في مجتمعنا اليوم بلبلة فكرية عظيمة وأضطراب في الميول والعقائد واسع عريض .فقد اختلف الناس في منازع الرآي اختلافا شديدا ،وتباينوا في مذاهبهم الفكرية والخلقية والسلوكية تبايناً واضحا .فهذا مادي وهذا واقعي وذلك خيالي.
وهذا ملتفت الى عالم الغيب وذاك الى عالم الشهادة ..وآخرون لا الى هؤلاء ولا هؤلاءيهيمون في كل واد ويتبلغون في كل زاد فهم كحاطب الليل يجمع ما تيسر دون إستبصار ولا تمييز.والذي زاد في الطنبور نغمة إن تلك البلبة الفكرية رافقتها عصبية للرأي لا تتزحزح وعنف في منازلة الخصم يتجاوز تجاوز حد الجدل الفكري النزيه ،حتى أصبح المرء يتسأل في حيرة يائسة ما مصير الفكر هذا الذي أصبح أهلها غريبا بعضهم عن بعض ولا يفهم الأخ أخيه .
لو إن معركة الرأي بقيت في تلك الحدود ،ولكن الفاجع في الأمر صناعة تلك الاتجاهات ،وإتخاذ تلك النزعات بدلا من ان يكون نتيجة إقتناع مخلص جر اليه مجرد البحث عن الحقيقة ،أصبحا نقطة إنطلاق الى جهاد طاحن تلهبه حمم الاهواء والشهوات والمطامع .ولا ريب إن هذا الجهاد المسعور لا يقيم وزنا لمبادىء المنطق السليمة ،ولا يراعي حرمة لقواعد الاخلاق المستقيمة.
فلا يجوز أن نضل في إضطراب فكري نتخبط فيه الى غير أمد ونتلجلج فيه الى غير مستقر ،والقصد من هذا الحديث أن نضع أنفسنا موضع المشرعين الذين يقننون لبلدهم ومجتمعهم وجهة نظر وأن نفعل ذلك في عجالة سريعة ونؤمن ببعض النقاط التي تعيننا على رسم نوع من الأطار يصلح بأحاطة شعورنا وفكرنا وعملنا في مجتمعنا.