من ذكريات الثورة العربية الكبرى
أمل محي الدين الكردي
26-09-2018 03:39 PM
بعث محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار القاهرية الى عارف العارف وكان عارف العارف بعث اليه رساله يقول فيها:إننا أنا ورفاقي نعيش في الأسر ،نعيش عيشة منعزلة عن العالم كله وإننا في شوق لأستماع أخبار بلادنا اذ لا صحف هنا ولا كتب أو أي نوع من أنواع التسلية ،والصحيفة العربية الوحيدة التي نلهو بها هي (ناقة الله).هذه الجريدة الهزلية التي أصدرتها دون إذن من السلطة .ولكنها لا تسمن ولا تغنى من جوع .ذلك لانها خطية .
تصدر مرة في الاسبوع .وما كانت تملك من وسائل الاتصال بالعالم الخارجي ما يساعدها على أداء رسالتها .فأرسل محمد رشيد أعدادا من جريدة الاهرام ومن جريدة أم القرى التي كانت تصدر في مكة ومع هاتيين الجريدتيين رسالة بتوقيعه قال فيها:
"يسرني أن أخبرك يا عارف ،إن أمير مكة الشريف الحسين بن علي أيده الله قد أعلن الثورة ضد الاتراك وقد نودي به ملكا نحن اليوم مستقلون لنا كيان قومي ولنا جيش مستقل وها هو العلم العربي يخفق فوق الحجاز وسيخفق عما قريب في بلاد العرب كلها وها هم الجند جندنا يحاصرون المدينة والامل قوي في سقوطها في إيدينا بين لحظة وأخرى .
رفاقك في الدراسة وفي المنتدى الأدبي –جُلهُّم ان لم أقل كلهم قد أنضموا الى جيش التحرير .جيش الشريف الحسين بن علي أيده الله ..تلك الأهداف التي عاهدنا الله على تحقيقها ولست أرى في حاجة لأن أحثك على المجيء،وأن تخبر من تلقاه من الأخوان كي يسرعوا في المجيء الينا .فالثورة ،ثورة العرب كلهم ،وليست ثورة الحسين وأنجاله وحدهم .راجعوا حكومة القيصر،ستجدونها على استعداد لأن تسمح لكم بمغادرة بلادها ،ليس هذا فحسب بل إنها تعهدت أن ترجع من شاء من الأسر العرب على نفقتها ".
هذا ما قاله الاستاذ رضا في رسالته وقد ختمها بقوله "أسرعوا بالمجيء الينا فأننا في حاجة لكل واحد منكم"كدت أطير من فرحا لهذا الخبر .وما كدت أنتهي من قراءة الرسالة حتى جمعت رفاقي في المعتقل وأطلعتهم على ما جاء فيها وكان كل واحد منا أكثر اخلاصا من الآخر لقومه وبلاده وما كنا لنميز بين مصري وسوري أو عراقي وفلسطيني بل كنا نعرف شيئا واحدا ،هو إننا كلنا عرب وإن مصلحة قومنا وبلادنا تقضي علينا بالاتحاد والعمل المشترك من أجل خير العروبة ومن أجل التخلص من الحكم الأجنبي .
أتمنى أن أرى هذه القومية والتضحية اليوم كما كانت من قبل ليست تمثيل بل كانت تعمل متكافلة متضامنة وبإمكانيات محدودة ويمكن أن توصف بأنها جهد لتخفيف المثير الى البسيط وذي معنى للدلالات تكيفية بالنسبة للفرد.