(الاسكندراني) يؤاخي في السلط بين عين الباشا ويافا
22-09-2018 06:02 AM
عمون - السلط - وسط أجواء استثنائية وجمهور لافت، أقام مقهى "الاسكندراني الثقافي" في شارع الحمّام داخل السلط القديمة، احتفالية تضمنت عديد الفقرات والمفردات.
الاحتفالية التي أقيمت برعاية مدير ثقافة البلقاء جلال أبو طالب، ومن خلال تعاونٍ بنّاء مع بلدية السلط الكبرى، ومديرية سياحة البلقاء، تضمنت عرض فيلم "عين الباشا: جدلية التفاصيل" الذي أشرف الروائي محمد جميل خضر على كتابة نصوصه وإنتاجه لوزارة الثقافة عن عين الباشا مدينة الثقافة الأردنية لإقليم الوسط. كما شملت توقيع خضر روايته "يافا.. بوينس آيرس.. يافا" الصادرة طبعتها الثانية عن دار "الأهلية للنشر والتوزيع". وحول الرواية وفي ظلالها قدّم المحامي محمد عبد العزيز أبو رمّان مداخلة نقدية.
الاحتفالية التي أدار فقراتها وتفاصيلها الكاتب مصطفى توفيق أبو رمان، تضمنت، إضافة لما ورد أعلاه، تقديم الفنان أسعد خليفة بصوته وإحساسه نصّاً من رواية "يافا.. بوينس آيريس.. يافا"، كما ألقى الشاعر راكان المساعيد عدداً من قصائده التي جابت المسافة بين عين الباشا ويافا واختصرت عراقيلها.
استهلت الاحتفالية التي حضرها مدير سياحة البلقاء محمود عربيات ورئيس بلدية عين الباشا الجديدة جمال الواكد الفاعوري، بعرض الفيلم الوثائقي: "عين الباشا: جدلية التفاصيل" من إخراج محمد دراج، ومونتاج عبد الرحمن الراعي، مدير التصوير والإضاءة: فراس علقم، تصوير إبراهيم طبازة ومحمود الدراج، مساعد مخرج مصعب خضر، في حين قدمت شركة الديار للإنتاج الفني الخدمات الإنتاجية. نصوص الروائي محمد جميل خضر سجلها الفنان عايد علقم بصوته.
جال الفيلم بشفافية بليغة مختلف مناطق لواء عين الباشا: مخيم البقعة، أم الدنانير، أبو نصير، أم بطمة، السنديان، موبص، صافوط، الحنو، أبو حامد، إضافة لمنطقة عين الباشا نفسها.
ومن خلال تناغم أخاذ بين نصوص خضر وكاميرا الدراج تجلى الفيلم كمقطوعة موسيقية عميقة الدلالات.
مدير ثقافة البلقاء جلال أبو طالب أكد في كلمته على أهمية المقاهي الثقافية كمراكز عمومية "للاستئناس بالكِتاب في أوساط الشباب". وقال أبو طالب إن مقهى الاسكندراني يشكل "تجربة حضارية تستحق الاهتمام والتنويه والدعم لأن الغاية منها تأسيس مجتمعٍ ثقافيٍّ وتسليحه فكرياً في مواجهة ثقافة الاستهلاك". أبو طالب أشار، إلى ذلك، أن المقاهي الثقافية ليست وليدة الحاضر المتعيّن، بل يعود زمن وجودها ودورها إلى مطالع القرن الماضي، سواء في باريس أو في كثير من عواصم العالم.
رئيس بلدية السلط الكبرى المهندس خالد الخشمان أكد في كلمة ارتجلها في ظلال المناسبة أن وحدة الشعبين الأردني والفلسطيني ليست مجرد شعار يمكن أن يرفعه أحدهم هنا أو هناك، بل هي وحدة تتجلى كخيارٍ وطنيٍّ قوميٍّ أخلاقيٍّ دينيٍّ استراتيجيٍّ لا بديل عنه.
الخشمان أعلن في الاحتفالية عن إصدار كتاب "السلط حديث العين"، حيث يتضمن الكتاب الصادر بطبعة ملونة وأنيقة عن وحدة إدارة مشاريع تطوير وسط مدينة السلط، وبدعم العين مروان الحمود وجامعة عمّان الأهلية، صوراً لفنون العمارة في السلط، والحياة اليومية فيها، وشوارعها وأزقتها ومطبخها ومغاورها ونباتاتها والوئام الساكن عروقها ومختلف تفاصيلها.
كما يتضمن الكتاب الواقع بـ 430 صفحة من القطع الكبير والمغلف بغلاف سميك، أبياتاً شعرية يتغنى أصحابها بالسلط ونواحيها.
المحامي محمد عبد العزيز أبو رمان قال في ورقته النقدية حول رواية "يافا.. بوينس آيرس.. يافا" إن الرواية تقدم باقة وفاء لشخصية فنية موسيقية غنائية يجهلها كثير من الناس ولا يعرف عنها إلا خاصة الخاصة.
كما أشار إلى أن الرواية تربط بين هجرتين: "هجرة الهاربين من أهوال حروب القرن التاسع عشر، وهجرة الهاربين من جرائم الصهاينة خلال النكبة الفلسطينية". رائياً أنها (أي الرواية) تمد خيطاً يمتد من هجرات العرب نهايات القرن التاسع وصولاً إلى ما تبع ذلك من هجرات ولجوء ما يزال أبناء الأمة العربية يجدون فيه الملاذ والخلاص من دوامة القتل والتنكيل وفقدان فرص العيش الكريم.
رئيس بلدية عين الباشا الجديدة جمال الواكد الفاعوري تأمّل في كلمة مرتجلة دلالات عرض فيلم عن لواء عين الباشا في السلط "الأم الكبرى لمختلف مناطق البلقاء وأولويته"، قائلاً: "ها هو مقهى الاسكندراني يؤاخي في ظلال مدينة السلط بين عين الباشا ويافا".
الفنان أسعد خليفة ألقى في الاحتفالية التي حضرها مبدعون وأكاديميون من بينهم الشاعر د. محمد العطيات وأستاذ اللغة العربية وآدابها د. عبد الكريم الحياري، فصل "ذاكرة عود" ضمن فصول رواية "يافا.. بوينس آيرس.. يافا"، موضحاً معاني هذا الفصل حين يؤنسن العود الذي يرمز في الرواية كما يرى خليفة إلى العودة وحلمها الذي لا يموت ولا ينتهي:
"أكاد أجزم أنه لا عود من أعواد الكون جميعها، تعرَّضَ لما تعرّضتُ له من مدٍّ وجزر.. ولادتي كانت في بغداد.. على يد محمد فاضل، أبي وأب أجمل الأعواد.. من هناك حُمِلت مزهواً بفخار عظيم إلى عمّان، ومنها إلى القدس، ومنها إلى يافا.. سافرتُ مَرّةً إلى القاهرة، وفي أخرى رأيت دمشق.. ركبتُ طائرات.. خضتُ أعماق بحور ومحيطات.. تدافعتُ عند أبواب حافلات قديمة وحديثة.. سرتُ مشياً على الأقدام رفقة مشّائين مجنونين عبروا بي مدناً وبلاداً وصحاري وفيافي وأنواء".
الشاعر راكان المساعيد ألقى في ظلال الاحتفالية ومن وحيها قصيدتين. في قصيدة "لا تسألوني عن يافا"، عاين بدمع القلب وحنين الموجوعين دفاتر البحر وأيام البرتقال:
"يَـافَـا هُنَـاكْ
خَلْفَ الْـمَكَـانِ
وخَلْفَ أَرْوِقَةِ الزَّمَـانْ
نَحِيبُ أَفْرَاخِ الْبَلَابِلِ
فَوْقَ غُصْنِ الْبُرْتُقَـالْ
وَغَصَّةُ النَّـايِ الْحَزِينِ
أَتَتْ عَلَى جُنْحِ الْـمَدَى
تَغْتَـالُ صَمْتَ النَّـائِحِينْ".
إلى أن يصل أبواب الأمل ورفض الواقع المعاش:
"إنِّي قَدْ نَهَضْتُ مِنَ السُّبَـاتْ
نَفَضْتُ عَنْ وَجْهِي التُّرَابْ
كَتَبْتُ فَوْقَ بَيَـارِقِي
يَـا شَمْسَ يَـافَـا أَشْرِقِي
لَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَعُودَ
مِنْ فُوَّهَـاتِ بَنَـادِقِي".
وفي قصيدته "بنت الجبال" يتغنى الشاعر المساعيد بالسلط وبهائها:
"بين المدائنِ لا أرى إلّاكِ
إني بعين العاشقين أراكِ
يا سلط يا أم الرجال ترفقي
وتنفسي بالكون عطر ثراكِ
إنَّ الكواكب إنْ علت فعلوها
مهما علت لن تعلو قدر علاكِ".