منتصف ايلول وذكريات لا تنسى
سهير بشناق
21-09-2018 12:22 AM
في يوم مضى وفي ساعة ما رحل .... لم تكن بعد قد نضجت بما يكفي لاستعياب ذاك الحزن برحيله كانت لا تزال على مقاعد الدراسة لم تتمكن لحينها من توديع عالم الطفولة الذي كان هو جزءاً منه ...
لم يكن رحيله موجعا فقط بل كان انكسار داخلياً وضعفاً كبيراً شعرته عندما رحل وما اوجع الرحيل لمن نحب ....
هو لم يكن مجرد ابا بل كان مصدر الشعور بالحياة وامنها واستقرارها .... كان لها عالماً باكمله تدرك جيدا ان قلبه ووجوده يشعرها بدفء العمر يمدها بذاك الشعور الجميل الذي لا يتكرر الا بوجوده ومكانته فقط لا تذكر انه قد كان سببا في اي يوم من الايام الا بفرحها وبمدها بالحب والعطف ...
هي تلك الفتاة التي تحتاج من والدها ان يشعرها بوجودها والا يكون مجرد ابا لها بل مرفأ آمان ومساحة من الاستقرار يمنحها اياها لتكبر وهي مستمدة هذه الارادة منه فقط ...
جميلة تلك العلاقة التي تجمع الفتاة بابيها عندما تكون مختلفة تشعر خلالها بان العالم يبدا به وينتهي عند حدود قلبه وعطفه ....
جميلة تلك العلاقة عندما تشعر الفتاة ان هناك قلبا يتسع لها يحتويها بكل حالاتها يكون لها ابا وصديقا وهي كانت معه كذلك واكثر ...
لا تذكر سوى صورته وهو رجل هادىء متزن يمتلك من مشاعر الحنان الكثير والقدرة على اشعارها بان الحياة جميلة ...
لا تذكر سوى مرحلة الطفولة واحتياجها له وقدرته على مدها بكل ما تحتاجه من حب وعطف لتكبر وهي قادرة على فهم الحياة اكثر وتمتلك من الثقة بذاتها ووجودها لا تذكر سوى هذه العلاقة الجميلة التي بانتهائها بدت مختلفة تغير شيء ما في اعماقها اكتشفته مع مرور السنوات والمواقف والتجارب بالحياة ...
في لحظة رحيله لم تكفها دموعها ولا المها وحزنها لتستمر دون وجوده شعرت حينها ان جناحاً من اجنحتها قد انكسر كعصفور لم يعد يقوى على التحليق بجناح واحد برغم كل من حوله يدفعه للتحليق من جديد ...
كان رحيلا موجعا نقلها من عالم الطفولة الى عالم اخر عليها اليوم ان تكون به انساناً اخر ... لانه لم يعد لها ابا يمد لها يديه .... لم يعد لها مكانة تشعر بها بدفء العمر بعد رحيله ....
غيرها هذا الرحيل بالقدر الذي تعرفت عليه عن معاني الحزن بالحياة ومعاني ان يفقد الانسان من يحب من كان له الحياة باكملها بالرغم من حاجتها للاستمرار بالحياة وهي تخفي باعماقها الم الانكسار والرحيل لم يكن بايامها في مواقف كثيرة بحياتها تذكر جيدا حاجتها له يوم زفافها يوم ستغادر به بيتها وزواياه وذكرياتها ....
كانت تشعر برغبة كبيرة بوجوده باحتضانه من جديد لتكون فتاة تمسك بيد ابيها في يوم عمرها وتسير معه وهي تشعر بمعنى ان يرافقه ابيها بذاك اليوم ...
كانت تشعر بانها فقدت ذاك القلب وتلك القوة التي ترتكز عليها كل فتاة بحياتها الجديدة لتمدها بمشاعر جميلة تشعرها بان هناك من ينتظرها دوما بقلب كبير وبحنان لا مثيل له يبدد اوجاعها ومنه وبه تستمد قوتها للاستمرار ولمواجهة اي ضعف يعتريها .
لطالما استعادت صورته بذاكرتها لطالما حادثته بينها وبين ذاتها بكت امامه وعبرت له عن احتياجها له ولو ليوم واحد فقط لطالما تعبت من الذكريات الجميلة ولمشاعر الشعور بالقوة والآمان افتقدتها كثيرا واوجعتها لكنها كانت لا تقوى سوى على الاستمرار بهذا العمر وهي تدرك جيدا ان مثله لن يكون ولن يعود ...
اليوم بعد مرور سنوات طويلة على رحيله ياتي ايلول ليعيد لها من جديد هذا الوجع لتستعيد لحظات رحيله بكل ما تحمله من الم وحزن ....
هو ذاك اليوم الذي لا يغيب عن ذاكرتها هي تلك اللحظات التي غيرتها كثيرا لتدرك بعدها ان الاب وجود لا يتكرر لانه الانسان الوحيد القادر على بث كل المشاعر الجميلة الدافئة بحياتها التي لا زالت الى اليوم تفتقدها وتحن اليها وتشتاق لان تردد كلمة ” بابا ” من جديد لكنها لن تفعل ولن تنسى
الرأي