كفار قريش عندما أخذوا من كل قبيلة رجلاً .. وذهبوا الى النبي محمد عليه الصلاة والسلام ليقتلوه وتتفرق دمائه بين القبائل ويضيع حق المطالبة بدمه ، ظلوا واقفين على باب بيت النبي(ص) طول الليل بانتظار أن يخرج لصلاة الفجر ويجمعوا عليه .
رغم أنهم كانوا قادرين أن يقتحموا البيت من أول لحظة ويهدموه على رأس كل من فيه .. احدهم حاول أن يقترح الفكرة مجرد اقتراح قوبلت برفض عنيف.
رد عليه أبو جهل بكل عنف واستهجان: (أتقول العرب أنا تسورنا الحيطان و هتكنا ستر بنات محمد).
كفار قريش كان عندهم الحد الأدنى من النخوة والرجولة والنخوة والشهامة ، كانوا يعرفون إن البيت فيه نساء، ولايجوز اقتحامه ودخوله دون أذن، وقالوا : لايجوز أن نكشف سترهم ، أو ننتهك خصوصيتهم .
وفي احد المواقف أبو جهل حينما غضب ، وضرب أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما )على وجهها طيشاً ، ظل يتوسل منها ويترجاها و يقول لها : (خبئيها عني ، خبئيها عني) ، أي لا تخبري أحداً بما حدث .. أي : لا تفضحيني ، ويقول الناس أني ضربت إمرأة .
أبو سفيان لما كان كافراً ، خرج مع قافلة من قريش في أرض الروم ، فاستدعاهم هرقل ملك الروم ليسألهم عن محمد؟
سألهم : هل تتهمونه بالكذب ؟ هل يغدر ؟ هل يقتل ؟
أبو سفيان يقول ( فوالله ، لولا الحياء أن يأثروا علي الكذب لكذبته) .
يعني رفض شتم النبي لأنه خاف إذا رجعوا مكة ، يقال إن أبا سفيان كذب .. خاف وخشي على سمعته ورجولته وهو كافر .
العظمة هنا ليست موقف أبو جهل أو موقف أبو سفيان .. العظمة في اخلاق المجتمع ..المجتمع الجاهلي الكافر كان عنده أخلاق .. وعزة وإنسانية وقيم وثوابت .
أما الآن فهناك الكذب ، والرذيلة ، وهتك للاعراض وتهجم على الافراد ، وسفك للدماء وهتك لحرمة البيوت على الملأ ، وارتكاب للموبقات ، وتفاخر بقلة الشرف و الدناءة في السلم و الحرب. "امم ذهبت اخلاقها ما بقيت" .
الآن إذا اختلفنا مع مسلم وليس مع كافر ، نتراشق معه بالسب ، ونؤلف عنه القصص ، وكلما جاءتنا قصة عمن اختلفنا معه صدقناها ونشرناها عنه وبنينا عليها المواقف .
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" والدين اخلاق ومعاملة وحسن جوار ، وادب شارع وسلوك وامانة ...وليس برواز ولباس ومقاعد، انها الاخلاق والقيم.