نحو مشروع قانون ضريبة دخل متميز لسنة 2018
د.موفق المحاميد
22-09-2018 04:19 AM
أكد جلالة الملك عبد الله الثاني إبن الحسين حفظه الله ورعاه في كتاب التكليف السامي لدولة رئيس الوزراء د.عمر الرزاز بتاريخ 05 حزيران/يونيو 2018 على" أن بلورة مشروع قانون ضريبة الدخل هو خطوة ومدخل للعبور نحو نهج اقتصادي واجتماعي جديد، جوهره تحقيق النمو والعدالة، وعليه، فإن على الحكومة أن تقوم بمراجعة شاملة للمنظومة الضريبية والعبء الضريبي بشكل متكامل، ينأى عن الاستمرار بفرض ضرائب استهلاكية غير مباشرة وغير عادلة لا تحقق العدالة والتوازن بين دخل الفقير والغني، ويرسم شكل العلاقة بين المواطن ودولته في عقد اجتماعي واضح المعالم من حيث الحقوق والواجبات"، وترسيخا لحب الوطن وتعزيزا لروح المشاركة الفاعلة و تأكيدا على سيادة القانون وانطلاقا من احترام الدستور والتأكيد على أن الضريبة واجب وطني يستفيد منها الفقراء وهي في الوقت ذاته ليس عقوبة على الأثرياء بحيث نتخذهم ستارا وذريعة لتسويق القانون مما قد يؤدي إلى المساس بالاقتصاد الوطني والاستثمار، وأشير هنا إلى بعض الملاحظات على مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل على النحو الآتي:
الملاحظة الأولى : إن تعريف التهرب الضريبي بالصورة التي وردت في مسودة مشروع القانون وبالرغم من أهميتها يؤخذ عليها الإمعان في أوصاف وشروط للسلوك الذي يعتبر تهربا ضريبيا(باشتراط استعمال وسائل احتيالية وأن تنطوي تلك الوسائل على عش أو تزوير ...الخ) وهذا من شأنه تقليص نطاق تطبيق المادة (66) من قانون الضريبية الحالي، ثم إن مسودة مشروع القانون قلصت فعلا من نطاق تطبيق المادة (66) من القانون الحالي ، ففي مسودة مشروع القانون تم حذف عبارة ( أو حاول التهرب) الموجودة في مطلع المادة (66) من القانون الحالي ، كما أن إلغاء الفقرة(ب) من نص المادة (66) وفقا لمسودة مشروع القانون ليس له ما يبرره و يعتبر تساهلا وليس تشددا مع جرائم التهرب الضريبي ، فجريمة التهرب الضريبي وفقا للقانون الحالي يعاقب عليها بالغرامة التعويضية(مثل الفرق الضريبي) والتي تم رفعها في مسودة المشروع لتصبح (مثلي الفرق الضريبي) لكن القانون الحالي يعاقب على التهرب بالغرامة والحبس معا(اذا زاد مقدار الفرق الضريبي على خمسين الف دينار وحتى مائة الف دينار تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن أربعة أشهر و لا تزيد على سنة واذا زاد مقدار الفرق الضريبي على ذلك تكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة) بينما في مسودة مشروع القانون العقوبة الغرامة التعويضية فقط حيث سيتم حذف الفقرة (ب) من المادة (66) وهذا لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال تشدد في مواجهة التهرب الضريبي بل تساهل بمعاقبة المتهرب بالغرامة فقط أيا كان فرق الضريبة الذي تم التهرب منه، اضف إلى ذلك أنه بالرغم من أن مشروع القانون الجديد أضاف عقوبة الحبس على المتهرب ضريبيا وهذا فقط عند تكرار ارتكاب الجريمة إلا أن صياغة النص جاءت ضعيفة حيث ورد في المادة (33) / ثالثا من مسودة مشروع القانون ( اذا تكررت أي من هذه الجرائم للمرة الثانية) أي أنها اذا تكررت للمرة الأولى فتسبقي العقوبة الغرامة فقط، ثم حتى لو لم يكن القانون الحالي يتضمن التكرار كظرف مشدد فيمكن وعملا بالمادة (68) من القانون الحالي تطبيق أحكام التكرار كظرف مشدد الموجودة في قانون العقوبات، كما أن انطواء مسودة المشروع على إلغاء الفقرة(د) من نص المادة (66) الحالي والتي تنص (يعاقب بغرامة تعويضية لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على الف دينار كل من خالف أحكام هذا القانون فيما لم يرد به نص)، ليس له ما يبرره وبقاء الفقرة(د) دون تعديل أحوط وأفضل، ويمكن الاسترسال أيضا بالقول بأن النص في مسودة القانون أو في القانون الحالي يوحي بأن جرائم التهرب الضريبي لا تقع إلا بالسلوك الإيجابي (القيام بفعل) في حين أنها قد تقع بالسلوك السلبي (الامتناع) والأفضل أن يكون تعريف التهرب أكثر اتساعا فالتهرب يشمل (أي سلوك أو امتناع يهدف أو يؤدي للتأثير سلبا على المسؤولية الضريبية)، بل قد يكون الأفضل عدم تعريف ذلك المصطلح جريا مع التشريعات المقارنة ويمكن هنا الإشارة إلى أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD أشارت إلى صعوبة إيراد تعريف شامل لهذا المصطلح ونحن على ثقة بأن القضاء الأردني يستطيع تطبيق هذا النص في كل حالة حسب ظروفها دون أن نكبله بتعريف مثقل بالشروط والأوصاف.
الملاحظة الثانية: إن إخضاع الدخل من النشاط الزراعي فيما زاد على (25) الف دينار وفقا لصياغة المادة (5) من مسودة مشروع القانون يعد رجوعا أشد قسوة إلى الوراء(وأعني رجوعا للقانون المؤقت رقم (28) لعام 2009 (الملغى) والذي كان يحتوى نص (أكثر رحمة) يعفي الأفراد عن كامل دخلهم من النشاط الزراعي ويخضع الشركات ويمنحها إعفاء 75 الف دينار من الدخل)، وذلك القانون عندما عرض على مجلس الأمة ليصبح قانونا دائما وليحمل فيما بعد الرقم (34) لسنة 2014 بعد أن تمت الموفقة عليه مع التعديل ، و كان مجلس الأمة قد أجرى عليه تعديلات ومنا إعفاء الدخل الزراعي كاملا والذي نجده في المادة (5) من القانون الحالي رقم (34) لسنة 2014 ، ثم إن إعفاء أول (25) الف دينار يعني أن كل القطاع اصبح خاضعا للضريبة (وكأن منطق مسودة النص يقول بصورة غير مباشرة) إذا توصلنا بعد التدقيق على حسابات الشخص أن دخله الصافي لا يتجاوز (25) الف أعفيناه عن تلك السنة، مما يترتب عليه ارتفاع الكلفة على هذا القطاع حيث سيكون ملزما بإصدار فواتير ومسك حسابات وتقديم إقرارات، أما القول بأن الدخل الزراعي سيحدد بنظام فلن يعني هذا إخراج أنشطة من الخضوع لأن الإخضاع و الإعفاء لا يكون بنظام وإنما بقانون عملا بالمادتين (111) و(118) من الدستور، وليس معنى هذا أنه لابد من الاستمرار في إعفاء كبار التجار والشركات ممن يمارسون النشاط الزراعي كتجارة ، أي تعتبر أعمالهم أعمال تجارية وتخضع للقانون التجاري و تندرج ضمن مفهوم نشاط الأعمال الوارد في المادة (2) من القانون الحالي ، بل الأفضل العودة إلى صياغة النص المتعلق بالنشاط الزراعي بالصورة التي كان عليها في القانون رقم (57) لسنة 1985 وتعديلاته (الملغى).
الملاحظة الثالثة: تنتقد المادة (7/ أولا) من مسودة مشروع القانون والتي نصت على إلغاء عبارة ( بموجب أحكام هذا القانون) الواردة في آخر الفقرة (ب) من القانون الحالي ، لان النص الحالي يتضمن أنه لا يجوز للمكلف تنزيل (الغرامات الجزائية والغرامات المدفوعة تعويضا مدنيا بموجب أحكام هذا القانون ) كمصروف وهذا مقبول لكن اذا حذفنا عبارة ( بموجب أحكام هذا القانون) فهذا سيوسع من نطاق المصاريف غير المقبولة ضريبيا بحيث تشمل الغرامات المدنية كالغرامة التي يدفها المقاول مثلا على التأخر في تنفيذ العقد والإخلال بشروط التنفيذ واي غرامة ذات طابع مدني والغرامات المتعلقة بالعمال أو تجديد الرخصة وغيرها رغم كون تلك المبالغ نفقة حقيقية أنفقت في سبيل إنتاج الدخل وذات طابع مدني.
الملاحظة الرابعة : تنتقد المادة (7/ ثانيا/ ح) من مسودة مشروع القانون والتي تنص على أنه لا يجوز تنزيل (المصاريف التي تكبدها المكلف لأغراض شخصية أو خاصة، وأي نفقات أخرى متعلقة بالأسرة.)، لأن هذا النص تمهيد للمادة (8) من مسودة المشروع والمتعلقة بالإعفاءات ( والتي تم انتقاصها عما هي عليه في القانون الحالي) ، فنعم لا يجوز تنزيل هذه المصاريف كمصاريف إنتاجية لأنها ليست متعلق بإنتاج الدخل وإنما بإنفاق الدخل ولكونها دستوريا وواقعيا ضمن إعفاءات للشخص الطبيعي لأنها جزء من قدرته على الدفع، فالأصل أن الضريبة تفرض وتراعي قدرة الأفراد على الدفع(م 111 من الدستور)، وقدرة الفرد على الدفع (تشمل نفقات أسرته وهي نفقات واجبة قانونا بموجب قانون الأحوال الشخصية (فنفقة الزوجة والأبناء المعالين وتشمل الملبس والمسكون والدراسة وغيرها وفقا لشروط قانون الأحوال الشخصية ملزمة وواجبة وتؤثر على قدرة الفرد على الدفع)، وطالما أن الدستور في المادة (111) أوجب على الحكومة (بمعنى الدولة) أن تراعي المساواة والعدالة الاجتماعية ولا تتجاوز قدرة الأفراد على الأداء وحاجة الدولة للمال ، فهذا النص لا يكون صحيحا إلا اذا كان المقصود به لا يجوز تنزيل هذه المصاريف كمصاريف إنتاجية لان سيتم تنزيلها فقط للشخص الطبيعي وكإعفاء واقعي، أي أن هذه المادة تقرأ بالضرورة مع المادة(9) من القانون الحالي التي تعالج الإعفاءات، والغاية من هذا الانتقاد التأكيد على أن الإعفاءات التي ينص عليها المشرع ويحدد مقدارها لتغطي نفقات المكلف ومن يعيل ليست منحه من المشرع أينما شاء ألغاها أو انتقص منها بل هي إعفاءات تمثل نفقات واقعية و تتأثر بالحالة الاقتصادية ونسبة التضخم وبالنتيجة فإن ما ورد في القانون الحالي من مقدار إعفاءات شخصية ومتعلقة بالمعالين ( بواقع 12 الف للمكلف و12 الف عن المعالين) هو مقدار حقيقي لا يجوز الانتقاص منه إلا اذا تحسنت الظروف الاقتصادية ووفقا للأرقام القياسية للمعيشة وانخفاض معدل التضخم، وهذا ما كانت تنص عليه صراحة المادة (13/هـ) من قانون ضريبة الدخل رقم (57 لسنة 1985 وتعديلاته ( الملغى) عندما كانت توجب على مجلس الوزراء إعادة النظر في الإعفاءات مرة أو أكثر كل خمس سنوات في ضوء الأرقام القياسية لتكاليف المعيشة، وأيضا هو ما كانت تنص عليه المادة (9/ هـ) من القانون المؤقت رقم (28) لعام 2009 والذي كان (يجيز) لمجلس الوزراء أن يعيد النظر في الإعفاءات وفقا لمعدلات التضخم، لكن عندما عرض القانون المؤقت على مجلس الأمة في حينها واجرى عليه بعض التعديلات أختفى النص ولم يعد موجودا في القانون الحالي (وقد يكون خوفا من أن يستخدمه مجلس الوزراء حينها لتقليل الإعفاءات بدلا من زيادتها) بالرغم من أن ذلك النص لم يعد له وجود في القانون الحالي ولا مسودة القانون المعدل إلا أن هذا لا ينفي وجود التزام دستوري على الحكومة والمشرع بمراعاة قدرة الأفراد على الدفع عند أي تعديل للإعفاءات فالإعفاءات ليست منحة من المشرع و إنما حق دستوري (م111من الدستور) يمثل قدرة الفرد على الدفع ، ولا مجال هنا للتلاعب بالعبارات بالقول أن من سيخضع هو الفرد الذي تجاوز دخله 750 دينار ( باعتبار أن مسودة مشروع القانون تعفي الفرد بواقع 9000 سنويا) وبالنسبة (للفرد الذي يعيل زوجة أو ابن أو جد أو حفيد ) فسيخضع من يتجاوز دخله 1500 دينارا لعام 2019 و 1416 دينارا لعام 2020 وما يليها ( باعتبار إعفاء الإعالة هو 9000 لسنة 2019 و 8000 لعام 2020 وما يليها) وهذا بحد ذاته فيه شبه خطيرة بمخالفة الدستور فكيف للمشرع أن يتوقع أن قدرة الفرد على الدفع ستتحسن بعد 2019 لينتقص من إعفاء الإعالة من (9000 دينار عام 2019 ليصبح اقل وبواقع 8000 للسنوات التالية) وهذا الانتقاد موجه للمادة (8) من مسودة مشروع القانون بكافة فروعها.
الملاحظة الخامسة : توجه للفقرة (أ/1) من المادة (9) من مسودة مشروع القانون فالأصل أن الشرائح التي تقابل النسب القانونية المتصاعدة تمثل شرائح وطبقات المجتمع واقعيا وقانون ضريبة الدخل قانون يحاكي الواقع ويعكس صورة المجتمع ويهدف إلى تقليص الفجوة بين الطبقات وخمسة الأف دينار ليست حجم شريحة واقعية ليخصص لها نسبة جديدة ترتفع كلما زاد الدخل خمسة آلاف بل ينبغي أن تختلف أحجام الشرائح صعودا لتعكس واقع المجتمع ، فالضريبة واجب وطني على القادر على الدفع وبنفس الوقت ليست عقوبة على الأغنياء وإنما لضمان ترابط المجتمع وتكافل أعضائه والقول بخلاف ذلك قد يؤدي إلى تقلص النشاط الاقتصادي والإخلال بالعدالة الاجتماعية ، كما ننتقد الفقرة (أ /2) والتي تنص تطبق على : (الذي لا يقل دخله الصافي عن 300000 دينار بنسبة 25% عن كل دينار من الدخل الصافي ) فسيادة القانون والعدالة والمساواة الاجتماعية ومبدأ التكليف التصاعدي التي نص عليها الدستور تسري على جميع الأفراد ( الأقل ثراء والأكثر ثراء) وهذا النص ينطوي على تمييز وشبة مخالفة الدستور فالتصاعد المشار إليه في الفقرة (أ /1) يسري على الجميع وهذه الفئة ستخضع واقعيا إلى أعلى نسبة تصاعد ( 25% ) لكن بالنسبة لأول 20 الف دينار من دخلها الخاضع ستعامل معاملة غيرها من الأفراد الخاضعين للضريبة ( أي الأصل أنها ستخضع لتدرج النسب من 5% إلى 25%).
الملاحظة السادسة : وتشمل الملاحظة على الفقرة (ب) من المادة (9) من مسودة مشروع القانون ما يلي: أولا – تضمنت مسودة المشروع رفع النسبة على القطاع الصناعي لتصبح 20% وجعل هذا الرفع تدريجيا وعلى خمس سنوات على التوالي ( 15% لعام 2019 و 16 % لعام 2020 ... وهكذا بنسبة زيادة سنوية 1% لتصبح 20% عام 2024 ) وليس كل الأنشطة الصناعية ستحظى بهذه المعاملة وإنما ووفقا للفقرة (هـ) من المادة (9) من مسودة مشروع القانون فتحديد الأنشطة الصناعية التي تخضع لهذه المعاملة سيتم بناء على نظام يصدره مجلس الوزراء، وهذا يعد بمثابة زيادة للضريبة على جرعات رغم الوضع الاقتصادي القائم ورغم حاجة قطاع الصناعة للدعم ورغم أن ارتفاع النسب على شركات التأمين والتأجير التمويلي وغيرها سينعكس بالضرورة على قطاع الصناعة ، والطريف ذكره هنا بأن الشركات وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العاملة في مجال القطاع الزراعي فستفرض عليها الضريبة بنسبة 20% ومن أول سنة دون أي تدريج. كما أن المؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة (و يشمل هذا أي جهاز من أجهزة الدولة له شخصية معنوية مستقلة كالجامعات الرسمية ومؤسسة الضمان الاجتماعي) والبلديات وغيرها فستخضع مباشرة بناء على قرار مجلس الوزراء لنسبة 20% عن دخلها من بدلات الإيجار والخلو والمفتاحية وربح أي نشاط استثماري أو فائض الإيراد السنوي الذي يقرر مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير إخضاعه للضريبة، والتخوف هنا من عودة تطبيق ضريبة الدخل على الجامعات الرسمية بحجة أن نصوص القانون ستطبق بالرغم مما ورد في أي قانون آخر، رغم أن المادة (26) من قانون الجامعات الأردنية رقم (18) لسنة 2018 نصت على إعفاء الجامعات الرسمية من أي ضرائب أو رسوم حكومية أو بلدية أيا كان نوعها، ثانيا – تضمنت مسودة مشروع القانون رفع النسبة على الشركات العاملة في مجال صناعة الأدوية والألبسة بالتدريج وعلى مدى خمس سنوات لتصبح اعتبارا من 2024 بنسبة 20% ، والصياغة هذه تضمنتها الفقرة (د/2) من مسودة مشروع القانون وهذه الصياغة تسويقية لمشروع القانون ويكتنفها غموض بالنسبة لغير المتخصص والمقصود بها إعطاء مشروع القانون طابع أنه سيخفض الضريبة على هذا القطاع في حين أن الحقيقة عكس ذلك ، أي أن الضريبة على هذا القطاع ستنخفض عمليا لسنة 2019 فقط لتصبح بنسبة 10% ثم ترجع إلى وضعها الحالي 14% عام 2020 وبعد ذلك تبدأ بالارتفاع، فسنة 2021 ستصبح 16% ، ثم 2022 ستصبح 18% ، 2023 ستصبح 19% ، لتستقر بعدها أي 2014 وما بعدها عند نسبة 20%
الملاحظة السابعة : يؤخذ على الفقرة (ج) من المادة (9) من مسودة مشروع القانون ما يلي: أولا- أن فرض ضريبة تكافل اجتماعي بنسبة 1% على دخل الشخص الطبيعي بغض النظر عن خضوعه لضريبة الدخل أي حتى لو كانت إعفاءاته أعلى من دخله هو فرض ضريبة رؤوس غير جائزة دستوريا فالضريبة تفرض على الدخل وليس على الشخص وقد يقول أحدهم هي تقتطع بنسبة 1% من الدخل الصافي للفرد أو الدخل الخاضع للموظف وبالتالي هي على الدخل فالإجابة ستكون ببساطة الضريبة التي تفرض على الدخل تراعي قدرة الفرد على الدفع فلو كان دخله لا يتجاوز إعفاءاته هل سيعفى من ضريبة التكافل ؟ سوف لن يعفى منها طالما أن عنده دخل صافي اذا كان فرد أو دخل خاضع إذا كان موظف أي بالنسبة للموظف عمليا اذا كان عنده دخل خاضع فأول نسبة ضريبة ستفرض عليه ستكون 6% وليس 5% ( 5% ضريبة دخل و1% ضريبة تكافل ) أما اذا كان فرد عادي (ليس موظف ) فإن ضريبة التكافل الاجتماعي ستفرض عليه حتى لو غطت إعفاءاته دخله الصافي وليس عنده دخل خاضع للضريبة، كما أن هذه الضريبة تفرق بين الموظف وغير الموظف، فغير الموظف سيدفعها وان كانت إعفاءاته اكبر أو تساوي دخله الصافي أي لو كان دخله الخاضع صفر ، أما الموظف فلن يدفعها إلا اذا كان عنده دخل خاضع وتقتطع من دخله الخاضع ، أي أن مشروع القانون يفرق بين الموظف وغير الموظف في ضريبة التكافل الاجتماعي ( فلنفرض أن فرد عادي لا يعيل أحد دخله الصافي 9000 دينار وإعفائه الشخصي 9000 دينار، أي دخله الخاضع صفر فسيدفع ضريبة تكافل (9000 دخل صافي × 1% =90) تسعين دينار) أما لو كان موظف لا يعيل أحد بنفس الحالة ( دخله الصافي 9000 ، إعفاءه 9000 أي دخله الخاضع صفر، فضريبة التكافل ستكون = دخله الخاضع × 1% = صفر) ، فأولا هذه الضريبة ضريبة رؤوس بالنسبة للمكلف الفرد وضريبة دخل إضافية بالنسبة للمكلف الموظف وتميز بين الموظف والمكلف الفرد وتخالف الدستور صراحة وبلا شبهه، واذا كان المقصود بهذه الضريبة الندم على إلغاء قانون ضريبة الخدمات الاجتماعية رقم (89) لسنة 1953 وتعديلاته والذي تم منذ نفاذ القانون المؤقت رقم 28 لسنة 2009 والى الآن بحيث أن ضريبة التكافل تحاول إعادة ضريبة الخدمات الاجتماعية إلى الوجود بعد موتها عام 2009 فضريبة الخدمات الاجتماعية كانت أكثر عدالة من ضريبة التكافل الاجتماعي حيث كانت تفرض بنسبة 10% من ضريبة الدخل المستحقة أي من ليس عنده دخل خاضع للضريبة سواء كان فرد عادي أو موظف لم يكن يخضع لها طالما أنه لم تفرض عليه ضريبه دخل، ثانيا- ما ورد في الفقرة (ج/ 2) من نص المادة (9) في مسودة مشروع القانون من فرض ضريبة تكافل اجتماعي على صافي أرباح الشركات بنسبة 1% لغايات دعم البحث العلمي ومكافحة الفقر ليس أمرا جديدا وإنما نسبة 1% التي تفرض على صافي أرباح الشركات قديمة في التشريع الأردني وليست بإنجاز يحسب لمسودة القانون وإنما محاولة من مسودة مشروع القانون لإحياء نصوص ملغاة ، فقد كانت نسبة 1% موجودة ضمن القانون المؤقت رقم (24 لسنة 2009 المعدل لقانون التعليم العالي والبحث العليم (الملغى) على الشركات المساهمة العامة فقط) ، كما كانت نسبة 1% موجودة في المادة (8) من قانون مجلس التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني رقم (46) لسنة 2008 قبل أن تلغى تلك المادة بموجب قانون ضريبة الدخل المؤقت لعام 2009 والقانون الحالي رقم (34) لسنة 2014 وقد كان النص على النحو التالي : " ما نسبته(1%) من الأرباح الصافية القابلة للتوزيع في الشركات المرخص لها بالعمل في أي منطقة داخل المملكة باستثناء شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة" ، والجديد أن مسودة مشروع القانون تريد أن تعيد نسبة 1% إلى الحياة من جديد لتشمل كافة الشركات، وتسميتها بضريبة التكافل الاجتماعي لإقناع الأفراد أنها فرضت عليهم كما فرضت على الشركات، وهي تسمية غير صحيحة وإنما هي ضريبة دعم البحث العلم تم إضافة كلمة مكافحة الفقر لها، وليس صحيحا القول بأن ما يسمى ضريبة التكافل الاجتماعي مخصصة لغايات محددة حيث لم تتضمن مسودة مشروع القانون هذا التخصيص وليس لها من التخصيص إلا اسمها والأصل اذا كانت مخصصة لغاية محددة أن تصب في صندوق ينشأ لهذه الغاية أو احد الصناديق القائمة قياسا على ضريبة المعارف المفروضة حاليا بنسبة 2% على كل عقار بموجب المادة (42) من قانون التربية والتعليم حيث أن لها صندوق تصب فيه بخلاف ذلك ستدخل الخزينة مباشرة.
الملاحظة الثامنة: الانتقاد هنا يوجه للمادة (12) من مسودة مشروع القانون: والتي تنص " تعتبر ضريبة الأبنية والأراضي المدفوعة من المكلف داخل مناطق أمانة عمان والبلديات نفقة مقبولة ضريبياً" ، في حين أن الفقرة (ب) من المادة (18) من القانون الحالي تنص على أنه ( للتوصل إلى رصيد الضريبة المستحقة يجري تقاص ما نسبته (100%) من ضريبة الأبنية والأراضي داخل مناطق أمانة عمان و البلديات التي يدفعها المكلف في أي سنة عن العقارات المؤجرة التي تأتى له منها دخل من ضريبة الدخل المستحقة عليه)، والنص الذي تضمنته مسودة مشروع القانون هو ثمرة محاولات مستمرة من قبل الحكومات المتعاقبة للتخلص من تقاص(بمعنى خصم) ضريبة الأبنية والأراضي من ضريبة الدخل واعتبارها نفقة فقط فالقانون رقم 57 لسنة 1985 وتعديلاته (الملغى) كان ينص في المادة (21) على تقاصها(خصمها) بالكامل أي بنسبة 100% لكن جاء القانون المؤقت رقم (28) لعام 2009 (الملغى) فجعل نسبة التقاص 50% وهذا ليس في صالح من له دخل من الإيجارات، و عندما عرض القانون المؤقت على مجلس الأمة في حينها أعادها إلى 100% (القانون الحالي رقم 34 لعام 2014 ) والآن مسودة مشروع القانون تحاول من جديد تحقق ما لم تحققه كل المحاولات السابقة بتحويل ضريبة الأبنية والأراضي إلى نفقة بالنسبة لمن له دخل من الإيجارات، فمن له دخل من الإيجار ( يؤجر عماره أو شقة مثلا) يخضع لضريبة الأبنية (المسقفات) عن دخله في بداية السنة وفقا لقانون ضريبة الأبنية والأراضي ( وحقيقة هذه الضريبة بالنسبة له ضريبة دخل واقعيا مفروضة على دخله من تأجير عقاراته، وفي نهاية نفس السنة سوف يخضع لضريبة الدخل وفقا لقانون ضريبة الدخل على دخله من تأجير عقاراته مرة أخرى ، أي انه خضع للضريبة مرتين على نفس الدخل من تأجير عقاراته: مرة باعتبارها ضريبة أبنية ومرة باعتبارها ضريبة دخل وهذا الازدواج الضريبي معالج في القانون الحالي بأن نخصم ضريبة الأبنية التي دفعها عن دخله من تأجير العقارات من ضريبة الدخل التي فرضت على دخله من تأجير عقاراته ويدفع الفرق ، أما مسودة مشروع القانون فلم تجز له خصم ضريبة الأبنية من ضريبة الدخل عن تأجير عقاراته وإنما اعتبرتها كمصروف أي أنه سيدفع ضريبة دخل مرة أخرى عن ذات النشاط ولنفس السنة وهذا محاولة من صائغي مسودة مشروع القانون للعودة إلى الوراء بعيدا عن العدالة الدستورية بدلا من محاربة الازدواج الضريبي، والأصل كما أنه لا يجوز معاقبة الشخص عن ذات الفعل مرتين في القانون الجزائي ، فلا يجوز محاسبة الشخص عن نفس الدخل مرتين في القانون الضريبي لكن مسودة مشروع القانون تجيز محاسبة الشخص عن ذات الدخل مرتين وبضريبتين (مرة باسم ضريبة الأبنية ومرة باسم ضريبة الدخل).
الملاحظة التاسعة : أولا – إن المادة (21) من مسودة مشروع القانون في بندها الأول تجيز للمدير فرض ضريبة مقطوعة من قيمة مبيعات أي شخص لا تزيد مبيعاته عن مائة وخمسين الف دينار بحيث لا تقل عن 2% من قيمة مبيعاته ، وهذا الضريبة المقطوعة يتم فرضها بغض النظر عن جميع إعفاءات المكلف لأنها تفرض بنسبة 2% من مبيعات الشخص مباشرة، و شبهة عدم دستورية الضريبة المقطوعة واضح سواء في القانون الحالي أو مسودة مشروع القانون المقترح لان نصوص القانون المتعلقة بالإعفاءات هي حق للمكلف وليست منحة حتى تأتي هذه المادة فتجيز للمدير فرض ضريبة مقطوعة بنسبة ثابته وليست تصاعدية لا تراعي الإعفاءات أي لا تراعي التكليف التصاعدي ولا قدرة الأفراد على الدفع ، وهذا النوع من المواد يحول ضريبة الدخل إلى ضريبة غير مباشرة ويجعل أي شخص تفرض عليه قد يقبل الخضوع لها لأنه يعرف من بداية السنة مقدار الضريبة التي سيدفعها مما يسهل عليها نقل عبئها لغيره، أي أن هذا النص يشجع على الانعكاس الضريبي ويغير طبيعة ضريبة الدخل من ضريبة مباشرة تفرض على الشخص الأكثر قدرة على الدفع إلى ضريبة غير مباشرة (لا تختلف عن الضرائب الجمركية والرسوم التي يمكن نقل عبء الخضوع إليها إلى المواطن (المستهلك) مباشرة) ، ومن يدفع هذه الضريبة المقطوعة لن يكون المكلف بها وإنما الشخص العادي. ثانيا- إن المادة (21) من مسودة مشروع القانون في بندها الثاني تجيز للمدير فرض ضريبة حد أدني من ضريبة الدخل على أصحاب المهن الحرة أو بعض فئات منهم وهذا يعني أيضا أنه وبغض النظر عن إعفاءات أصحاب المهن الحرة هذا النص يجوز للمدير أن يفرض على أي صاحب مهنه حرة مبلغ ضريبة دخل كحد أدنى يدفعه سنويا ، وهذا النص يشمل كل أصحاب المهن الحرة (المحامين، الأطباء ، المهندسين، الصيادلة ، المؤلفين...الخ) أي حتى لو كانت إعفاءات هؤلاء أكبر من دخلهم فالحد الأدنى من الضريبة الذي يحدده المدير لابد من دفعه.
الملاحظة العاشرة: إن المادة (35) من مسودة مشروع القانون ألغت النص الأصلي الذي يجيز للمدير المصالحة على جرائم التهرب الضريبي مقابل دفع الضريبة والغرامات ونصف الغرامة التعويضية (عقوبة التهرب الضريبي ) وهذا يوحي سطحيا بأن الهدف من مسودة مشروع القانون التشدد مع المتهرب ضريبيا لكن التمعن في قراءة هذا النص المقترح إلغائه يوحي بخلاف ذلك حيث أن الأفضل بقاء النص الذي يجيز المصالحة مقابل دفع الضريبة والغرامات التعويضية (مع تقييد أن تقتصر على التهرب الضريبي لأول مرة أو حتى دون تقييدها)، فالغاية من المصالحة المذكورة في النص الحالي انه بدلا من الانتظار فترة زمنية قد تصل إلى سنوات حتى يصدر الحكم القضائي بالتهرب الضريبي والذي سيكون في النهاية مبلغ مالي (غرامة تعويضية ) ولا ننسى احتمال عدم ثبوت جريمة التهرب الضريبي وبراءة الشخص أو عدم مسؤوليته لعدم كفاية الأدلة أو لخطأ في الإجراءات فإيهما أفضل إلغاء المصالحة كوسيلة لتسوية المنازعات الضريبية أم بقاء المصالحة وتحصيل الضريبة والغرامات ونصف العقوبة المالية على التهرب ( نصف الغرامة التعويضية) خاصة أن التضخم في ازدياد و القيمة الفعلية للنقود تقل من سنة إلى أخرى في ظل ارتفاع الأسعار محليا وعالميا ، فضلا على أن الخزينة عند المصالحة ستضمن سرعة الحصول على المبالغ و ستوفر نفقات الملاحقة القضائية واحتمال عدم ثبوت جريمة التهرب أو صعوبة إثباتها وهو احتمال واقعي فشروطها وأوصافها كثيرة كما اشرنا.
الملاحظة الحادية عشرة: إن المادة (35) من مسودة مشروع القانون تضمنت عفو ضريبي سخي جدا لدرجة لا يتحملها عقل للأسباب التالية : أولا - إن الفقرة (1) المقترحة تجيز للمدير إجراء مصالحة(تسوية قضايا) على كافة قضايا ضريبة الدخل وضريبة المبيعات المسجلة قبل 31 كانون الأول 2017 مقابل ما لا يقل عن 25 % من المبلغ المتنازع عليه ، وهنا نقول ما علاقة قضايا ضريبة المبيعات بالموضوع؟ ولماذا هذا السخاء؟ (مسودة قانون ضريبة دخل تجيز للمدير عمليا التنازل عن (قضايا ضريبة المبيعات) وليس قضايا ضريبة الدخل فقط واي مبالغ أخرى بناء على طلب المكلف مباشرة مقابل ما لا يقل عن 25% من المبلغ المتنازع عليه).ثانيا- إن الفقرة (ب) تجيز في مطلعها للمدير الإعفاء من الضريبة والغرامات والفوائد ( والإعفاء من الغرامات والفوائد مفهوم رغم انتقاده لكن الإعفاء من الضريبة المستحقة سيزيد من التهرب الضريبي فعليا لأنه اصبح هناك قناعة متجذرة في المجتمع الأردني أن هناك إعفاء مالي سنوي (تنزيلات نهاية الموسم في نهاية كل سنة) وهناك تعديل لقانون الضريبة كل ثلاث إلى خمس سنوات والنتيجة تشجيع المتهرب على التهرب وتشجيع الملتزم بدفع الضريبة على التهرب منها وانتظار العفو المالي (القادم وهكذا) ، ودستوريا لا يجوز التنازل عن المال العام والضريبة مال عام ، كما لم يجز القانون المدني في المادة (60) الحجز على المال العام أو التصرف به أو التنازل عنه. ثالثا- إن الفقرة (ب/1) من المادة (35) من مسودة مشروع القانون تشجع وبامتياز على التهرب الضريبي حيث نصت على أعفاء كل شخص لم يقدم الإقرار الضريبي أو لم يتم التقدير والتدقيق عليه قبل نفاذ مسودة مشروع القانون من (الضريبية والغرامات المتحققة على دخله عن كل الفترات الضريبية السابقة - كل السنوات قبل عام 2018) كل ذلك مقابل أن يقدم إقرار ضريبي لسنة 2018 وما تلاها، أي لو كان لم يدفع ضرائب ولم يعلن عنها ولم يتم التقدير والتدقيق عليه من سنة أو سنتين أو خمسين سنة أو أكثر أو أقل فسيعفى من كل تلك الضرائب والغرامات ويعود كيوم ولدته أمه، لكن الأولى بدلا من هذا الإعفاء السخي وغير الدستوري أن تبادر دائرة الضريبة إلى اكتشاف هؤلاء الأشخاص فهم عمليا يعلمون بوجود الضرائب ومعظمهم متهربين ضريبيا وعليهم ضرائب مستحقة للخزينة حتى يكونوا عبرة لغيرهم وليس الطبطبة عليهم ومداراتهم بالقول قدموا إقرارات عن سنة 2018 وما بعدها ومسامحين بكل ما سبقها فأي منطق هذا وأين سيادة القانون.
وختاما كل الثقة والفخر والاعتزاز بالجهود الجادة والحثيثة التي تبذلها حكومة دولة رئيس الوزراء د.عمر الرزاز وسعيها الدؤوب للإصلاح والتطوير وترسيخ سيادة القانون وتقديم كل ما هو في مصلحة الوطن والمواطن في ظل توجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.
د.موفق المحاميد
أستاذ مشارك في القانون الإداري والمالي
كلية القانون جامعة آل البيت