خطاب جلالة الملك امام الامم المتحدة
اللواء المتقاعد مروان العمد
28-09-2018 02:52 AM
قبل ان استعرض اهم محاور كلمة جلالة الملك المعظم في الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك بتاريخ ٢٥ / ٩ / ٢٠١٨ لا بد وان ارجع لحوالي السنتين قبل ذلك ، وعلى اثر نجاح ترامب في انتخابات الرآسة الاميركية والسياسات التي اتبعها والتي لا اريد ان اتحدث عنها بتوسع ولكن سأتحدث وباختصار عن سياساتة بالنسبة للقضية الفلسطينية وما يقال عنها انها صفقة القرن والتي اعطى مؤخراً مهلة ثلاثة اشهر لتطبيقها .
وهو قبل ان يطبقها اتخذ مجموعة من القرارات والاجراءات التي تصادر الحق الفلسطيني لصالح دولة الصهاينة . فهو اعترف بالقدس عاصمة تاريخية وابدية لاسرائيل واعطاها حق الولاية على كامل القدس . وهو الغى حل الدولتين وعمل على الغاء صفة اللاجئين عن اكثر من تسعين في المائة من الفلسطينيين وحصر هذة التسمية بمن بقي على قيد الحياة من الفلسطينين الذين غادروا فلسطين عام ١٩٤٨ دون من ولدوا بعد ذلك في دول الاغتراب ، ونزع حقهم بالعودة اليها ، فيما اعترف بحق اليهود في مختلف دول العالم بالعودة لارض فلسطين استناداً لدولتهم المزعومة التي اقيمت فيها قبل الاف السنين ولعدد محدود منها . ثم اعلن تجميد مساهماتة في منظمة الاونروا ودعا الى حلها ثم اغلق السفارة الفلسطينية في الولايات المتحدة الاميركية وقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية وحتى عن المستشفيات فيها . وتهجم على محكمة الجنايات الدولية وطالب بحلها خشية ان تقوم بتوجية تهم ارتكاب جرائم حرب لزعماء دولة الصهاينة . وتم تسريب معلومات عن خطتة لتوطين الفلسطينين في دول الشتات وعن كنفدرالية اردنية فلسطينية تتكون من الضفة الشرقية وبعض البلدات والقرى في الضفة الغربية على ان تكون العيزرية او ابو ديس هي قدس الفلسطينين وعاصمتهم . وقام بدعم يهودية الدولة وان اسرائيل ارضاً للشعب اليهودي وغيرهم مقيمين يتمتعون ببعض الحقوق ومنها حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية والوصول الى الاماكن الدينية بالقدس دون ان تكون لهم السيطرة عليها بقولة انه لا يمكن تصور دولة يهودية دون ان يكون لها سيطرة على جبل الهيكل .
ولعلاقة الاردن بكل هذه الاجراءات والقرارات فقد اعلن وعلى لسان جلالة الملك عبد اللة الثاني ابن الحسين رفضه لجميع هذه الاجراءات حيث رفض الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل واصر على ان القدس القديمة عاصمة للدولة الفلسطينية واصر على حل الدولتين ورفض الكنفدرالية الا اذا كانت بعد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة كما رفض بقية الاجراءات الاميركية والاسرائيلية بخصوص القضية الفلسطينية .
ومع شخص بمثل شخصية الرئيس ترامب فما كان لهذا الموقف ان يمر على الاردن دون عقوبات . ولكن للمصالح الاميركية في المنطقة والدور الذي يلعبة الاردن فية فقد جاءات العقوبات بطريقة غير مباشرة وعن طريق التأثير على الدول التي تقدم مساعدات للأردن وتجفيف مصادرها مما فاقم من الازمة الاقتصادية التي يعيشها بالاضافة لشن حملات من التشكيك في المواقف الاردنية ومواقف جلالة الملك بالنسبة للقضية الفلسطينية ونشر الاشاعات والاخبار الكاذبة والترويج لها على وسائل التواصل الاجتماعي .
كما لا يغيب عن الذهن الدور المتصلب لصندوق النقد الدولي في مباحثات تصحيح الوضع الاقتصادي الاردني والاصرار على تعديل قانون الضريبة المرفوض شعبياً لتأثيرة السيئ على مداخيل الطبقة المتوسطة والمعدمة مما جعل الشارع الاردني يغلي و يتحرك ضد هذا القانون وامتداد هذا التحرك ليشمل انتقاد الحكومات الاردنية والفساد والفاسدين والمطالبة بمحاسبتهم واسترداد المال المنهوب . واصبح الشارع الاردني ملتهباً ويكاد ان ينفجر ويصل الى مرحلة الفوضى الخلاقة التي بشرتنا بها كوندليزا رايس وطبقتها هيلاري كلينتون لولا وعي الشعب الاردني وادراكة مخاطر الوصول الى هذة المرحلة والتي كان الهدف من ايصالنا اليها هو هدم الصمود الاردني واخضاعة لمخططاتهم .
الا ان الاردن بقي صامداً على موقفة الذي كان قد اكدة جلالة الملك خلال اجتماعة مع ترامب في زيارتة الاخيرة للولايات المتحدة وبعد عودتة عندما اكد ان كلامنا داخل الغرف المغلقة هو كما في العلن ، رغم حملات التشكيك والتشوية بالموقف الاردني والايحاء بأنه متفق مع الحلول الامريكية والدولة الكنفدرالية و صفقة القرن .
وفي ظل هذه الظروف جائت كلمة جلالة الملك امام العالم اجمع وبحضور رؤساء وزعماء وملوك معظم دول العالم بالاضافة للوفود الرسمية لهذه الدول وفي جلسات منقولة على اهم وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والتي تنقل الحدث فوراً الى مختلف شعوب العالم ومناطقة ، ليعتلي المنصة جلالة الملك ليعلن وبكل ثقة و عزة و كرامة الموقف الاردني من مختلف قضايا العالم في كلمة تاريخية سوف اركز على ما ورد فيها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وضمن المحاور التالية : -
١ - اكد جلالتة ان جميع قرارات الامم المتحدة سواء من قبل مجلس الامن او الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة بلا استثناء التي صدرت منذ بداية القضية الفلسطينية وحتى الآن ، تقر بحق الشعب الفلسطيني بمستقبل يعمة الامن و السلام
٢ - قال جلالتة ان حل الدولتين وفقاً للقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة هو الوحيد الذي يحقق رغبات الطرفين بأنهاء الصراع واقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة قابلة للحياة على خطوط عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية .
٣ - واوضح جلالتة ان جميع الدول العربية والاسلامية ملتزمة بالسلام بموجب مبادرة السلام العربية
٤ - وتسائل جلالتة الى متى ستظل القدس تواجهة مخاطر تهدد تراثها وهويتها .
٥ - وقال ماهو مستقبل دولة واحدة ثنائية القومية تقوم على اساس انكار المساواة بين مواطنيها . ووصفها بألحقيقة البشعة وغير الديمقراطية . وهي ليست بديلة للسلام القائم على حل الدولتين بل هي تخلي عن السلام
٦ - واكد جلالتة انة لا توجد اتفاقية تبرم بشكل أُحادي وان أنجاز اي اتفاق يتطلب وجود طرفين وموافقتهم
٧ -وقال جلالتة ان على بلداننا ان تعمل معاً لاعادة عملية السلام الى مسارها الصحيح ورفض اية اعمال تهدد المفاوضات مثل الممارسات الغير قانونية او مصادرة الاراضي او تهديد الامن المعيشي للمواطنين الفلسطينين
٨ - وقال يجب ان ندعم التمويل الكامل لوكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين ( الاونروا ) وان هذا الدعم ضروري وملح وعاجل لضمان استمرار الاونروا بدورها وفقاً لتكليفها الاممي
٩ - واضاف جلالتة ان علينا الحفاظ على تراث القدس والسلام فيها . تلك المدينة المقدسة للمليارات من شعوب العالم وان الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس واجب يفخر الاردن بحملة واننا سوف نتصدى لأي محاولات لتغير الهوية التاريخية العربية الاسلامية للمدينة المقدسة
١٠ - وختم حديثة حول هذا الموضوع بقولة ان مستقبل القدس ليس شأناً اردنياً فقط بل هو شأن دولي فتهديد حرية العبادة وتقويض القانون الدولي ستكون لة تداعيات على مستوى العالم .
وفي المقابلة التلفزيونية مع محطة فوكس نيوز الاميركية بعد هذة الكلمة اكد جلالة الملك على هذه المحاور وخاصة الاصرار على حل الدولتين وان حل الدولة الواحدة سيكون كارثياً على دول المنطقة بما فيها اسرائيل ايضاً واضاف انة اوضح ذلك للرئيس ترامب والذي ابدى تفهما لة وقناعتة بأن حل الدولتين افضل
وقد اعلن الرئيس ترامب عن موقفة الجديد هذا في المؤتمر الصحفي الذي عقدة ليلة الامس حيث قال انة يفضل حل الدولتين اذا تم الاتفاق علية بين الطرف الاسرائيلي والفلسطيني وهذة الجزئية تلغي اي قيمة حقيقية لهذا الموقف الجديد ، حيث ان اسرائيل ترفض هذا الحل رفضاً قاطعاً . وخاصة انة اعلن عن عدم تنازلة عن الأجراءات الاحادية الاخرى التي قامت بها بلادة ومنها نقل سفارة بلادة للقدس حيث بشرنا بأن هذة السفارة سوف تنتقل الى موقعها الجديد والدائم بعد اربعة اشهر من الآن .
وخلاصة القول فقد نجح جلالة الملك في نقل الموقف الاردني الثابت من اي حلول تُعد للمنطقة بالرغم من قولة انة حتى هذة اللحظة لا يعلم اي شيئ عن تغاصيل خطة الحل التي تعمل الولايات المتحدة الاميركية على تطبيقها . ولكن ومن خلال ما قالة فقد كان صريحاً في معاوضته لجميع الاجرآت و السياسات الامريكية في المنطقة مما قد يضع الاردن تحت نيران الاستهداف لارغامة على القبول بما يرفضة وذلك من خلال خلخلة النسيج الداخلى في الاردن وخلق الفتن والانقسامات به ونشر الاشاعات الكاذبة ، وزيادة الضغط الاقتصادي علية الامر الذي يتطلب المزيد من الوعي والحرص لعدم الوقوع في هذا الفخت . وحفظ الله الاردن وشعب الاردن في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد اللة الثاني ابن الحسين واطال في عمرة