كثيرة هي التشريعات التي ستعرضها الحكومة على مجلس النواب في دورتهم الاستثنائية، بيد أن بعض التشريعات ذات ثقل أكبر فهي قوانين مصيرية واستراتيجية كونها تؤثر في بنية المجتمع وتساهم في تأسيس عقد اجتماعي جديد.
ومن حزمة التشريعات المنتظرة قوانين المالكين والمستأجرين، ضريبة الدخل، الضمان الاجتماعي وقانون العقوبات، وكل واحد من هذه التشريعات يتفوق على الآخر من حيث أهميته وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية على مختلف شرائح المجتمع.
فأهمية أي تشريع يجب أن تحدد حجم ونوع النقاش الذي يخضع له، من قبل النواب الذين يملي عليهم دورهم ومسؤولياتهم منح كل تشريع اهتماما على نحو خاص، لمعرفة الآثار الحقيقية لكل تشريع على حدة وتحديد نقاط الضعف والقوة، ومعالجة الانتقادات التي تتعرض لها أية قوانين لا سيما ما يمس منها حياة المواطن وتفاصيل يومه.
ويدرك الكثيرون أن تقديم هذه القوانين دفعة واحدة على مجلس الأمة يشتت جهدهم المبذول في دراسة كل قانون وإجراء التعديلات عليه، بما ينسجم والمصلحة العامة، ولتفادي أي ثغرات وآثار سلبية قد تظهر مستقبلا.
فتعدد التشريعات وثقلها، خلال هذه الدورة النيابية التي تتسم بقصرها مقارنة بالدورات العادية، قد يأتي بنتائج عكسية على أداء النواب، ويؤدي إلى تمرير تشريعات تخدم الأجندة الحكومية بعيدا عن الآثار الاجتماعية لمثل هذه القوانين التي ستنظم حياة الكثيرين لسنوات.
وإن كانت وزارة المالية أدركت ضخامة حجم العمل الذي ينتظر النواب وآثرت أن تتراجع عن القانون الموحد للضريبة وتوزيعه على أربعة قوانين، فعلى النواب أنفسهم أن لا يقللوا من اهمية تعدد القوانين وأن يكونوا متيقظين لطبيعة التشريعات التي سيقرونها في نهاية الدورة.
وعلى نوابنا الكرام أن لا يمرروا أي قانون إلا بعد إشباعه بحثا ودراسة، فمسؤولية ممثلي الشعب تكمن في وضع تشريعات تخدم الشرائح المجتمعية المستهدفة من كل تشريع وليس تسديد فواتير للمسؤولين الحكوميين.
وعلى النواب أيضا أن يتذكروا أنهم البوابة الأخيرة لإقرار أي تشريع من عدمه، وأن الحكومة تترك الكرة في مرماهم لتمرير هذه التشريعات.
لذا، على ممثلي الشعب الذين سيعاودون البحث بعد سنوات عن قواعد شعبية تعيد انتخابهم، أن يضعوا لبنة قوية منذ الآن لبناء هذه القواعد مرتكزين على أدائهم وعملهم الحقيقي المتمثل في وضع التشريعات التي تنظم العمل الحكومي وتخدم مصالح الأفراد.
وعلى النواب أن يفطنوا إلى أن التنازل عن حقوق من انتخبوهم أمر غير شرعي، فقانون مثل الضمان يمس حياة القوى العاملة الأردنية، ويؤثر على قيمة التقاعد يلزم له كثير من البحث والاستعانة بالخبراء لكي يتبين النواب الخيط الأبيض من الأسود.
وقانون مثل ضريبة الدخل ومشروع آخر معدل لضريبة المبيعات يلمس مداخيل الناس ويعطي الحكومات الحالية والمقبلة عصا تلوّح بها تتمثل في فرض ضريبة على البنزين بمعدل 25 %، أمر يستحق التوقف عنده، فمن أعطى الحق للحكومة بإعادة فرض الضرائب على البنزين حتى بعد تحريره وترك أسعاره محكومة بالأسعار العالمية؟
هذه المسألة في غاية الخطورة فمنذ مطلع 2008 حينما تخلصت الحكومة من دعم المحروقات، تكاثرت الشكاوى بأن المداخيل القليلة والمحدودة لشريحة كبيرة من الأردنيين غير قادرة على تحمل فاتورة نفطية لم تقو الخزينة عليها، فما الحال الآن والحكومة تفكر بفرض ضريبة في أي حين.
الحكومة لعبت دورها بذكاء وتركت قرار تخفيض الضرائب على قطاع رابح ومستفيد هو قطاع البنوك للنواب للموافقة عليه أو رفضه أو تعديله.
الملك أعاد الثقة بمجلس النواب، وجملة التشريعات المنتظرة خطيرة ومهمة، والواجب يفرض عليهم أن يكونوا على قدر من المسؤولية وأن يتحملوا المهام المنوطة بهم والقيام بها على أتم الاستعداد، وأن يسجلوا هدفا في مرمى الحكومة، حتى لا يوافقوا على تشريعات ستضاف إلى قائمة طويلة من القوانين أقرتها مجالس نيابية سابقة وما يزال المواطن يحمل وزرها.
jumana.ghunaimat@alghad.jo