تطالعنا بين الفينة والأخرى بعض الأقلام التي تدعي الجرأة لتكيل الإتهامات وتصب جام غضبها على إحدى الجهات أو على أحد المسؤولين من خلال مقال ناري في إحدى الصحف الورقية أو الإلكترونية والتي يتفاوت عدد قرائها بطبيعة الحال لكنها تصل المسؤول المعني بغض النظر عن مدى رواجها . ينفش ذلك الكاتب ريشه ويتباهى بأنه الأذكى والأحرص على استثمار سقف الحرية المتاح وأنه البطل الذي لا يخشى في الحق لومة لائم وانه من سيلاحق الفساد والمفسدين مهما علت درجاتهم ، ويكال له نتيجة لذلك صنوفا من المديح والتبجيل في الجلسات والمناسبات إضافة إلى التعليقات الرنانة في المواقع الإلكترونية .
من حق المواطن أيا كان موقعه بل من واجبه إن كان قادرا على إيصال صوته من خلال منبر إعلامي أن لا يتوانى عن التأشير على مواطن الخلل في أداء أي مؤسسة عامة شريطة أن يكون دافعه الحرص على التصحيح قبل الرغبة في التشهير أو البحث عن الشهرة أو السعي لتحقيق مصالح شخصية كل ذلك من خلال نقد موضوعي بعيدا عن المساس بالأشخاص وكرامات الناس ولا ضير من اللجوء للقضاء إن شعر أحد الأطراف بوقوع ظلم عليه من الطرف الآخر ليقول كلمته الفصل بعيدا عن تبويس اللحى وسوق جاهات الترجي والتخجيل للتنازل عن الحق . لقد رأيت بأم عيني أكثر من منتقد لأداء أحد المسؤولين وقد خرج منشرح الخاطر من مكتب ذات المسؤول الذي رافقه لغاية الباب الخارجي مودعا بابتسامة الرضى عشية نشره لمقال لم يُبق فيه سترا لم يكشفه أو غسيلا لم ينشره ، وعند التدقيق لمعرفة ما جرى بينهما لم تخرج الحقيقة عن مجرد احتمالين أولهما قُبلة على رأس المسؤول والاعتذار منه عن سوء التصرف بغير قصد ، وثانيهما طبطبة المسؤول على كتف الكاتب مسترضيا إياه بعد وعده بتنفيذ طلب شخصي له مقابل التوبة ووعد بعدم التعرض بالنقد له أو لمؤسسته .
قليلون من المواطنين والقراء من يتابعون نتائج تلك المقالات أو يتنبهون إلى آثارها فقد يُحل الموضوع الشخصي بهذه أو تلك لكن تأثيره على المؤسسة أو الجهة المعنية لا بد وأن يدوم إن لم يصوب الخطأ موضوع النقد ، إن كان محقا ، ولا بد من معاقبة المدعي إن ثبت بطلان ادعائه ، أما الأهم من ذلك فهو ما قد يترتب على مواقف وعلاقات المؤسسة المعنية على المستويين الوطني والعالمي ، فقد يفسد المقال صيغة تعاون مقترحة بين جهة محلية وأجنبية تحقق فائدة ما للمؤسسة وللوطن وهو ما يمثل الضرر الأكبر للجميع .
المهندس مصطفى الواكد