أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون الضريبة الجديد الذي سيطرح على الدورة الاستثنائية الحالية لمجلس النواب، وقد بذل وزير المالية جهودا استثنائية لحشد التأييد لمشروع القانون وسيكون التحدّي الأكبر الآن اقناع مجلس النواب، فمع البرلمان الماضي كانت الحكومة قد فشلت في تمرير مشروع قانون يخفض الضرائب على البنوك الى 25 % ويقلص التباينات بين القطاعات المختلفة.
ومن المتوقع أن تفتح اللجنة المالية حوارا موسعا مع مختلف الشرائح والفعاليات حول المشروع الخلافي.
المنحى العام لمشروع القانون الجديد يريد تقليل التمايزات بين القطاعات واختصار التدرج في الشرائح وتبسيط حسابات الضريبة وتوحيدها، وتبسيط الاعفاءات الشخصيّة بحيث يتمّ اعفاء أول 24 الف دينار بالجملة من الضريبة، اي ان كل من يقلّ دخله عن 2000 دينار شهريا لا يدفع ضريبة دخل، وبحسب د. باسم السالم فإن 95 % من الاردنيين تقريبا لن يدفعوا ضريبة دخل.
وسيلغي قانون الضريبة الجديد عشرات الضرائب والرسوم التي تعجّ بها القوانين والانظمة، وهذه كلها لن تجد معارضة من النواب على الارجح مع أن بعض الأمور يمكن التردد بشأنها، فتوحيد الاعفاء يتجاهل التباينات الكبيرة في النفقات بين أسرة من فردين وأخرى من سبعة افراد وابناء في الجامعات،..الخ.
اختصار الشرائح وخفض سقف الضريبة يخلّ بمبدأ التصاعدية كأداة للعدالة الاجتماعية وتدوير الدخل الوطني، وليس هناك تفهم لخفض السقف على مؤسسات مثل البنوك وشركات الاتصالات. ولو تركنا هذا جانبا فإن المشروع، كما يبدو، يؤدّي الى تخفيض خطير في دخل الموازنة فوق ما تعاني من عجز، لكن الوزير د. باسم السالم يقول ان الخفض في عوائد الموازنة لن يزيد على 50 مليون دينار، وهذا أمر يحتاج الى تدقيق.
المبدأ الأساس الذي يفترضه السالم ان التخفيضات سوف تشجع الاستثمار والنمو الاقتصادي، وبالنتيجة رفع عوائد الضريبة أكثر مما هي عليه الآن أي ان الانخفاض سيكون مؤقتا الى ان تعطي التخفيضات اثرها في تشجيع الاستثمار وزيادة النمو.
تمثل مجموع الضرائب في الاردن 22% من الناتج المحلي الاجمالي، وهي أدنى من نسبتها في الدول المتقدمة والتي تراوح بين 30% الى 40% من الناتج المحلي. لكن ضريبة الدخل بالذات تعتبر متدنية كثيرا كنسبة من الناتج المحلي لحساب اشكال اخرى من الضرائب والرسوم وعلى رأسها ضريبة المبيعات التي تقرر مجددا فصلها عن ضريبة الدخل. وهناك اقتصاد الظلّ الذي لا يدفع ضرائب وهناك التهرب الشخصي من الضريبة وهو واسع جدا.
لعلّ المشروع يغامر بتخفيضات واسعة تزيد العجز في الواردات، من دون أن نضمن تحسينا في التحصيل وفي مواجهة التهرب الضريبي، ومن دون ما يثبت أن التخفيض سيؤدي فعلا الى التوسع في الاستثمار. وليس مرجحا أن يكون سهلا تمرير القانون كما هو اذ ستطرح حلول وسط وسوف يتأثر الوسط النيابي بالحوار العام الذي، كما نرى، ينزع الى التحفظ على المشروع الجديد.
jamil.nimri@alghad.jo