الحوار وسيلة فعالة وناجعة لحل المشكلات عموما، فكيف إذا كانت هذه المشكلات متعلقة بحاضر ومستقبل الوطن؟، كيف إذا تعلق الأمر بمستقبل وطموح جيل بأكمله؟، كيف إذا تعلق الأمر بجيب المواطن وأوضاعه المالية المتردية أصلا؟، في كل هذه الفروض تتجلى أهمية الحوار الهادف البناء.
وكلنا ندرك أن الضرائب ليست أمرا مستجدا بل هي موجودة منذ فجر التاريخ، وفكرتها تقوم على أساس أنها تقتطع كبديل للخدمات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية المنصوص عليها في الدستور، فهي بهذا المعنى ليست مصدرا لمعالجة العجز أو التقصير في حماية المال العام من النهب، ولذلك، كان هناك رفض شعبي كبير لحزمة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة وأدى ذلك لاندلاع احتجاجات شعبية واسعة اتسمت بالسلمية والعقلانية كما أنها اتسمت بالوضوح والواقعية، وعلى أثر هذه الاحتجاجات تمت إقالة الحكومة على أمل استبدالها بفريق وزاري قادر على التعامل مع الأزمات وحلها وليس ترحيلها.
وقد اجتاحت نفوس المواطنين موجة من التفاؤل والأمل بأن الرزاز بشخصيته المتزنة وكفاءته العلمية سيتمكن من العبور بالشعب من هذه المرحلة الصعبة، وكان من ضمن اقتراحات الحكومة إطلاق حوار حول قانون الضريبة المقترح،.
وخطوة الحوار بحد ذاتها تعتبر خطوة جيدة وتطور كبير في نهج الحكومة لكن هذا السعي المحموم أثبت عدم جدارته في التواصل مع المواطنين.
وأولى أسباب فشل هذا الحوار هي نظرة التشاؤم وعدم الثقة بين المواطن الفقير المتعب والمسؤول المرفه، وثاني هذه الأسباب هو عدم اعتياد الناس على هذا النوع من الحوارات وعدم وجود أسس واضحة لاختيار الأشخاص المناسبين للحوار كالقدرة على التقبل واستيعاب وجهات النظر كافة في جو من الاحترام والشعور بحجم المسؤولية.
إن ما حدث مع الوزراء في مختلف المحافظات غير مقبول، ويحتاج إلى إعادةالنظر في الاستراتيجيات والخطط الوطنية المتعلقة بالإصلاح والتنمية، ويجب بذل مزيد من الجهد والتفكير لإعادة الثقة بين المواطن والدولة بكل شفافية، والعمل على إحياء قيمنا العظيمة الأصيلة التي تدعو للاحترام وحسن المعاملة والصدق النابع من منطلق أننا شعب واحد في وطن تحفه الأخطار ويتطلب يقظة حقيقية ووعي من جميع الأطراف.