يعتبر التعليم أحد أهـم النظم الاجتماعية فى أى مجتمع ومن أهم الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومات لشعوبها لأهميته فى نقل القيم الأساسية للمجتمع لأجياله الجديدة، وهو فى ذلك يقوم بوظيفة التنشئة الاجتماعية، ويكاد ينفرد وحده بهذه الوظيفة فى المجتمع الحديث. ومن بين الوظائف الاجتماعية الهامة للتعليم فرز المواطنين وفقا لمهاراتهـم وقدراتهـم على أساس من الجدارة والقدرة. ويساعد هذا الفرز المجتمع فى اختيار من يتولى مناصبه الهامة، وهو فى ذلك لابد أن ترتبط مخرجات التعليم بسوق العمل. هذه الرؤية النظرية الاجتماعية للتعليم تساعدنا فى السؤال حول وظائف التعليم فى المجتمع الأردني، وإلى أى مدى يقوم التعليم بوظيفته أو وظائفه الاجتماعية فى المجتمع. هذا التصور النظرى للتعليم يجعلنا ننظر للتعليم فى المجتمع المصرى بمزيد من الأسى، فكثير من هذه الوظائف يفشل التعليم فى الاردن فى القيام بها، هذا فضلا عن الوظيفة المباشرة للتعليم المتعلقة بمهارة القراءة والكتابة واستخدام العقل.
لقد شهد نظام التعليم فى الاردن الكثير من التغيير والتعديلات التى أثرت بشكل سلبى على أداء مؤسساته ومستوى مخرجاته، بالإضافة إلى تأثره بشكل سلبى بمشكلات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية. وانتهى بانسحاب الدولة انسحابا تدريجيا مستترا من تقديم الخدمات الاجتماعية العامة عبر تقليل الإنفاق عليها، وتعمد تقديم خدمة تعليمية سيئة، مما يدفع قطاعا من المواطنين دفعا إجباريا نحو البحث عن خدمة تعليمية بديلة فى القطاع الخاص.
مع تزايد حدة النقد الاجتماعى للنظام التعليمى وسوء الخدمة التعليمية، وتحمل المواطنين أعباء فوق طاقتهـم فى سبيل الحصول على الخدمة التعليمية، اضطرت الدولة للدعوة لإصلاح التعليم، وعقدت فى سبيل ذلك العديد من المؤتمرات بهدف ترسيخ القيم الأصيلة للمجتمع وخلق حياة طلابية فاعلة فى المدارس والجامعات، الحد من مشكلة البطالة. وطرح رؤيته لتطوير التعليم والتى رأى أن تركز على تطوير المناهج وأساليب التدريس، تنمية مهارات المعلمين وأعضاء هيئة التدريس، التوسع فى تطبيق اللامركزية فى إدارة العملية التعليمية، تعميق النظرة لتطوير التعليم على أنها عملية مجتمعية، دعم ثقافة البحث العلمى، الاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة، توفير أماكن جديدة تستوعب تضاعف الأعداد بالمدارس والجامعات.
لقد نجحت كل هذه الجهود فى تحسين بعض مؤشرات التعليم فى الاردن مثل رفع معدلات القيد وتخفيض فجوة النوع، وتخفيض معدلات التسرب إلى حد ما، ومع ذلك لم يزل نظام التعليم فى الاردن يعانى من مشكلات أساسية جوهرية استمرت معه وتضخمت منذ ثمانينيات القرن العشرين وحتى اليوم، ومع وجود اهتمام وإرادة سياسية، وخطط قومية استراتيجية، وإنشاء هيئات للأبنية والجودة والاعتماد، وعقد المؤتمرات القومية، إلا أن كل ذلك لم يفلح فى إصلاح النظام التعليمى، وتدهورت مستويات تقديم الخدمة التعليمية.