المراجعة ، هي سمة المجتمعات والاقتصادات الحية ، ولا تعني بالضرورة الانقلاب على نهج ساد بقدر تتبع العثرات والتعرف مجددا على العراقيل لتجاوزها نحو انجاز أفضل . الفهم الموضوعي للمراجعة يجب أن يتركز على اعادة تحليل الأولويات بقصد مراجعتها لصياغة أنجع الوسائل لانجاح خطط تنفيذها ، وقد قلنا سابقا أن ما تحقق في عقد من الزمن تؤشر عليه النتائج والأرقام .

حتى وان قصدت المراجعة ترتيب الأولويات فتأتي التحديات الاقتصادية أولا ودائما ، فهي التي تشغل البال وفقا لكل استطلاعات الرأي التي أجريت على مدى عقد كامل . الاقتصاد الأردني أحد أصغر الاقتصاديات في الشرق الأوسط والأكثر معاناة من المصاعب والاختلالات المزمنة.

الأجندة الوطنية ومن بعدها كلنا الأردن وضعت الاقتصاد في مقدمة التحديات ، وكما هو معروف فان الحكومة اتخذت من الأجندة الوطنية وكلنا الأردن معالم طريق تسلكها في برامج عملها.

من التحديات أن 14% من الأردنيين دون خط الفقر، و13% في بطالة ، فالاقتصاد لا يستطيع أن يستوعب كما يجب التدفق السنوي لطالبي العمل، كما أن إنتاجية الأيدي العاملة متدنية ومثلها إنتاجية الحكومة .

سيطرة الحكومة على الاقتصاد ما تزال معضلة ، فالقطاع الخاص الذي برع في قيادة قطاعات اقتصادية تمكن من رفع انتاجيتها وربحيتها وتخليصها من بيروقراطية وروتين ، ما يزال في قفص الاتهام ، بالجشع والأنانية الاقتصادية ، وهو مالا يتفق مع اتجاهات تحرير الاقتصاد لرفع سوية الانتاج وتعزيز المنافسة وغيرها من المكاسب التي رأيناها تحققت في قطاعات الاتصالات والتعدين والنقل والطيران والتعليم الخاص الذي قاد عملية التحديث .

في ظل ادارة القطاع الخاص تخلصت الخزينة من عبء الانفاق على شركات التعدين مثلا بأكثر مما كانت تحققه هذه الشركات من عوائد وكذلك كان الأمر في الاتصالات والنقل ، بينما ما يزال قطاعا المياه والكهرباء يستنزفان الموازنة .

الموازنة تعاني عجزا مزمنا الى جانب عبء ما يزال ثقيلا من الدين العام بالرغم من النجاح المثير في خفضه بشراء جزء منه باستخدام عوائد التخاصية.

بالاضافة الى ضعف القدرة على توظيف الاموال والمدخرات في محركات التنمية ما يجعل القطاع العام عاجزا عن تدبير المال اللازم لتمويل مشاريع البنية التحتية ، تبرز أهمية تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى في قطاعي المياه والطاقة ، ما سيحتاج الى جذب استثمارات كبيرة ستحتاج الى جهد أكبر يركز على معالجة معيقات جذب مثل هذه الاستثمارات وفي مقدمتها البيروقراطية وتعدد المرجعيات .

qadmaniisam@yahoo.com