتاد دفئها، وحنانها، طعامها وشرابها، يتوجب عليه الخروج صارخا إلى الكون الأكبر، وأولى دلائل صحته وتعافيه بعد الفراق، هي تلك الصرخات والعبرات.

تعتاد الصغيرات أحضان الأمهات ثم اذا ما اعتادت الأمعاء طعم الحليب واللباء وجب الفطام، وتناول الطعام.

يعتاد الطفل أحضان ذويه، أمه وأبيه وأخيه، وعندما يحين وقت تعلم الألف والباء، التاء والثاء، يغادر تلك الأحضان، ويتجه لمدرسته لتعلم البيان، بعد أن يبكي ذويه وكل من يعنيه بسبب الفراق ومحاولة الرفض وطلب العناق ومحاولة الالتصاق.

يتعرف الإثنان ، الذكر والأنثى ويطلقان ما لديهما من أشجان، يحبان وقد يفترقان، أو إلى أسرهم يلجأن، يريدا الزواج اذا ما اتفق المزاج وأن يثبت كل منهم للاخر بأنه عهد ووعد ليس فيه خذلان:

يحبان ويستمران.

يتزوجان ويبدأ كل منهم بالنكران، ويصلان لمرحلة يحرم بها الغفران، ويتخذان قرارا بالفراق بعد الكثير الكثير من العراك.
يموت أحدهم ويترك الاخر يعاني الم الفراق.

وفراق لسفر.
وفراق لعمل.
وفراق لدراسة.
وفراق لعلاج.
وفراق لتقلبات في المزاج، ولأن الاخر أصبح مصدر إزعاج.
وما يجمع اختلاف الحالات، هو ذاك القهر والكبت الذي ستعانيه الذات.

قهر الجنين، قهر الصغير، قهر العاقل والكبير، ومهما حاولت أن تصف ما يشعرون فلن تجد كلمات توفي وتعطي حق الشجون.

هي عقدة الإنفصال بعد أن أصبح جزء منك في مكان اخر بداية للجنين حياة!!!!!

ومع ذلك ننفصل، ونستمر، وتستمر الحياة، ونفترق ونفارق، حتى نتذوق ما أوجع وأدمى من أشكاله، إلى أن نفارق الفراق ذاته.

على أمل باللقاء