قانون الضريبة .. الحل داخل الصندوق
رومان حداد
27-09-2018 12:34 AM
أرسلت الحكومة مشروع قانون ضريبة الدخل إلى مجلس النواب، وكلا الطرفين، الحكومة ومجلس النواب، يدركان أن المجلس صاحب الولاية الدستورية، وفي ذات الوقت فإن هوامش التحرك محدودة ولكنها ممكنة.
أصحاب نظرات التفكير الإبداعي والخلاق يقولون إن التفكير الإبداعي هو أن نفكر خارج الصندوق، لا بل بعضهم يذهب أبعد من ذلك ويقولون أنه لا وجود للصندوق أصلاً، ولكن التفكير الإبداعي اليوم فيما يتعلق بموضوع قانون ضريبة الدخل يتطلب من الجميع التفكير داخل الصندوق والبحث عن الأدوات الممكنة لتحقيق هامش مقنع ومرضٍ للجميع.
علينا أن نعترف أننا من أقل الدول بنسب ضريبة الدخل، وقد نكون من أقلها أيضاً في رفد خزينة الدولة من بوابة ضريبة الدخل، ولكننا كذلك من أعلاها عبئاً ضريبياً على المواطن من خلال ضريبة المبيعات والضريبة على الضريبة والضرائب الأخرى، وبالتالي فعلينا أن نتشارك فعلاً في إيجاد حلول حقيقية كي نخفف العبء الضريبي عن المواطن، وتحديداً عن الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة.
ولكن حتى نتعاون على الحكومة أن تقدم التزاماً حقيقياً بدراسة القوانين المتعلقة بالضرائب بمختلف أشكالها، حتى تعيدها إلى حدها المنطقي، فالمواطن الأردني الذي ينتمي للطبقة الوسطى يدفع ما يقارب ثلثي دخله على التعليم والصحة والإيجار وأقساط البنوك والضرائب، ولا يتبقى له سوى أقل من ثلث دخله ليعيش به، وهو ما يمنعه من توفير المال والشعور بالأمان والاستقرار، وينطبق عليه قول المتنبي «وكأن الريح تحته».
وعلى الحكومة أن تمتنع عن رفع أسعار المشتقات النفطية حتى نهاية العام الحالي، وهذا الأمر لا يُقاس بمقدار العائد المالي بل بمقدار ما ينعكس على استقرار الدولة، فنحن لا نريد نقل الحوار إلى الشارع مرة أخرى، بل نريد الحوار داخل المؤسسات الدستورية صاحبة الصلاحية، وهو ما لن يتحقق إذا شعر الشارع أن الحياة تستمر بالغلاء، وأن الحكومة تمنع بالاعتماد على جيب المواطن.
وعلى الجانب النيابي يمكن للنواب فتح أبواب الحوار مع الجهات التمثيلية والمختصة، بعد أن يتبلور تصور أولي لدى اللجان النيابية المختصة، بحيث لا تكون اللقاءات مجرد وقت مهدور بل هي حوار حقيقي ومنتج.
هناك عدة حلول مقترحة يمكن العمل لتقديمها كمخرج مقبول لتمرير القانون، منها إعادة إعفاء الأسر بمبلغ 4 آلاف دينار للتعليم والصحة والقروض البنكية، وأي مبلغ أقل من ذلك غير مبرر، فعلى الدولة أن تعين المواطن الذي يضطر للدفع من جيبه الخاص مقابل خدمات كان على الدولة تقديمها له بنوعية جيدة، وهي التعليم والصحة.
كما يمكن توسعة الشرائح الضريبية، لتصبح 7500 دينار بدلاً من 5000 دينار، فوفق القانون الحالي فإن العائلة التي يبلغ مجموع دخلها السنوي 18000 دينار معفاة من الضريبة، والعائلة التي يبلغ دخلها الضعفين أي 36000 دينار تدخل في إطار الشريحة الرابعة وقبل الأخيرة، ومن يبلغ دخلها 43000 دينار تتساوى مع تلك التي يبلغ دخلها نصف مليون دينار في الشريحة الضريبية. كان يمكن تقليل الضريبة على الشريحة الأولى لتصل إلى 3 %ورفع الضريبة على الشريحتين قبل الأخيرة والأخيرة لتكون 6 ،%أو يجاد شريحة إضافية لتصل الضريبة إلى 30% كل ذلك يجب أن يترافق مع إجراءات مشددة لمحاربة التهرب الضريبي، كي يشعر المواطن الذي ينتمي للطبقة الوسطى الدنيا والطبقة الوسطى أنه ليس هو المستهدف أو هو من تقوم الدولة على أكتافه، في حين أن الأغنياء قادرون على التهرب والتمتع بمالهم دون دفع التزاماتهم للدولة التي يجنون أرباحهم منها.
الرأي