(أسمائنا العربية تفيض بالمعاني الحية وتعكس بعض ما كان من تاريخ الأمة )
العامل الديني والسياسي أكبر مؤثر في إختيار الأسماء
لكل أمة طبائع وخصائص ،تبدو في مظاهر شتى من حياتها العقلية والنفسية والادارية ويبدو هذه الخصائص تعكس شيئاً مما كان من أحاسيسهم في سالف الأجيال .
بعض البلاد التي تعرضت للحكم العثماني كانوا يختارون أسماء أولادهم ما حمد وعبد بإستثناء عبد الحميد لانه كان اسم السلطان وكان يسمون حمدي تهيبا لاسم السلطان المستبد كما كانوا يختارون ما كان مضافا الى الدين مثل جمال الدين ،صلاح الدين ...ومن أخذ منهم شيئا من الثقافة ،قلد أسماء الأتراك التي لم يألفها العرب فسمي :رفقي ،وجدي،فكرت،جودت،أما النساء عائشة وخديجة وفاطمة وزينب وامثالها من أسماء الصحابيات وندر ما سمي الناس ببناتهم كان ذلك شائعا بين المسلمين أما أخواننا المسيحيون فسموا بأسماء الأنبياء العربية موسى وعيسى وابراهيم وأسماء القديسين وربما سموا عبدالله .
ولما جلا الترك عن البلاد وبويع فيصل الاول ملكا عليها ونعمت البلاد بالحرية والاستقلال وكان رمزا لتحقيق أمالهم سمي الكثير في تلك الفترة تيمنا بفيصل فيصل ومن طرائف تأثير السياسة أن رجلا مثقفا كان معجبا بهتلر رزق ولدا عام 1938 في الفترة فسمى ابنه (محمد هتلر)ومن المظاهر الواضحة إن الشراكسة الذين وفدوا الى البلاد العربية وكانت أسمائهم غريبة على البعض مثل خسرو،قانصو،بيبرس ثم أخذوا الى الاقتباس بالاسماء العربية .وكذلك الارمن
وكان ذلك مألوفا في الجاهلية النسب الى الام ومثال قصة أروى عمة أبي بكر الصديق مع عمرو بن العاص يوم وفدت على معاوية مشهورة ،أوردها إبن عبد ربه في العقد الفريد ،اذ قالت له :أدعاك اربعة من نفر من قريش،فوجدوا العاص أشبهم فيك ،فنسبوك اليه!.ومن العوامل التي أدت الى النسب الى الام سبي النساء ،ربما كان بينهن حوامل.أما بعد الاسلام فقد أضحى من النادر الانسب الى الام ومن الاسماء المشهورة بأسم الام عمرو بن المنذر بن ماء السماءباسم امه هند فلم يرد أسمه الا عمروبن هند وبنو رقاش معروفين ينسبون الى امهم رقاش ومما يلفت النظر ان العرب كانوا يسمون كلابهم كما نرى هذه الايام من يقتنيها وكان للحارث بن ربيعة كلب اسمه العباب فلقب باسم كلبه وغلب عليه .
وكان عبد الله بن يحي مجتهدا عابدا لقبه أصحابه (طالب الحق)لأن سيرته كانت تدعوا الى التسمية .ارجع اليها ففيها روائع الاستشهاد الديني .
أما اليوم بعض الأسماءلا حصر طبعا تجدها تنسب الى البلد او المهنة او المواقف او حدث معين حصل
هذه نماذج لم اقصد فيها الاستقصاء وانما هدفت الى التمثيل .اذا جمعت الى ما هو قائم في عصرنا هذا ،تبين ان اسم العلم عند العرب في القديم والحديث ليس مجموعة من الحروف الميتة التي لا تنحصر دلالتها في تمييز شخص عن آخر وإنما تعدى ذلك الى المجتمع بأسره والى ما فيه من حياة تنبض فيها شؤون العقل والقلب.